«داعش سيناء» يمنع نقل أسلحة وبضائع لحماس ويفاقم أزمتها المالية

نشر صورًا لعناصر في «كتائب القسام» وهدد تجار الأنفاق المصريين بالذبح

بلدوزر عبر الحدود المصرية مع قطاع غزة يستخدم في تدمير أنفاق سرية تستخدم في تهريب الأفراد والأسلحة والذخائر (غيتي)
بلدوزر عبر الحدود المصرية مع قطاع غزة يستخدم في تدمير أنفاق سرية تستخدم في تهريب الأفراد والأسلحة والذخائر (غيتي)
TT

«داعش سيناء» يمنع نقل أسلحة وبضائع لحماس ويفاقم أزمتها المالية

بلدوزر عبر الحدود المصرية مع قطاع غزة يستخدم في تدمير أنفاق سرية تستخدم في تهريب الأفراد والأسلحة والذخائر (غيتي)
بلدوزر عبر الحدود المصرية مع قطاع غزة يستخدم في تدمير أنفاق سرية تستخدم في تهريب الأفراد والأسلحة والذخائر (غيتي)

قالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، إن تنظيم «داعش» في سيناء، يمنع، منذ نحو أسبوعين، تجار الأنفاق التجارية بين مدينتي رفح المصرية والفلسطينية الحدوديتين، من إدخال أي بضائع إلى قطاع غزة، كعقاب لحركة حماس، على وقفها التنسيق مع التنظيم في سيناء، واعتقالها المئات من المحسوبين عليه أو المناصرين له، في غزة.
وأكدت المصادر أن العناصر المتشددة في سيناء تحتجز وسائل قتالية وعسكرية، ومواد خام تستخدم في تصنيع الصواريخ والمتفجرات وغيرهما، لصالح الجناح العسكري لحركة حماس، إضافة إلى أنها تمنع إدخال أي مواد تجارية إلى القطاع.
وبحسب تجار من سيناء وغزة، فقد أرسل أصحاب الأنفاق في سيناء إلى نظرائهم في غزة، يخبرونهم بأنهم مُنعوا من إدخال أي نوع من البضائع عبر سيناء، وبأن التجار في الجانب المصري تلقوا تهديدات بالقتل ذبحا في حال نقلوا أي بضائع لغزة.
وقالت المصادر إن «داعش» أرسل رسائل مباشرة أيضا، إلى محمد السنوار، مسؤول ملف الإمداد العسكري في كتائب القسام الذراع العسكرية لحماس، الذي كانت تربطه علاقات جيدة مع التنظيم في سيناء، تفيد بأن استخدام الأنفاق، وتمرير بضائع تجارية وأخرى عسكرية، وإنهاء أزمة الشاحنات المحتجزة، التي كانت تنقل الكثير من تلك المواد، سيكون كله رهنا بالإفراج عن جميع المعتقلين في سجون حماس، وخاصةً الذين يتعاملون مع سيناء.
وكانت حماس شنت حملة ضد المتشددين في غزة، كشفت عنها «الشرق الأوسط» في حينها، طالت المئات منهم، بعد تحسن علاقة الحركة مع مصر. وكشفت التحقيقات مع المعتقلين، عن تعاون كبير بين بعضهم وعناصر التنظيم في سيناء. كما طالب التنظيم في سيناء، بوقف أي عمليات ملاحقة جديدة ضد أتباعه في غزة، مقابل امتناع حماس عن إطلاق صواريخ من القطاع على إسرائيل، أو تعرض نفسها لاستهدافه.
وبعد أسابيع من منع «داعش» استخدام الأنفاق، ظهرت أزمة مالية لدى حماس، كما عانت الأسواق فعلا من نقص في البضائع، فيما اشتكى تجار من قطاع غزة عبر وسائل الإعلام المحلية.
