علّق النظام السوري، أمس، عملية إخراج المدنيين والمقاتلين من حلب، متذرعًا بعدم وجود «ما يضمن سلامة الخارجين من بلدتي كفريا والفوعة» الشيعيتين، بحسب ما قال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، وذلك بعد «هجمات نفذها مقاتلون يتبعون فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا)، وجند الأقصى ضد حافلات كانت متوجهة لإجلاء المدنيين والمرضى والجرحى من كفريا والفوعة، ما أدى إلى احتراق 6 حافلات ومقتل سائق وإصابة آخر بجراح خطيرة». وقال عبد الرحمن: «عدم وجود ما يضمن سلامة الخارجين من البلدتين، دفع النظام لإرجاء تنفيذ الاتفاق».
وأرجئت حتى إشعار آخر عملية الإجلاء التي كان مقررًا أن تبدأ مساء الأحد في مدينة حلب وبلدتي الفوعة وكفريا الشيعيتين في سوريا. وأكد ياسر اليوسف عضو المكتب السياسي لحركة نور الدين الزنكي، أبرز الفصائل المعارضة في حلب، لوكالة «الصحافة الفرنسية» أن «عملية الإجلاء من حلب توقفت مؤقتًا»، لكنه أوضح أن اعتداء مسلحين على عشرين حافلة أرسلت لإتمام عملية الإجلاء «لن يؤثر في استئناف العملية في وقت لاحق».
وتوصلت المعارضة السورية إلى اتفاق نهائي مع روسيا والنظام السوري والإيرانيين في سوريا، قضى بإخراج العائلات والمقاتلين المعارضين من الجيب الأخير في أحياء حلب الشرقية، إلى ريف حلب الغربي، مقابل إخراج 4000 مدني من بلدتي كفريا والفوعة الشيعيتين في ريف إدلب، بالتزامن مع إخراج نحو ألف مدني وجريح ومريض من بلدات الزبداني ومضايا وبقين في ريف دمشق.
وكان الإيرانيون ضغطوا في الأيام الأخيرة، لرفع أعداد المدنيين التي تريد إخراجهم من كفريا والفوعة؛ وهو ما دفع المعارضة إلى ضم ملف مضايا إلى حلقة المفاوضات، بحسب ما قال مصدر معارض معني بالملف لـ«الشرق الأوسط»، مشيرًا إلى أن المعارضة «حسنت شروطها التفاوضية عبر ضم ملف مضايا، بالنظر إلى أنه مرتبط أساسًا بملف كفريا والفوعة».
ومثل الإيرانيون، من طرف النظام السوري وحلفائه، و«أحرار الشام» من طرف المعارضة، محور التفاوض غير المباشر الذي رعاه الروس والأتراك بشكل مباشر، امتدادًا لسياق تفاوضي بدأ في أغسطس (آب) 2015 حين بدأت المفاوضات على ملف كفريا والفوعة – الزبداني ومضايا.
وقال القيادي في «أحرار الشام» في منطقة حلب محمد الشامي لـ«الشرق الأوسط» إن المفاوضات «ارتفعت أسقفها بشكل كبير خلال اليومين الماضيين، قبل أن تتوصل الأطراف المفاوضة إلى اتفاق نهائي ليل السبت، بدأ تنفيذه أمس».
وأوضح الشامي، أن الإيرانيين «بدأوا بالضغط، الأسبوع الماضي، لضم ملف كفريا والفوعة، بعد تبلور اتفاق روسي – تركي على إخلاء مدينة حلب من المدنيين والمقاتلين المعارضين»، مشيرًا إلى أن التدخل الإيراني «ضغط يوم الجمعة لمضاعفة رقم المدنيين والجرحى والمرضى المنوي إخراجهم من كفريا والفوعة»، لافتًا إلى أن طرح الإيرانيين القاضي بإخراج أكثر من ألف «دفع المعارضة لضم ملف الزبداني ومضايا وبقين»، حتى أثمرت الاتفاقات الأخيرة إخراج 4000 شخص من كفريا والفوعة، ونحو ألف شخص من ريف دمشق، مقابل إخراج الباقين في مدينة حلب».
