سلطات الاحتلال الإسرائيلي تقطع طريق الفلسطينيين إلى ينابيع المياه

صادرت عيادة متنقلة ونقلت حاجزًا عسكريًا لإبعادهم وتمكين المستوطنين منها

سلطات الاحتلال الإسرائيلي تقطع طريق الفلسطينيين إلى ينابيع المياه
TT

سلطات الاحتلال الإسرائيلي تقطع طريق الفلسطينيين إلى ينابيع المياه

سلطات الاحتلال الإسرائيلي تقطع طريق الفلسطينيين إلى ينابيع المياه

قررت وزارة الدفاع الإسرائيلية نقل حاجز عسكري في جنوب القدس، لتمكين المستوطنين الإسرائيليين من الوصول إلى «نبع حانيا». وحسب القرار، يقام الحاجز الجديد في داخل الأراضي الفلسطينية المجاورة، ما يعني منع الفلسطينيين من الوصول إلى النبع.
ونبع حانيا، هو أحد الينابيع الوفيرة في جبال القدس، ويقع على الشارع الذي يربط القدس بمستوطنة هار جيلو وقرية الولجة، وتقوم فيه بركتان عميقتان ونقيتان. ويعتبر هذا النبع بالنسبة لسكان الولجة موقعًا مهمًا يستغلونه للتنزه والسباحة وتشرب منه أغنامهم. كما يصل إلى المكان بشكل دائم عائلات من بيت جالا وبيت لحم وبلدات أخرى في الضفة. وفي الأشهر الأخيرة، تقوم سلطة تطوير القدس وسلطة الآثار وسلطة الطبيعة والحدائق القومية بأعمال واسعة في المكان، حيث يجري التنقيب عن الآثار هناك. ويجري في إطار هذه الأعمال تجفيف البرك وتنظيفها، وإنشاء مسارات وأسيجة، وترميم مبنى لتحويله إلى مطعم. وفي الأسابيع الأخيرة، نوقش مخطط لنقل الحاجز، الذي يبعد اليوم مسافة 1.5 كيلومتر عن النبع، باتجاه القدس. وتهدف هذه الخطوة، إلى فتح الطريق إلى النبع أمام الزوار الإسرائيليين. وجرى خلال النقاش، اقتراح نقل الحاجز إلى منطقة مجاورة تمامًا للنبع، إلا أن الجهاز الأمني فضل نقله إلى الأراضي الفلسطينية، الأمر الذي يعني أن الوصول إليه سيتاح فقط للإسرائيليين وللفلسطينيين الذين يحملون تصاريح دخول. وقد سبق للسلطات الإسرائيلية أن انتزعت من سكان الولجة ينابيع أخرى، وحولتها إلى مناطق سياحية. فمثلا تحول نبع يالو إلى مزرعة للخيول، وموقع تعليمي وأثري محاط بسياج، وتحول نبع البلاد إلى «نبع ايتمار»، ونبع الليخ إلى «نبع لبان». وتم ضم هذين النبعين إلى البارك الواسع.
وفي السياق نفسه، قامت الإدارة المدنية التابعة للجيش، بمصادرة بيت متنقل، استخدم كعيادة في قرية المركز الفلسطينية في منطقة يطا، جنوب جبل الخليل. وأعرب السكان ورئيس المجلس المحلي عن تخوفهم من قيام الإدارة المدنية بمصادرة بيتين متنقلين آخرين، يستخدمان كعيادتين في قريتي سفاي ومغاز. وهذه ثلاث قرى من مجموع 12 قرية صغيرة قائمة منذ قبل 1967، في منطقة أعلنتها إسرائيل منطقة تدريبات عسكرية، تحمل الرقم 918، وتطالب أكثر من ألف مواطن يقيمون في ثمان من هذه القرى، بالرحيل عن بيوتهم. وتمنع إسرائيل ربط هذه القرى بشبكات المياه والكهرباء، كما تمنع البناء فيها، حتى للأغراض العامة، كالعيادات والمدارس. وقالت الإدارة المدنية، إنه جرت مصادرة البيوت المتنقلة بسبب وضعها في المكان من دون الحصول على تصريح من الأجهزة المسؤولة في منطقة إطلاق النار 918، التي يشكل كل وجود فيها خطرًا على الجمهور».
يشار إلى أن السلطة الفلسطينية كانت تقدم الخدمات الصحية في قرى منطقة يطا، في الخيام. وحسب معطيات وزارة الصحة الفلسطينية، يصل إلى هذه العيادات نحو 400 مريض شهريًا، من بينهم نحو 90 مصابا بأمراض مزمنة، ونحو 120 طفلاً. وفي مطلع السنة، جرى تخصيص طاقم طبي أكبر لهذه الطرق، لكن يصعب تقديم الخدمات في الخيام بسبب الأوضاع الجوية في المنطقة. لذلك جرى قبل عشرة أيام، إحضار بيوت متنقلة مزودة بمرحاض وخزان مياه، إلى قرى المركز وسفاي ومغاز، لكن الجيش صادرها. وفي أعقاب ذلك، قدم رئيس مجلس مسافر يطا، نضال أبو عرام، التماسًا إلى المحكمة العليا، مطالبًا بأمر وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، ورئيس الإدارة المدنية، العميد أحوزا بن حور، بالامتناع عن تفكيك ومصادرة البيوت المتنقلة التي تستخدم كعيادات، خلال شهر، من أجل القيام بالإجراءات القضائية. ويوم الأحد الماضي، أمر القاضي نوعام سولبرغ الدولة بالرد على الالتماس خلال أسبوع، لكنه لم يستجب لطلب إصدار أمر احترازي يمنع تفكيك ومصادرة العيادتين.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».