تصاعد التوتر بين واشنطن وبكين بعد مصادرة الصين مسبارًا أميركيًا

ترامب يعتبر الخطوة عملاً غير مسبوق... ووزارة الدفاع الصينية: الجيش الأميركي يقوم بعمليات استطلاع

سفينة «يو إس إن إس باوديتش» التابعة لسلاح البحرية الأميركية بالمياه الدولية في بحر الصين الجنوبي... حيث تمت مصادرة المسبار الأميركي الذي زاد التوتر بين أميركا والصين (أ.ب)
سفينة «يو إس إن إس باوديتش» التابعة لسلاح البحرية الأميركية بالمياه الدولية في بحر الصين الجنوبي... حيث تمت مصادرة المسبار الأميركي الذي زاد التوتر بين أميركا والصين (أ.ب)
TT

تصاعد التوتر بين واشنطن وبكين بعد مصادرة الصين مسبارًا أميركيًا

سفينة «يو إس إن إس باوديتش» التابعة لسلاح البحرية الأميركية بالمياه الدولية في بحر الصين الجنوبي... حيث تمت مصادرة المسبار الأميركي الذي زاد التوتر بين أميركا والصين (أ.ب)
سفينة «يو إس إن إس باوديتش» التابعة لسلاح البحرية الأميركية بالمياه الدولية في بحر الصين الجنوبي... حيث تمت مصادرة المسبار الأميركي الذي زاد التوتر بين أميركا والصين (أ.ب)

