ملامح ظهور الجيل الرابع من تنظيم القاعدة في سوريا

خبير يعتبر اندماج الفصائل يدفع باتجاه «تشدد معولم»

مقاتلون لـ«جبهة النصرة» التي أصبحت لاحقًا «فتح الشام» في بلدة جسر الشغور بريف إدلب شمال سوريا في أبريل العام الماضي («الشرق الأوسط»)
مقاتلون لـ«جبهة النصرة» التي أصبحت لاحقًا «فتح الشام» في بلدة جسر الشغور بريف إدلب شمال سوريا في أبريل العام الماضي («الشرق الأوسط»)
TT

ملامح ظهور الجيل الرابع من تنظيم القاعدة في سوريا

مقاتلون لـ«جبهة النصرة» التي أصبحت لاحقًا «فتح الشام» في بلدة جسر الشغور بريف إدلب شمال سوريا في أبريل العام الماضي («الشرق الأوسط»)
مقاتلون لـ«جبهة النصرة» التي أصبحت لاحقًا «فتح الشام» في بلدة جسر الشغور بريف إدلب شمال سوريا في أبريل العام الماضي («الشرق الأوسط»)

تكشف المباحثات بين الفصائل المتشددة في شمال سوريا للاندماج فيما بينها وإعلان كيانها، عن ملامح ظهور الجيل الرابع من تنظيم القاعدة في سوريا هذه المرة، وهو ما يمثل «جرس إنذار» للمجتمع الدولي؛ كونه «يدفع باتجاه تيار متطرف معولم، ويخرج الشمال السوري عن السيطرة».
وعقدت اجتماعات بين الفصائل العسكرية المتشددة في شمال سوريا، للاتفاق على الاندماج تحت كيان «الهيئة الإسلامية السورية»، وشملت المباحثات فصائل معتدلة، بحسب ما قالت مصادر مواكبة لـ«الشرق الأوسط»، بالنظر إلى أن «الفصائل الصغيرة، لا يمكن أن تُكتب لها الحياة في ظل هيمنة الفصائل المتشددة الأكثر نفوذًا».
غير أن المباحثات، أفضت إلى تكريس «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقًا) في واجهة العمل العسكري، ومنحها فرصة التحكم بالعمل الميداني، بما لا يترك للآخرين أي فرصة للتغريد بشكل مستقل، و«يمنع حكمًا (أحرار الشام) أو سواها من التوصل إلى اتفاق مبدئي أو موضعي حول قضية معينة مثل اتفاق كفريا والفوعة – الزبداني ومضايا»، فضلاً عن أن الخطوة «تدفع الفصائل بأكملها إلى أن تذوب في الجناح العسكري المتشدد في الشمال»، الذي يضم إدلب وريفها، وريفي حلب الجنوبي والغربي، وريفي اللاذقية وحماة؛ ما يعني أن نحو 100 ألف مقاتل يمكن أن يكونوا بعهدة الجناح المتشدد.
وأضافت المصادر: «اتفاق مشابه يمكن أن يلبس جميع الفصائل بدلة الإعدام دوليًا، ويقضي على حلم السوريين بالثورة، رغم أن الاتجاه في المباحثات هو لفصل الجناح السياسي عن الجناح العسكري، في محاولة لتمييز الأطراف المنخرطة في الاندماج، وهو ما لا يمكن تحقيقه بتاتًا، بالنظر إلى أن الاندماج يمنع فصل العمل السياسي عن العسكري، وسيتحول حكمًا، بعد انقسامات (أحرار الشام) وتراجع دور (الزنكي) إلى كيان تحكمه (النصرة) التي ستُرفد بقوة إضافية، وتبتلع الجميع تمهيدًا للسيطرة على كامل التجمع وإعلان كيان متشدد فيما بعد».
وأثارت الخطوة ردة فعل متخوفة في أوساط المعارضة السياسية التي ترى فيها «خطوة تتعارض مع المشروع الوطني الهادف لحماية جميع فئات الشعب السوري». وقال المعارض السوري البارز عبد الباسط سيدا لـ«الشرق الأوسط» إن العمل العسكري ضمن الثورة: «تشوبه ثغرات ونواقص»، مشيرًا إلى أن «الفوارق بين العملين السياسي والعسكري، وعدم وجود خطة واضحة، أوقعتنا بالكثير من المشاكل، حيث بات كل فصيل يطرح وجهة نظر واستراتيجية مختلفة». وأضاف سيدا: «وصلنا الآن إلى هذه المرحلة بعد مرحلة حلب، التي دفعت البعض للذهاب إلى خيارات صعبة وغير مقبولة»، موضحًا أن مشروع التشدد في سوريا «يتناقض مع المشروع الوطني الذي تطرحه المعارضة؛ كون سوريا بلدًا متعدد المذاهب والقوميات والطوائف، ولا يتحمل التعصب الآيديولوجي والقومي والطائفي».