وتعتمد حماس في غزة بشكل كبير، على ما تجمعه من ضرائب على البضائع المهربة عبر الأنفاق التجارية، التي ما زال بعضها يعمل بين غزة وسيناء. وتدفع الحركة رواتب موظفيها من خلال هذه الأموال. وقد تأخر صرف تلك الرواتب نحو أسبوع ونصف الأسبوع عن موعده، الذي يكون، عادة، بين 10 و12 من الشهر. وتحولت عملية صرف رواتب الشهر الماضي، إلى الخميس المقبل، الذي يصادف الثاني والعشرين من الشهر الحالي. وأرجعت وزارة المالية في غزة، هذا التأخير، إلى عدم وجود إيرادات كافية تسمح بصرف الرواتب، التي يصرف منها، عادة، ما يصل إلى 50 أو 55 في المائة. ومن المظاهر الدالة على وجود أزمة، حاليا، قرار المالية، بإعادة صرف 45 في المائة فقط من الرواتب.
وقالت مصادر مقربة من حماس لـ«الشرق الأوسط»، إن موازنات كتائب القسام وحركة حماس نفسها، تقلصت بدورها، نتيجة الظروف المالية التي تعانيها الحركة، التي قد تشهد المزيد من التقلص، في ظل الخلافات مع عناصر «داعش» في سيناء، الذين يمنعون إدخال البضائع التجارية، وبضائع خاصة بالحركة نفسها أيضا، وبجناحها العسكري، بالإضافة إلى وسائل قتالية. وبحسب المصادر، فإن حماس مترددة، وتدرس أكثر من خيار لكيفية التعامل مع الأزمة الحالية، ومواجهة تأثيرها الكبير على عملها العسكري ومواردها المالية.
وكانت حماس قطعت علاقاتها إلى حد كبير بالتنظيم في سيناء، وعملت جاهدة على ضبط الحدود، ومنع أي حركة للأفراد بين غزة وسيناء، بعد طلب مصري مباشر، اعتبرته القاهرة، شرطا لاستعادة العلاقات بين الطرفين، وتخفيف العبء عن غزة قليلا. كما شنت حماس حملة كبيرة ضد العناصر المتشددة في غزة، لأسباب لها علاقة بمصر، وأخرى مرتبطة بما تصفه الحركة «التشويه الفكري» الذي يستخدمه «داعش»، والذي دفع عناصر من حماس إلى ترك التنظيم والانضمام إلى «داعش» في سيناء. وتمثل ذلك في فرار قيادات من القسام، في مدن غزة وخان يونس ورفح إلى سيناء، والقتال هناك إلى جانب تنظيم «داعش». وزاد من تعقيد المشهد، تورط محمد العامودي، أحد مدربي القسام والأمن في غزة، في عملية قتل مثقال السالمي، المتهم بنشر الفكر المتشيع في غزة.
ونشرت «داعش» في سيناء، في الأيام القليلة الماضية، صورا لعناصر من غزة، قتلوا تحت راية التنظيم في سيناء، وكانوا أصلا أعضاء في القسام.
وللمرة الأولى، ينشر التنظيم صورا لعناصر من غزة، قال إنهم يقاتلون معه في سيناء، بعد أن كان يكتفي بإبلاغ عوائلهم بأنهم قتلوا خلال العمليات العسكرية في شبه الجزيرة المصرية. ونشر التنظيم صورا للشاب عبد الرحمن أبو مغصيب، وهو في العشرينات من عمره، وكان ناشطا في كتائب القسام، وكذلك لعبد الإله قشطة، الذي غادر غزة فجأة بينما كان ناشطا في كتائب القسام، وكان يعتقد أنه قتل في ليبيا، قبل أن ينشر «داعش» صورة له، ويتبين أنه قتل في سيناء.
ويرى مراقبون، أن تنظيم «داعش» في سيناء، يحاول من خلال نشره تلك الصور، الضغط على حماس وتخريب محاولاتها المتواصلة للتقارب مع مصر.
وتجد حماس نفسها بين فكي كماشة، إذ تتطلع إلى تحسين علاقاتها مع الجانب المصري، الذي يطالبها بمحاربة «داعش»، ومنع أي تواصل معه في سيناء، فيما يمارس «داعش» نفسه الكثير من الضغوط على حماس ويعيق محاولاتها التعاطي بإيجابية مع مطالب الجانب المصري.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.