تشييع صحافي توفي في السجن بحضور المعارضة وغياب وزير الإعلام في الجزائر

حزب بن فليس: السجن ليس أبدًا المكان المناسب للإعلامي مهما كانت جنحته

مشيعون في جنازة الصحافي محمد تامالت في العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
مشيعون في جنازة الصحافي محمد تامالت في العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
TT

تشييع صحافي توفي في السجن بحضور المعارضة وغياب وزير الإعلام في الجزائر

مشيعون في جنازة الصحافي محمد تامالت في العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)
مشيعون في جنازة الصحافي محمد تامالت في العاصمة الجزائرية أمس (رويترز)

احتجت نقابة الصحافيين الجزائريين بشدة، على ما سمته «المبالغة في تقديس شخص رئيس الدولة» بخصوص وفاة الصحافي محمد تامالت في السجن أول من أمس، في إشارة إلى تهمة «الإساءة إلى رئيس الجمهورية» التي كانت أحد الأسس التي ارتكزت عليها النيابة في متابعتها القضائية للصحافي، الذي شيعت جنازته أمس بحضور حشد كبير من الأشخاص.
وانتشر رجال الأمن أمس بكثافة بحي باش جراح الشعبي بالضاحية الجنوبية للعاصمة، حيث مسكن الصحافي الذي اكتظ بأقارب الأسرة وأصدقائه وزملائه الصحافيين. وقال عبد الحميد بن حاج، شقيق القيادي الإسلامي المعارض علي بن حاج، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأمن أجبر شقيقه على العودة إلى بيته في الصباح، عندما حاول أن يخرج لمشاركة المشيعين. ودرجت السلطات على منع بن حاج من الحضور في الفضاءات العامة، حتى تحرمه من أي فرصة لتحريض الأشخاص ضدها.
ولوحظ في الجنازة، حضور نشطاء حقوقيين بعضهم من فريق الدفاع عن تامالت عندما حوكم في يوليو (تموز) الماضي. كما لوحظ قياديون من بعض الأحزاب المعارضة، مثل «جبهة القوى الاشتراكية» و«حركة الإصلاح الوطني»، فيما غاب وزير الإعلام حميد قرين الذي حضر في وقت سابق تشييع صحافيين توفوا. ويرجح أن قرين خشي رد فعل سلبي من جانب عائلة تامالت وزملائه، بحكم أن السلطات متهمة برفض إطلاق سراحه، عندما ساءت حالته الصحية بسبب إضرابه عن الطعام احتجاجًا على سجنه.
يشار إلى تامالت اعتقل من طرف الأمن العسكري نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي، واتهمته النيابة بالإساءة إلى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، ومسؤولين عسكريين وعائلاتهم، بواسطة قصائد شعرية وكتابات نشرها بصحيفة إلكترونية، يديرها. وتم الحكم عليه بالسجن لمدة عامين.
وفسرت وزارة العدل وفاة تامالت، بـ«علامات نقص في التركيز ظهرت على الصحافي، وهو في سجنه يوم 20 أغسطس (آب) الماضي، بعد نحو شهر من الحكم عليه بالسجن». وقالت الوزارة أيضا إن الصحافي «نقل إلى المستشفى، إثر تدهور حالته الصحية، وقد استفاد من تحاليل بيولوجية وأشعة أظهرت أن المعني مصاب بجلطة دماغية، جراء ارتفاع حاد للضغط الدموي، وهو ما تطلب إخضاعه لعملية جراحية مستعجلة على مستوى الرأس، من طرف المختص في جراحة الأعصاب». أما بشير مشري، محامي تامالت، فقال في لقاء قصير معه بالمقبرة أمس، إن السلطات القضائية «منعتنا من زيارته في المستشفى، وهذا دليل كاف على أنها كانت تحرص على إخفاء شيء خطير عنا». وكان المحامون تحدثوا قبل شهرين، عن تعرض تامالت لضربة قوية على رأسه، كانت سببا - حسبهم - في دخوله الإنعاش.
وقال عبد الله جاب الله، رئيس الحزب الإسلامي (جبهة العدالة والتنمية)، في بيان، إن «الجهات الوصية كان أولى بها، وهي تعلم بخطورة الحالة الصحية لمحمد تامالت، أن تكون جادة ومراعية ذلك في تعاملها معه، ولو اقتضى الأمر الإفراج المؤقت كما هو معمول به في مثل هذه الحالات الإنسانية». وطالب جاب الله بـ«فتح تحقيق في ملابسات وفاة الصحافي، في ظل تضارب التصريحات في شأن وفاته، على أن تتكفل بالتحقيق، هيئة مستقلة، وذلك بغية تحقيق الشفافية اللازمة والوقوف على حقيقة القضية ومعاقبة المتسببين فيها، حفاظا على الحقوق والحريات وعلى الأمن والطمأنينة والاستقرار».
من جهته، ذكر حزب طلائع الحريات، الذي يقوده رئيس الحكومة سابقا على بن فليس، في بيان، أنه «يجدر التذكير بثلاث حقائق كان من الواجب عدم إغفالها وهي: أولا، إن السجن ليس أبدا مكان الصحافي، ومهما كانت الجنحة المرتكبة فهي تبقى جنحة صحافة، وثانيا، إن أقصى عقوبات جنح الصحافة لا يمكن أن تبلغ الحد الذي تعرض له المرحوم، وثالثا، من المعروف لدى الجميع أن الصحافي محمد تاملت كان يعاني من وضع صحي صعب، وبالتالي فإن ظروفه الصحية كانت تتنافى واعتقاله».



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».