ليبيا: استئناف القتال في بنغازي واتهام المتطرفين بتخريب الهدنة

المشير حفتر منح مهلة 6 ساعات لتوفير ممر آمن للمدنيين في مناطق القتال

شبان مساندون للجيش الليبي يجوبون منطقة الجيزة البحرية في مدينة سرت بعد طرد آخر فلول داعش من المدينة (أ.ف.ب)
شبان مساندون للجيش الليبي يجوبون منطقة الجيزة البحرية في مدينة سرت بعد طرد آخر فلول داعش من المدينة (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: استئناف القتال في بنغازي واتهام المتطرفين بتخريب الهدنة

شبان مساندون للجيش الليبي يجوبون منطقة الجيزة البحرية في مدينة سرت بعد طرد آخر فلول داعش من المدينة (أ.ف.ب)
شبان مساندون للجيش الليبي يجوبون منطقة الجيزة البحرية في مدينة سرت بعد طرد آخر فلول داعش من المدينة (أ.ف.ب)

اتهم الجيش الوطني الليبي، أمس، الجماعات الإرهابية المسلحة بتخريب هدنة لوقف إطلاق النار دامت ست ساعات، وذلك عبر استهداف العالقين في منطقة قنفودة، ومنعهم من الخروج باتجاه نقطة الإخلاء المتفق عليها، وهي مقر سكة الجوف، وفقا لهدنة مؤقتة أعلن عنها الجيش في وقت سابق من مساء أول من أمس، بهدف السماح بإخلاء المدنيين في المنطقة، التي ما زالت فلول المتطرفين تتحصن فيها بداخل مدينة بنغازي بشرق ليبيا.
وقال العقيد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش، لـ«الشرق الأوسط»، إن المهلة انتهت بعد تمديدها ساعة دون نتائج تذكر، مشيرا إلى أنه تم إصدار أوامر للقوات باتخاذ كل التدابير لاستقبال العالقين في حال الوصول إليهم، وأكد في السياق نفسه أن اشتباكات عنيفة اندلعت مجددا بعد نحو ساعة ونصف من انتهاء المهلة مساء أمس بين قوات الجيش والجماعات الإرهابية.
وكان المشير خليفة حفتر، القائد العام لقوات الجيش الوطني الليبي، قد أمر بوقف إطلاق النار من جانب قوات الجيش بشكل مفاجئ ومن طرف واحد، بغية توفير ممر آمن للعائلات المحاصرة في مناطق الاشتباكات بمنطقة قنفودة، التي تعد آخر معاقل المتطرفين في بنغازي.
لكن المهلة التي بدأت من الساعة العاشرة صباحًا إلى الساعة الرابعة مساء أمس بالتوقيت المحلي، انتهت من دون خروج كل المدنيين. وقالت القوات الخاصة التابعة للجيش إنه بانقضاء المهلة الممنوحة من القوات المسلحة للعائلات التي تريد الخروج من قنفودة، فإن هذه القوات تُخلي مسؤولياتها عما يحدث بعد ذلك، وتحمّل الجماعات الإرهابية الضالة المحاصرة بقنفودة المسؤولية الكاملة عما سيحدث.
من جانبه، رحب مارتن كوبلر، رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، بإعلان وقف إطلاق النار المؤقت من قبل الجيش الوطني الليبي في منطقة قنفودة للسماح للمدنيين العالقين هناك بالمغادرة. ودعا كوبلر في بيان، أصدره أمس أطراف النزاع في قنفودة، إلى ضمان أن تتم عملية الإجلاء بسلاسة وأمان، خلال فترة وقف إطلاق النار، وقال في هذا السياق إنه «يجب على أطراف النزاع حماية المدنيين دائما، وضمان عدم تعرضهم لأي شكل من أشكال المضايقة، أو سوء المعاملة أثناء هذه العملية».
إلى ذلك، أعلنت البعثة الأممية عن تخصيص 10 ملايين دولار أميركي لمدينتي سرت وسبها في حزمة الإغاثة التي تستهدف إعادة بناء قطاعي الصحة والتعليم، وكذلك إمدادات المياه والطاقة لسكانها البالغ عددهم ربع مليون نسمة، قبل أن يفر معظمهم من القتال.
وقالت البعثة إنه تم التوقيع أمس على اتفاق لتخصيص الأموال في اجتماع لمجلس الإدارة لصندوق تحقيق الاستقرار في ليبيا (SFL)، التي ترأسها حكومة الوفاق الوطني وممثلو الدول المانحة، وتنفذ المشروعات بواسطة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
كما خصصت حزمة المساعدات لإعادة بناء مستشفى ابن سينا، ولأربعة مراكز صحية في المدينة وحولها، فضلا عن تقديم العيادات المتنقلة وسيارات إسعاف، وألواح طاقة شمسية ومولدات كهرباء للمستشفيات ومدرستين.
وتلقت مدينة سبها مليوني دولار أميركي لإجراء إصلاحات سريعة في المستشفى الرئيسي، واثنين من المراكز الصحية وإمدادات المياه، وشاحنات جمع القمامة.
وطبقا لبيان آخر ومنفصل وزعته البعثة الأممية، فقد قدمت حكومة بريطانيا مساهمة مالية إضافية لصندوق تحقيق الاستقرار في ليبيا، بهدف تمويل المشاريع الملحة والحيوية لدعم أهالي سرت. وقال السفير البريطاني، بيتر ميليت، في حفل التوقيع إنه «مع تحرير سرت الوشيك التزمت المملكة المتحدة بالمساعدة في إعادة بناء سرت، وتوفير الخدمات الحيوية لأهلها، وهذا التمويل جزء صغير فقط من مساهمة المملكة المتحدة في دعم سرت»، لافتا النظر إلى أن «أهل سرت صمدوا في وجه أهوال (داعش) وسنقف معهم لإعادة بناء حياتهم».
وستنضم سرت إلى مدينة بنغازي وأوباري مستفيدة من مساعدات صندوق تحقيق الاستقرار في ليبيا، التي تركز على إعادة بناء المدارس وشبكات المياه والكهرباء والمستشفيات والبلديات والمراكز الاجتماعية.
وفى مدينة سرت الساحلية، قالت القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني، المنخرطة فيما يعرف باسم عملية «البنيان المرصوص»، إنها واصلت أمس عمليات التمشيط الواسعة بالمناطق التي تم طرد «الدواعش» منها، وبخاصة منطقة الجيزة البحرية. وقال المركز الإعلامي لهذه القوات إنها اعتقلت ثلاثة عناصر من تنظيم داعش كانوا مختبئين في أح د المباني المحاصرة، فيما انتشل فريق حكومي من مصراتة 217 جثة لعناصر التنظيم المتطرف في أماكن مختلفة، ليصل بذلك عدد الجثث التي تم انتشالها مؤخرا إلى 483 جثة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.