«الائتلاف» نحو إعلان «فتح الشام» منظمة «إرهابية»

المناقشات جارية بالتفاهم مع الفصائل السورية المعارضة لتفادي الانعكاسات السلبية على الأرض

متطوعو الدفاع المدني المعروفون بـ«الخوذ البيضاء» يحملون جثة زميل لهم قتل في غارة شنها طيران النظام على مدينة دوما، الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة في ريف دمشق (أ.ف.ب)
متطوعو الدفاع المدني المعروفون بـ«الخوذ البيضاء» يحملون جثة زميل لهم قتل في غارة شنها طيران النظام على مدينة دوما، الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة في ريف دمشق (أ.ف.ب)
TT

«الائتلاف» نحو إعلان «فتح الشام» منظمة «إرهابية»

متطوعو الدفاع المدني المعروفون بـ«الخوذ البيضاء» يحملون جثة زميل لهم قتل في غارة شنها طيران النظام على مدينة دوما، الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة في ريف دمشق (أ.ف.ب)
متطوعو الدفاع المدني المعروفون بـ«الخوذ البيضاء» يحملون جثة زميل لهم قتل في غارة شنها طيران النظام على مدينة دوما، الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة في ريف دمشق (أ.ف.ب)

من المتوقّع أن يعلن «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» قرارا يعد فيه «جبهة فتح الشام»، (جبهة النصرة سابقًا)، «منظمة إرهابية»، وكذلك تحذير باقي الفصائل المسلحة المعارضة لنظام دمشق من التعامل معها، تمهيدا لإخراجها من حلب. وهذا، في محاولة من «الائتلاف» لحماية المدنيين، وتنفيذا لما سبق أن أعلنه رئيسه أنس العبدة من أن المعارضة بصدد الانتقال إلى «استراتيجية جديدة سياسيًا وعسكريًا».
عضو الائتلاف السابق سمير نشار كشف لـ«الشرق الأوسط» في لقاء معه أن «الائتلاف وافق من دون اعتراض أي من أعضائه، خلال اجتماعه الأخير يوم الجمعة الماضي، على اعتبار (جبهة فتح الشام) منظمة إرهابية، ورفع الغطاء السياسي عنها وعن الفصائل التي لا تنسجم أهدافها مع أهداف الثورة، على أن يتم الإعلان عن هذا القرار خلال ساعات، إلا إذا طرأ جديد ليس في الحسبان».
ووفق نشار؛ «من شأن هذا القرار إذا أعلن عنه أن يشكل مؤشرا إيجابيا وخطوة مهمة، لكنه خطوة غير كافية لتصحيح مسار الثورة، لا سيما السياسي منه، لا سيما بعد عجز (أصدقاء سوريا) عن دعم المعارضة، إلا معنويًا. وخير مثال على ذلك، كان طلب الولايات المتحدة الأميركية من فصائل المعارضة، الخضوع لمطالب النظام وحلفائه والخروج من حلب».
يذكر أن نشار كان قد أعلن استقالته أمس، من الائتلاف «بعدما شعرت بأنني لا أستطيع أن أخدم الثورة ولا مدينتي حلب من خلال الائتلاف»، حسب قوله.
بدورها، أكدت مصادر في «الائتلاف» مناقشة هذا الموضوع خلال اجتماع الهيئة الأخير، وأنه قد تم التوافق عليه، لافتة إلى أنه يخضع الآن لمزيد من النقاشات، لا سيما حول الصيغة النهائية التي سيتم الإعلان عبرها. وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أنه «تجري مناقشة الموضوع بشكل دقيق وتفصيلي بين أعضاء الائتلاف وبين مجموعة أساسية وكبيرة من الفصائل العسكرية لمنع ظهور أي انعكاسات سلبية على الأرض». وأردفت أن الاتفاق على خروج «فتح الشام» من حلب من المفترض أن يكون أولى نتائج هذا الاتفاق. ولعلّ تصريح رئيس «الائتلاف» أول من أمس معلنا أنه باتت هناك ضرورة للحديث عن المدن المفتوحة التي تدعو إلى خروج جميع الفصائل المسلحة من المدن، وأن «الائتلاف» لن يدعم أي مشروع سياسي لا يلتزم بمقررات الأجندة الوطنية للثورة، ويصب في هذا التوجّه، بحسب المصادر، التي أضافت: «الهدف من هذه الخطوات هو عدم إعطاء ذريعة لأي جهة لقتل المدنيين».
وفي حين أكد نشار أن «الائتلاف» متفق على رفض أي فصيل لا يلتزم بالخطاب الديمقراطي للثورة والعمل كي تكون سوريا دولة ديمقراطية تعددية، فإنه أشار بناء على معلومات لديه، إلى أن هناك نقاشات تأخذ مجراها بشكل جدي في صفوف «جبهة فتح الشام»، لا سيما لجهة الإبقاء على الخطاب المتشدّد للجبهة أو التحول إلى خطاب وطني سوري، لا سيما في ظل الخوف من أن تنتقل المعركة إلى إدلب.
يذكر أن هناك خشية من حصول محرقة كبيرة في إدلب تحت الذريعة نفسها.
ولفت نشار إلى أن الخلاف اليوم «بين السوريين في (الجبهة) الذين يضغطون باتجاه التغيير، وبين غير السوريين الذي يتمسكون بتشدّدهم».
هذا، وكان «الائتلاف» قد أعلن على لسان رئيسه أنس العبدة، أول من أمس، أنه بصدد الانتقال إلى استراتيجية جديدة في المجالات السياسية والعسكرية والمدنية لمواجهة نظام الأسد الذي يتلقى دعمًا دوليًا واسعًا. وأوضح العبدة أن «هناك خيارات لمؤسسة سياسية موحدة وجيش وطني واحد لحماية مكتسبات الثورة والدفاع عن مطالب الشعب السوري في نيل الحرية والكرامة». وأوضح العبدة أن الائتلاف اتفق على دعم الفصائل في حلب عبر مبادرتهم المؤلفة من 4 نقاط، مشيرًا إلى أن العنوان العام للمبادرة هو «حماية أرواح المدنيين في المدينة».
كذلك لفت رئيس الائتلاف الانتباه إلى أن أي مبادرة دولية يجب أن ترتكز على بقاء المدنيين في بيوتهم ورفض تهجيرهم، منوها بأنه باتت هناك ضرورة للحديث عن المدن المفتوحة التي تدعو إلى خروج جميع الفصائل المسلحة من المدن وإبقاء حكم المجالس المدنية، ومن ثم أكد أن «الائتلاف» لن يدعم أي مشروع سياسي لا يلتزم بمقررات الأجندة الوطنية للثورة السورية. كذلك أكد أن حلب «لن تسقط»، قائلا: «تعرضنا لما يحدث اليوم في حلب بالسابق. ربما نخسر بعض الأماكن هنا أو هناك، لكن الثورة متجذرة ومستمرة ولن تنطفئ شعلتها». وشدد على أن «الثورة السورية مستمرة في عموم الأراضي السورية، ولن نسمح لنظام الأسد بحكم سوريا، أو العودة إلى الوراء مهما حدث».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».