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية، أن الصين صادرت مسبارا أميركيا لأعماق البحار يعود إلى سلاح البحرية بالمياه الدولية في بحر الصين الجنوبي، وذلك في خطوة ستزيد بالتأكيد من التوتر المرتبط بالوجود العسكري الصيني في المنطقة المتنازع عليها.
وانتقد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الصين لمصادرتها المسبار في بحر الصين الجنوبي، وقال عبر «تويتر» إن «الصين سرقت طائرة من دون طيار بحثية تابعة للبحرية
الأميركية في المياه الدولية، وقامت بتقطيعها وانتشالها من تحت الماء، ونقلتها إلى الصين في فعل غير مسبوق».
وفي وقت سابق، وقعت مناوشات بين الولايات المتحدة والصين بسبب بحر الصين الجنوبي، وسط النزاعات الإقليمية بين بكين وجيرانها، حيث اعترضت الصين أيضا طائرة عسكرية أميركية في المنطقة من قبل، أبرزها إثارة حادث دولي إثر قيام الصين باحتجاز طائرة تجسس أميركية في بداية رئاسة جورج دبليو بوش.
وقال المتحدث باسم البنتاغون الكابتن جيف ديفيس: إن الآلية المخصصة لاستكشاف أعماق البحار صودرت على بعد نحو 50 ميلا بحريا (90 كلم) إلى الشمال الغربي من خليج سوبيك في الفيليبين في وقت متأخر من الخميس، في حادث لم يشهد عنفا.
ووقع الحادث عندما كان الطاقم المدني في سفينة «يو إس إن إس باوديتش» يستعيد «مسبارين بحريين» يقومان عادة بجمع المعلومات المتعلقة بحرارة المياه ودرجة ملوحتها ونقائها. وتوقفت سفينة متخصصة بإنقاذ الغواصات الصينية من صنف «دالانغ - 3» على بعد 500 متر عن السفينة الأميركية وانتزعت أحد المسبارين. فيما تمكن الأميركيون من استعادة المسبار الثاني بسلام، وقال ديفيس إنه لا يذكر أي حادثة مماثلة سابقة.
ودعا البنتاغون في بيان بكين إلى أن تعيد «فورا» المسبار الذي «صادرته بطريقة غير قانونية». وأصدرت واشنطن طلبا رسميا عبر القنوات الدبلوماسية لاستعادة المسبار. فيما صرح الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية بيتر كوك بأن الصين تحركت بشكل غير شرعي، وقال في بيان إن «الآلية المسيرة الخاصة بأعماق البحار» سفينة سيادية تتمتع بالحصانة تملكها الولايات المتحدة.. وندعو الصين إلى إعادة آليتنا على الفور والالتزام بكل واجباتها بموجب القانون الدولي».
ويأتي هذا الحادث في أجواء من التوتر بين الصين والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الذي يفترض أن يتولى مهامه في 20 من يناير (كانون الثاني) المقبل، والذي أدلى في السابق بتصريحات كثيرة أثارت استياء الصين، مهددا خصوصا بإنهاء الاعتراف «بالصين الواحدة» عبر تقارب مع تايوان، أو متهما بكين بالتلاعب بأسعار صرف عملتها.
وفي هذا السياق، قال المحلل هاري كازيانيس، مدير الدراسات حول الدفاع في «مركز المصلحة القومية»، إنها «على الأرجح خطة أعدت بدقة تهدف إلى إظهار أن الصين لن تستخف بالأمور التي تتعلق بها»، مضيفا أن «بكين تظهر أنها تملك القدرة على الرد في أي وقت وأي مكان».
وحسب مراقبين، فإنه يفترض أن يؤدي هذا الحادث إلى مزيد من التوتر في المناطق المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، وأن يضفي مزيدا من التوتر في علاقة الصين بأميركا، وبهذا الخصوص قال السيناتور الجمهوري جون ماكين إن الولايات المتحدة يجب ألا تقبل بمثل هذا «السلوك الكارثي». وأضاف ماكين الشخصية المؤثرة في الحزب المحافظ، موضحا أن هذا «الاستفزاز المشين» يتطابق مع «موقف الصين الذي يزعزع الاستقرار عبر عسكرة بحر الصين الجنوبي».
وتابع ماكين الذي يترأس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي إن «هذا السلوك سيستمر إلى أن نواجهه برد فعل أميركي صارم»، وهو الموقف نفسه الذي يؤيده أيضا عدد من قادة الحزب الجمهوري.
وتطالب دول عدة بمناطق واسعة من بحر الصين الجنوبي كالصين والفلبين وفيتنام، خصوصا بعد أن أقامت الصين جزرا اصطناعية في هذه المنطقة الاستراتيجية لدعم مطالبها عسكريا، فيما يسيّر الأميركيون دوريات قبالة هذه المنشآت تحت شعار حماية حرية الملاحة.
ووسط هذه الأجواء المليئة بالتوتر بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، وبخاصة بعد أن هدد ترامب بإنهاء الاعتراف «بالصين الواحدة» قبل أيام،
حذر الرئيس الأميركي باراك أوباما، أول من أمس، خلفه دونالد ترامب من معاداة الصين عبر التواصل مع تايوان، قائلا إنه يجازف برد «فعل قوي جدا» إذا أنهى عقودا من التقاليد الدبلوماسية.
وقال أوباما في مؤتمر صحافي لمناسبة نهاية العام مخاطبا ترامب إن «فكرة الصين الواحدة تقع في صلب مفهومهم كأمة. وإذا كنت تريد الانقلاب على هذا يجب أن تفكر في العواقب؛ لأن الصينيين لن يتعاملوا مع ذلك بالطريقة نفسها التي يتعاملون فيها مع قضايا أخرى. إن رد فعلهم على هذه المسألة قد يكون قويا جدا».
وأوضح الرئيس أوباما، أنه لا بأس في أن يعيد الرئيس المنتخب دونالد ترامب النظر في سياسة الصين الواحدة التي تنتهجها الولايات المتحدة تجاه تايوان، لكنه حذر من أن تغيير الدبلوماسية الأميركية سيؤدي إلى عواقب من جانب الصين، وقال بهذا الخصوص «بالنسبة للصين فإن مسألة تايوان مهمة مثل أي شي آخر في قائمة اهتماماتهم. فكرة الصين الواحدة في صميم إدراكهم كأمة، ولهذا إذا كنت ستقلب هذا الإدراك رأسا على عقب فإن عليك أن تتدبر ما هي العواقب».
وأشار أوباما أيضا إلى أن الوضع القائم الحالي حافظ على السلام، وجعل بمقدور تايوان أن تتطور بصفتها كيانا له طريقته الخاصة في إدارة الأمور، وساعدها على أن تصبح اقتصادا ناجحا.
ومن جانبها، نددت الصين بـ«الضجة الإعلامية» الأميركية بعد مصادرتها مسبارا للبحرية الأميركية، مبدية «رفضها الشديد» لعمليات الاستطلاع التي تقوم بها واشنطن.
وقالت وزارة الدفاع الصينية في بيان إن «الضجة الإعلامية التي قام بها الطرف الأميركي من جانب واحد ليست ملائمة، ولا توفر المناخ المناسب لتسوية سريعة للمشكلة».
وأضافت الوزارة، إن الصين «قررت أن تعيد» للولايات المتحدة المسبار المصادر «في شكل ملائم» من دون توضيح تفاصيل هذا الأمر.
ولفتت وزارة الدفاع الصينية السبت إلى أن الجيش الأميركي يقوم بعمليات «استطلاع على علو منخفض (ويعد) تقارير عسكرية».
وتابعت أن «الصين ترفض هذا الأمر بشدة، وقد طلبت من الجانب الأميركي وقف هذه الأنشطة. إن الجانب الصيني سيتخذ التدابير الضرورية للرد على ذلك».



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.