دائمًا ما تشكل كرة القدم مهربًا أو ملاذًا بعيدًا عن ضغوط الحياة اليومية، لكنها تتحول إلى ذلك على نحو حرفي خلال فترة أعياد الميلاد في إنجلترا. وإذا لم تتمكن من حضور مباراة في الاستاد، فدائمًا ما يتوافر لديك جهاز راديو لتلصقه بأذنك وتنصت إليه باهتمام في أحد أركان غرفة المعيشة.
ها نحن نجلس مثل مسؤولين رومان داخل «الكولوسيوم»، وتظهر علينا أمارات الفخر والتباهي. إنه «يوم فتح صناديق الهدايا (يوم 26 ديسمبر/ كانون الأول التالي لعيد الميلاد)» داخل الملاعب، وكل ما يمكننا فعله الجلوس والإنصات إلى التعليمات المتسارعة وعبارات التحفيز المبهمة. أما المقعد، فيمثل امتدادًا لأريكة، بينما المباراة واحدة من مختارات برنامج «بيك أوف ذي داي» عبر «راديو تايمز». كان البعض يرتدي قبعات بابا نويل، بينما كان البعض الآخر يحتسي الشراب.
لمرة وحيدة، تلاشت مشاعر الغيرة، وأصبحت لدينا ميزة لا تتوافر لدى اللاعبين أنفسهم. في الوقت الذي كانوا يشاركون فيه في التدريب داخل الملعب أمس، كان الجمهور في عطلة يستمتعون بأوقاتهم برفقة أفراد أسرهم. وهنا جاء البرنامج ليذكرنا بأن مباريات كرة القدم تأتي في مثل هذا الوقت من العام مكثفة وسريعة، ويقدم بعض اللاعبين بعض أفضل صور الأداء لديهم على الإطلاق خلال هذا الموسم. وتشير دراسات إلى أنه خلال أيام 23 و26 و29 ديسمبر و2 يناير (كانون الثاني)، يصبح لاعبو كرة القدم من بين أكثر العاملين إنتاجية على مستوى بريطانيا.
وتساءلنا فيما بيننا: «هل هذا عيد ميلاد سعيد حقًا للاعبين؟». إذا التزمنا الصراحة، فسيتعين علينا الاعتراف بأن الجمهور قضى الجزء الأكبر منه يشعر بارتياح لأن ثمة مباراة في اليوم التالي يمكن الهروب إليها. لا شيء يعينك على الهروب من عمّ أو عمة من أصحاب الآراء السياسية المتشددة أفضل من مباراة في «يوم العيد». دائمًا ما تبدو كرة القدم ملاذًا يمكن الفرار إليه، لكنها تتحول إلى ذلك حرفيًا خلال أعياد الميلاد. وإذا لم تتمكن من حضور المباراة في الاستاد، فيمكنك لصق سماعة على أذنك والجلوس في ركن بغرفة المعيشة. وحتى الإنصات إلى برنامج «سوكر ساترداي» مع ضغط زر «كاتم الصوت» بالمذياع، يبدو تجربة مثيرة في حد ذاتها أشبه بالقفز داخل سيارة مسرعة.
أما خلال فترات الاستراحة بين الشوطين، فنجد أن كرة القدم وأعياد الميلاد تتداخلان لتخلقا داخل الأطفال شعورًا بالإثارة يفوق أي وقت مضى. ويتضاعف الشعور مع تدفق الزائرين من لندن وآيرلندا، بل ومن خارج البلاد. وبمرور الوقت، يتحول المكان إلى قاعة تضج بالضوضاء على نحو يفوق أي فصل داخل مدرسة، وتحمل الأجواء سلسلة لا تنتهي من الحديث والدردشة حول الحياة وموسم انتقالات اللاعبين.
وبالنسبة لمشجعي الأندية التي تلعب خارج أرضها في «يوم الصناديق»، فإن هذا الحشد يبدو متعة مؤجلة. وبعد أيام قلائل، ينتقل الحفل إلى منازلهم. وتعاد التجربة من جديد، فيما عدا أن خطوط السكك الحديدية تكون قد أعيد فتحها حينها، مما يعني عددًا أكبر من الحضور. ورغم كل المشاق التي يعانيها المشجعون في السفر وبرودة الجو، فإنه ليس هناك مكان آخر يتمنى عشاق كرة القدم الوجود فيه أفضل من الملاعب. وأخيرا، يحصل المشجعون القابعون داخل منازلهم على دورهم، حيث يخرجون من الأبواب الأمامية لمنازلهم باتجاه الضوء ويسيرون بخطوات تشبه الرقص ليقضوا أفضل أيام السنة على الإطلاق. في الواقع، متعة مشاهدة كرة القدم تبلغ منتهاها في ذلك الوقت من العام؛ تمامًا مثل استخدام الإنترنت في تبادل رسائل إلكترونية، أو تناول السلطة، لا يتوافقان مطلقًا مع هذا الوقت.
وتأتي جميع هذه المباريات لتخفي وراءها موسمًا يتحرك ما بين صعود وهبوط ويتقدم بسرعة نحو نهايته. وتتميز هذه الفترة تحديدًا بجوهر مثير وأهداف واضحة أمام أعين الجميع. وبعد ذلك تأتي لقاءات الدور الثالث ببطولة كأس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم لتمثل الأغنية الأطول في موسم الاحتفالات.
هذا هو موسم كرة القدم الأروع - وينبغي عدم إدخال أي تغييرات عليه - ليبقى كما هو تمامًا مثل أعياد الميلاد بطابعها المميز.
الأعياد والمباريات تلاقيان متعة يرفض الإنجليز تغييرها
الجماهير لا تحبذ إدخال أي تعديلات على برنامج الدوري خلال نهاية العام
الأعياد والمباريات تلاقيان متعة يرفض الإنجليز تغييرها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة