الأخضر الإبراهيمي: إغلاق الحدود بين الجزائر والمغرب قبل 22 سنة «ليس له مبرر»

المبعوث الأممي السابق قال إن غضبة الربيع العربي لم تكن «مؤامرات خارجية»

الأخضر الإبراهيمي
الأخضر الإبراهيمي
TT

الأخضر الإبراهيمي: إغلاق الحدود بين الجزائر والمغرب قبل 22 سنة «ليس له مبرر»

الأخضر الإبراهيمي
الأخضر الإبراهيمي

قال الأخضر الإبراهيمي، مبعوث الجامعة العربية والأمم المتحدة إلى سوريا سابقا، إن حسم الأوضاع في حلب «قد يعزز نظام بشار الأسد، ولكنه لن ينهي الأزمة»، مشيرا في تصريحات إلى أن ما يسمى «ثورات الربيع العربي»، كانت انتفاضات وهبَة غضب شعبية «ولم تكن مؤامرات حيكت من الخارج»، لكنه أشار إلى أن التدخل الخارجي في ليبيا «كان فجَا ولم يراع مصلحة الشعب». وأوضح أن إغلاق الحدود بين الجزائر والمغرب، قبل 22 سنة «ليس له أي مبرر».
ودعا الإبراهيمي إلى «إحداث التغيير في سوريا، التي لا يمكن أن تعود إلى ما كانت عليه بعد مقتل 300 ألف سوري وتشريد نصف الشعب». وأفاد الدبلوماسي الجزائري في مقابلة أمس مع وكالة الأنباء الجزائرية الحكومية، بأن «بشار الأسد (رئيس النظام السوري) قد يكون عقبة أمام علاج الأزمة، كما قد يكون جزءا من الحل. وفي كل الأحوال لا يمكن لسوريا أن تعود إلى ما كانت عليه قبل، فالنظام العائلي يدوم منذ 40 سنة ولا بد من أن يحصل تغيير جوهري في البلاد».
وذكر الإبراهيمي أن «بناء سوريا جديدة أصبح أمرا ضروريا، مع المحافظة على وحدتها لأنها شيء أساسي جدا». وألحَ على أن «التغيير لا يمكن التملص منه ولا رفضه أو نكران الحاجة إليه، لا بد من حل سياسي يرضي الشعب السوري». وأضاف: «الأزمة في سوريا لم تكن مفتعلة، كان هناك تذمر شعبي ومطالب بالحرية والكرامة، وهؤلاء المتذمرون لم يأخذوا أموالا لا من الروس ولا من الأميركيين حتى يثوروا ضد النظام، الذي لم يتعامل مع الأحداث بحكمة في بدايتها». وبرأي مهندس «اتفاق الطائف» (1989)، الذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان: «حصلت تدخلات أجنبية بعد الانتفاضة، لم تكن في مصلحة الشعب السوري».
وعلى عكس الإبراهيمي، يبدو الخطاب الحكومي الجزائري داعما للنظام في سوريا أو على الأقل، لا يعتقد المسؤولون في البلاد بأن نظام الأسد هو سبب التقتيل والدمار الذي لحق بسوريا. ويقول الإبراهيمي أن ما يسمى «ثورات الربيع العربي»، كانت انتفاضات وهبَة غضب شعبية «ولم تكن مؤامرات حيكت من الخارج».
وعدَ الإبراهيمي، الذي كان وزير خارجية الجزائر مطلع تسعينات القرن الماضي، الأوضاع في ليبيا «كارثة بكل معاني الكلمة، فما يتعرض له الشعب الليبي ظلم شديد، وقد كان التدخل الخارجي في هذا البلد فجَا ولم يراع مصلحة الشعب». مشيرا إلى أن تونس والجزائر ومصر ودول الساحل الأفريقي، هي البلدان الأكثر تضررا من الأزمة الليبية «التي لا يمكن أن نقفل عليها إلى الأبد داخل الحدود، دون أن تكون لها تداعيات على البلدان المجاورة، تماما مثل الأزمة السورية».
وكان الإبراهيمي صرح الأحد الماضي، بالعاصمة بأن إغلاق الحدود بين الجزائر والمغرب، قبل 22 سنة: «ليس له أي مبرر، وقد تسبب في تعطيل بناء المغرب الكبير»، وانتقد «استمرار جمود العلاقات بين أعضاء الاتحاد المغاربي». وعبَر الإبراهيمي عن «ألمه الشديد لما آلت إليه العلاقة بين الطرفين، خاصة للتكلفة الاقتصادية الباهظة التي تؤديها الدولتان بسبب غياب التعاون بينهما». وأضاف بأن «جمود الاتحاد المغاربي يأتي في ظرف تعمل فيه الكثير من دول العالم، على إنشاء تكتلات إقليمية تدافع فيها عن مصالحها». داعيا إلى «ضرورة استثمار الاستقرار النسبي الذي يميز المنطقة المغاربية، باستثناء ليبيا، لأجل بعث التعاون، أما إذا استمر الجمود فهذا الاستقرار سيكون مهددًا».
وقال أيضا إن البلدين المغاربيين الكبيرين «مدعوان إلى استنساخ تجربة الهند والصين، بما أن هاتين الدولتين اختلفتا في قضايا جوهرية حول الحدود، لكنهما أرستا تعاونا اقتصاديا مهما بينهما». وأضاف بأن «قيام الاتحاد المغاربي لن يكون ممكنا دون إنهاء التوتر بين الجزائر والمغرب». يشار إلى أن الحدود تم إغلاقها بقرار من الجزائر احتجاجا على فرض الرباط تأشيرة الدخول إلى المغرب على الجزائريين، على إثر اتهام المخابرات الجزائرية بالوقوف وراء عملية إرهابية، استهدفت فندقا بمراكش في أغسطس (آب) 1994.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.