أعياد الميلاد وأصول الاحتفال به في القرن الـ 21 في بريطانيا

أعياد الميلاد وأصول الاحتفال به في القرن الـ 21 في بريطانيا
TT

أعياد الميلاد وأصول الاحتفال به في القرن الـ 21 في بريطانيا

أعياد الميلاد وأصول الاحتفال به في القرن الـ 21 في بريطانيا

ميلاد المسيح عيسى في 25 ديسمبر (كانون الأول) هو أهم تاريخ في الروزنامة المسيحية، وأصبح عطلة رسمية في المملكة المتحدة منذ سنوات طويلة. تكون كل الأماكن مغلقة تقريبًا يوم عيد الميلاد باستثناء المستشفيات، والشرطة، وخدمة المطافئ. لا تعمل القطارات، أو الحافلات، أو قطار الأنفاق، وتكون المتاجر المملوكة لغير المسيحيين هي فقط المفتوحة. الاستثناء الوحيد في ذلك هو الحانات حيث تفتح عدد من المقاهي أبوابها وقت الغداء، وذلك لأنه كثيرًا ما يتردد عليها الأزواج والآباء الحريصون على الهروب من صخب اللقاءات الاجتماعية في المنزل. في ظل الغياب التام للمواصلات العامة من الضروري حجز سيارة أجرة أو سيارة أجرة صغيرة مسبقًا من أجل السفر، إلا إذا كان لديك سيارة.
الكثير من تقاليد عيد الميلاد، التي يتم الاحتفال بها في المملكة المتحدة الآن، تعود أصولها إلى أفكار واردة من ألمانيا جلبها معها زوج الملكة فيكتوريا، الأمير ألبرت في منتصف القرن التاسع عشر. فكرة شراء ووضع شجرة عيد الميلاد المزينة بالزخارف الزجاجية، والأنوار داخل المنزل بوجه خاص، كانت فكرة ألمانية بحتة. كذلك يضع الكثيرون أشكالاً أخرى من الزينة داخل المنزل. وحتى وقت قريب كانت العائلات تصنع الزينة بنفسها، وكانت السلاسل المصنوعة من الورق مشهورة ومنتشرة، وكانت بالأساس عبارة عن قطع مستطيلة الشكل ملونة من الورق يتم لصقها ببعضها لتكوين شكل سلسلة تتدلى من السقف. ومنذ وقت قريب كانت الأنوار توضع خارج المنزل أيضًا. كثيرًا ما كانت البلدات والمدن تمتلك أشجار عيد الميلاد الخاصة بها فضلاً عن أنوار عيد الميلاد التي تنتشر في الخارج خصوصًا في شوارع التسوق.
وتوجد الأنوار في لندن في شارع ريجنت، وهناك شجرة عيد ميلاد ضخمة في ميدان ترفلغار. والشجرة هدية من النرويج تعبيرًا عن امتنانها لما قدمته المملكة المتحدة من مساعدة في تحرير النرويج من الاحتلال النازي عام 1945.
في الأسبوع السابق ليوم الميلاد، هناك تقليد يتمثل في حضور حفل جوقة. وتغني الجوقة في عيد الميلاد أغاني، بعضها ديني، والبعض الآخر ذو طابع علماني دنيوي.
أهم ما في عيد الميلاد في المملكة المتحدة هو تجمع أفراد الأسرة معًا يوم العيد لتناول وجبة، وتبادل الهدايا. يوم عيد الميلاد تذهب العائلات، التي يكون لديها معتقدات مسيحية قوية راسخة، إلى الكنيسة في الصباح. ومن المعتاد تناول ديك الحبش والخضراوات كوجبة أساسية بعد الظهيرة.
ويعد تبادل الهدايا جزءًا أساسيًا من اليوم، خصوصًا بالنسبة إلى الأطفال. ويقال للأطفال إن «بابا نويل»، الشخصية الأسطورية، وهو رجل عجوز يرتدي معطفًا أحمر، سوف يزورهم ليلة عيد الميلاد، ويترك لهم هدايا إما على طرف سريرهم، أو تحت شجرة عيد الميلاد. ويكون كثيرًا من الصعب على الآباء إقناع أبنائهم بالخلود إلى النوم تلك الليلة ليستيقظوا باكرًا يوم الميلاد.
هناك تقليد آخر ظهر في ثلاثينات القرن الماضي مع اختراع المذياع، وهو إذاعة خطاب من الملك في المساء. يتم التدريب على هذا الخطاب جيدًا، وتسجيله مسبقًا. ويعد هذا الوقت من العام هو وقت يدلي فيه الملك بخطاب للأمة، وتم الترحيب به خصوصًا خلال الحرب العالمية الثانية، عندما كانت الدولة بأكملها تواجه مخاطر عظيمة.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».