وأكد سيدا، أن المرحلة الجديدة «تحتاج إلى مراجعة شاملة ضمن مؤسسات المعارضة، ولا بد من التوافق على استراتيجية وطرح مشروع وطني يطمئن السوريين».
وينطلق المسعى من محاولة «فتح الشام» و«أحرار الشام» و«نور الدين زنكي» استثمار ردة الفعل الناتجة من خسارة مدينة حلب، في هذا الاندماج، بحسب ما أكد الباحث في حركة «الجماعات المتشددة» عبد الرحمن الحاج لـ«الشرق الأوسط»، معتبرًا أن كيانًا مشابهًا «غير قابل للحياة»، بالنظر إلى تداعياته، وكونه «يفرض استحقاقات تثير الريبة في صفوف جميع المؤيدين لاندماج مشابه»، في إشارة إلى تحول منطقة إدلب إلى بؤرة متشددة، وتجمع للمتطرفين، تجذب المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأميركية، إلى جانب روسيا لضربها.
وقال الحاج: «عقدت ثلاثة اجتماعات خلال الأسبوع الماضي، وكان آخرها اجتماع عقد مساء الجمعة الماضي، ولم تستطع تلك الفصائل الثلاثة الكبرى في الشمال، التوصل إلى صيغة فعلية للتفاهم»، مشددًا على أن هناك «ملامح تردد في صفوف بعض تلك التنظيمات من خطوة مشابهة». وأشار الحاج إلى أن هناك «تقاربا في صفوف (أحرار الشام) صوب (جبهة النصرة)، وتقدم الجناح المتشدد فيها على حساب الجناح المعتدل، بعد الانقسام الذي طال صفوفها الأسبوع الماضي».
لكن اندماجًا مشابهًا، في حال تم تنفيذه، يمثل «انتحارًا سياسيا للفصائل»، بحسب ما قال الحاج، كما أنه يدق جرس الإنذار من كونه «يدفع باتجاه حركة متطرفة معولمة»، موضحًا أن ظهور هذا الجسم في سوريا، سيمثل ظهورًا للجيل الرابع من تنظيم القاعدة، وفي سوريا هذه المرة، مضيفًا: «مجرد التفكير بهذه الخطوة، هو جرس إنذار للمجتمع الدولي بأنه ناتج من إحباطات في الداخل السوري، وبالتالي، يهدد بأن يكون خارج السيطرة».
وتصنف الولايات المتحدة الأميركية جبهة «فتح الشام» جماعة إرهابية، وكانت الأخيرة قد فكت ارتباطها بتنظيم القاعدة نهاية يوليو (تموز) الماضي عبر بيان مصور من زعيمها أبو محمد الجولاني.
وفي حال طبق الاندماج، فإن جميع الفصائل ستحل نفسها، وتتخلى عن تسمياتها وراياتها، وتلتزم راية واحدة يتم الاتفاق عليها، كما تندمج جميع المقرات، وتخضع جميع المحاكم الشرعية لسلطة قضائية واحدة. إضافة إلى ذلك، يتخلى قادة الفصائل عن مناصبهم القيادية وينضوون تحت مسمى مجلس شورى للكيان الجديد. وتذهب المقترحات التي تم تداولها في الاجتماعات إلى وضع دستور جديد، يقره مجلس الشورى، يلتزم الشريعة الإسلامية.
وكانت «الشرق الأوسط» كشفت عن اتجاه جبهتي «فتح الشام» (النصرة سابقًا) و«أحرار الشام» الناشطتين في سوريا، لإعلان كيان يشبه الدولة في الشمال السوري، وذلك بعدما تمكنت قوات النظام السوري من استعادة حلب، مشيرة إلى أنه بعد سلسلة من الاجتماعات المكثفة «اتفق على صيغة اندماج مشتركة للشمال السوري، تتلخص في حل الفصائل (14 فصيلا) نفسها وإعلان اندماجها بصورة كاملة في كيان جديد». ولفتت إلى أنه قد يطلق على الكيان الجديد اسم «الهيئة الإسلامية السورية» أو «دولة ناشئة» يكون قائده العام أبو عمار تفتناز (قائد أحرار الشام) وقائده العسكري أبو محمد الجولاني (قائد فتح الشام)، ورئيس مجلس الشورى توفيق شهاب الدين (قائد كتائب الزنكي).



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.