وإثر الشروع في بدء تنفيذ الاتفاق، أمس، حيث قال التلفزيون السوري إن «حافلات تقل مسلحين من شرق حلب وأسرهم بدأت في مغادرة آخر قطاع تسيطر عليه المعارضة المسلحة في المدينة، مقابل إجلاء أشخاص من قريتي الفوعة وكفريا»، غير أن خرق أمني حدث في المشهد، كاد أن يهدد الاتفاق، سرعان ما طوقته المعارضة.
إذ هاجم عشرون مسلحًا على أطراف البلدتين عددا من الحافلات قبل دخولها إلى البلدتين لإجلاء السكان، وأحرقوا 6 منها، بحسب ما أفاد «المرصد السوري»، وقال إنهم عملوا على إنزال السائقين قبل إقدامهم على إطلاق النار على عشرين حافلة وعلى خزانات الوقود؛ ما أدى إلى احتراقها بالكامل.
ونفى مصدر عسكري سوري نظامي لوكالة «الصحافة الفرنسية» أن يكون للاعتداء تأثير في تنفيذ اتفاق الإجلاء. وقال «ثمة إرادة جماعية بأن يسري الاتفاق، لكن ثمة معوقات ينبغي العمل على تذليلها».
في هذا الإطار، أصدرت فصائل «الجيش السوري الحر» في حلب بيانًا اعتبرت فيه أن الهجوم على الحافلات «يعد إجراما بحق الثورة السورية ومقامرة بمصير أهلنا الصامدين»، مشيرة إلى أن عملية إخلاء 4000 مدني من كفريا والفوعة «هي عملية متفق عليها لإخلاء أهلنا الذين ينامون في العراء منذ 3 أيام في حلب في ظل الظروف المناخية الصعبة، كذلك شمل الاتفاق إخراج حالات إنسانية لأهلنا المحاصرين في مضايا والزبداني».
وأعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا»، أمس: «بدء دخول الحافلات إلى أحياء الزبدية وصلاح الدين والمشهد والأنصاري في الجهة الشرقية من مدينة حلب» بإشراف الهلال الأحمر السوري واللجنة الدولية للصليب الأحمر، لإخراج من تبقى من المقاتلين وعائلاتهم إلى ريف حلب الجنوبي الغربي.
ومنذ الخميس، تم إجلاء نحو 8500 شخص بينهم ثلاثة آلاف مقاتل من مناطق سيطرة الفصائل في حلب، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، بينهم 500 حالة بين جريح ومريض على الأقل، بموجب اتفاق توصلت إليه روسيا وتركيا أساسا قبل دخول إيران على خط المفاوضات.
وتزامن دخول الحافلات إلى شرق حلب مع بدء دخول حافلات إلى الفوعة وكفريا. وقال مصدر قيادي من «جيش الفتح» للصحافيين (الأحد) إن «1250 شخصا سيخرجون من بلدة الفوعة مقابل نصف عدد السكان المحاصرين في حلب في مرحلة أولى». وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه، أنه «في المرحلة الثانية سيخرج 1250 شخصا آخرين من كفريا مقابل النصف الآخر المتبقي من المحاصرين في حلب». وفي المرحلة الثالثة يخرج «1500 شخص من الفوعة وكفريا مقابل 1500 آخرين من مدينتي الزبداني ومضايا».
والبلدات الأربع محور اتفاق تم التوصل إليه العام الماضي بين الحكومة السورية والفصائل، ويتضمن وقفا لإطلاق النار، ووجوب أن تحصل عمليات الإجلاء وإدخال المساعدات بشكل متزامن.
ويأتي استئناف عمليات الإجلاء من حلب في وقت تتفاقم فيه معاناة المحاصرين الذين يعيشون أوضاعا مأسوية في ظل ظروف مناخية قاسية. واحتشد الآلاف من الأشخاص في حي العامرية، النقطة التي تنطلق منها الحافلات تمهيدا للخروج على متنها، بعدما كانوا قد انتظروا لساعات طويلة خلال اليومين الماضيين وسط البرد والجوع من دون جدوى.
ضمانات «الفوعة وكفريا» تعرقل الإجلاء المتبادل مع حلب
المعارضة حسنت شروطها بضم ملف «مضايا والزبداني» للمفاوضات
ضمانات «الفوعة وكفريا» تعرقل الإجلاء المتبادل مع حلب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة