موسكو تنفي مجازر حلب... والمجتمع الدولي يثبتها

موسكو تنفي مجازر حلب... والمجتمع الدولي يثبتها
TT

موسكو تنفي مجازر حلب... والمجتمع الدولي يثبتها

موسكو تنفي مجازر حلب... والمجتمع الدولي يثبتها

في الوقت الذي تدعم فيه روسيا الهجمات المتواصلة لقوات النظام السوري وحلفائها على (حلب) منذ منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، حجبت موسكو نظرها عن ما يراه واستنكره المجتمع الدولي من أحداث دموية ومجازر بحق المدنيين، والتي تعد انتهاكا للقانون الدولي الإنساني، مستنكرة ارتكابها أي جرائم بالمدينة.
وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس (الأربعاء)، أن "تقارير المنظمات غير الحكومية المستقلة لا تؤكد أنباء أشارت إلى ارتكاب مجازر أو وقوع عمليات خطف أثناء تحرير شرق حلب"، مشيرا إلى أن آلية الدعاية الغربية تهدف فقط إلى "شيطنة" النظام السوري وروسيا وإيران وتزوير تقارير تشير إلى ارتكاب جرائم حرب.
وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين إن "العسكريين الروس لم يشاهدوا أي انتهاكات للقانون الدولي الإنساني". وذلك خلال تصريحه للصحافيين قبل انعقاد الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن الدولي لبحث الوضع في حلب بطلب من فرنسا.
وكذّبت برلين ما تقوله موسكو، عندما حمّلها المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفان زايبرت، وقوات الأسد والمقاتلين الذين تدعمهم إيران المسؤولية عما يجري في المدينة، مؤكدا أن "هذا الدمار الوحشي لم يكن ممكنا دون الدعم العسكري الهائل من روسيا.. روسيا لم تمنع الجرائم التي ارتكبت خلال الأيام القليلة الماضية رغم أنه كان في استطاعتها عمل ذلك"، مشيرا إلى أن "خيار فرض العقوبات عليها لا يزال مطروحا لكن الأولوية القصوى تنصب على مساعدة المدنيين".

ووصف المندوب البريطاني لدى الأمم المتحدة ماثيو رايكروفت ما يحدث بـ "العصيب" لمجلس الأمن، قائلا: "هذا يظهر أنه عندما لا نكون متحدين وعندما يستخدم عضو دائم أو اثنان في المجلس حقهما للنقض بهذه الطريقة المسيئة فإنكم ترون ما يحدث"، متسائلا "كيف يمكن أن تنتهكوا ميثاق الأمم المتحدة التي ندعي أننا نحترمها".
واستخدمت روسيا حق النقض "الفيتو" ضد ستة مشاريع قرارات لمجلس الأمن بشأن سوريا التي شُرِّد نصف سكانها البالغ عددهم 22 مليونا من منازلهم وقتل ما يربو على 400 ألف شخص منذ اندلاع الأزمة قبل نحو ست سنوات.
وطالب رايكروفت موسكو وطهران باحترام قواعد الحرب، واحترام الغالبية العظمى من الدول الأعضاء في مجلس الأمن والمنظمة الدولية، مؤكدا أن "مجلس الأمن لا يمكن أن يغمض عينيه إزاء هذا النزاع المرعب في هذا القرن، ولا يمكن أن تشغلنا المزاعم الكاذبة بشأن الحرب على الإرهاب، ولا يجب أن تكون هناك حصانة لهذه الجرائم التي ارتكبها الأسد وداعموه الإيرانيون والروس".
وقال المستشار المبعوث الأممي إلى سوريا يان إيغيلان، إن "موسكو ودمشق مسؤولتان عن الجرائم التي ترتكبها قوات النظام والموالية لها". وردّ المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف بقوله "إنه لا يعلم ما يحدث هناك".
وأكدت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سامانثا باور أن "النظام السوري وروسيا وإيران يخفون كثيرا من الحقائق في حلب"، متسائلة "ألا يشعركم ما تفعلونه بالخزي والعار؟".
واستدعت وزارة الخارجية الهولندية أمس (الأربعاء)، سفيري روسيا وإيران على خلفية الوضع المأساوي في حلب، معربة عن إدانتها لما يحدث بحزم.
وبينما ترفض موسكو الاتهامات – حسب قولها – الموجهة إليها، نقلت وكالة "إنترفاكس" الروسية عن وزارة دفاع بلادها تأكيدها أن العمليات متواصلة للقضاء على المقاومة في أحياء حلب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.