يختلف مراقبون للشأن السعودي حول مقترح استحداث مشروع لنظام «مكافحة التحرش الجنسي من الجنسين»، إذ يرى فريق عدم جدوى النظام بسبب كفاية نظام «الحماية من الإيذاء»، بيد أن الرأي الآخر يشدد على أن يكون «التحرش» أكثر غلظة من ناحية العقوبة من بقية أنواع الإيذاء الأخرى. ويناقش مجلس الشورى اليوم ضمن جدول أعماله تقرير لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب، بشأن مقترح مشروع نظام «مكافحة التحرش الجنسي من الجنسين» المقدم من عدد من أعضاء المجلس.
الدكتور صدقة فاضل رئيس اللجنة السياسية في مجلس الشورى، قال يوم أمس لـ«الشرق الأوسط» إنه يعتزم التصويت بالرفض ضد هذا المشروع، مرجعا السبب في ذلك إلى اكتفاء المجتمع السعودي بنظام الحماية من الإيذاء الذي شق طريقه التشريعي من مجلس الشورى، وأقر من مجلس الوزراء حديثا، وأصبح جزءا مهما، على حد قوله من المنظومة القانونية السعودية.
الفريق المؤيد لاستحداث نظام منفصل للتحرش يرى أن عقوبة حدها الأدنى 50 ألف ريال تحتاج إلى مزيد، بينما يرى الرافضون أن العقوبة تكمن في الردع وليس الحجم. ويتضمن نظام التحرش المقترح بحسب بيان المجلس «معاقبة كل من ارتكب فعلا يشكل جريمة تحرش جنسي بالسجن مدة لا تزيد عن خمس سنوات، وغرامة لا تزيد عن 500 ألف ريال، أو بهاتين العقوبتين»، وذلك لحماية خصوصية الإنسان وكرامته وحريته الشخصية ومنع التحرش ومعاقبة مرتكبيه وحماية ضحاياه.
وبيّن صدقة فاضل أن «نظام الحماية من الإيذاء»، الذي تطبقه الجهات المعنية، يتضمن الإيذاء الجنسي وهو المعروف بالتحرش الجنسي، رافضا استحداث نظام آخر في ظل وجود نظام قائم شامل ومستقل، ولا يحتاج - بحسب رأيه - سوى إلى تطبيقه بشكل سليم، كي تتحقق الأهداف النبيلة التي أوجد من أجلها لمكافحة التحرش والإيذاء بكل أنواعه.
ولفت فاضل إلى أن المجلس سبق وأن درس الحماية من الإيذاء، وقال: «تقدم الدكتور مازن بليلة عضو مجلس الشورى بمشروع مستقل لمكافحة التحرش الجنسي، ورأى بعض أعضاء المجلس أن يضم هذا المقترح إلى نظام الحماية من الإيذاء، مؤكدا أن هذا ما جرى بالفعل وأن نظام الحماية من الإيذاء المطبق حاليا يشمل الحماية من الإيذاء الجسدي والنفسي والجنسي أيضا».
أمام ذلك، يؤكد الدكتور إبراهيم الابادي المحامي والمستشار القانوني السعودي على أهمية نظام مستقل بالتحرش الجنسي، ويقول: «إن زيادة حالات التحرش الجنسي تؤكد ضعف نظام الحماية من الإيذاء القائم حاليا، وحاجة المجتمع إلى قانون آخر مستقل يكون رادعا يصد ويقلل نسبة التحرش الجنسي بين أوساط المجتمع السعودي»، مستطردا: «زيادة عدد الحالات والتساهل في تطبيق العقوبات التي لا تعتبر زاجرة يستدعي فصل القانونين».
ووصف المحامي العقوبات الموجودة في نظام الحماية من الإيذاء بـ«الضعيفة»، وقال: «من الجور ضم التحرش مع الإيذاء»، فهو يرى أن التحرش رغم كونه نوعا من الإيذاء فإنه أقسى، وقد يسبب انهيار اجتماعي وخلقي ومستقبلي، ولا يمكن مساواته بالإيذاء الجسدي.
وعد الابادي المشروع الذي تقدمت به لجنة الشؤون الاجتماعية في مجلس الشورى لاستحداث نظام خاص ومستقل للحماية من التحرش ومكافحته، تحركا لا بد منه، لعمل سياج قوي يحمي حريات وأعراض المجتمع في السعودية.
ونوه بضرورة مراعاة التدرج في العقوبات، والأخذ في الاعتبار مضاعفة العقوبات السالبة للحرية والغرامات المالية للأشخاص الذين تكررت فعلتهم وارتكبوا التحرش أكثر من مرة.
وتمنى الابادي أن يؤخذ في عين الاعتبار الأشخاص المرضى النفسيون الذين ثبت عليهم التحرش، بإخضاعهم لبرنامجين، الأول عقابي والثاني علاجي، ويكون من خلال إخضاعهم لبرنامج علاج نفسي ووعظي، مشددا على ضرورة أن يكون هناك حق للجهات التنفيذية لممارسة الضبط الإداري، والتي تكون قبل حدوث الجريمة، بمعنى أن يكون هناك تحرك ودعم للجهات الحكومية مثل الشرطة وجهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إضافة إلى أجهزة الرقابة داخل الإدارات الحكومية والمدارس، في تأدية دورهم في الحماية والمنع من مخالفة النظام والوقوع في الجرائم.
«نظام التحرش».. تأييد التغليظ يواجه الاكتفاء بالعقوبة
يناقش اليوم تحت قبة «الشورى»
«نظام التحرش».. تأييد التغليظ يواجه الاكتفاء بالعقوبة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة