لبنان: الحكومة تتأرجح بين «إيحاءات إيجابية» وغياب الحلول العملية

«القوات» متمسكة بحقيبة الأشغال مقابل تنازلها عن «السيادية»

لبنان: الحكومة تتأرجح بين «إيحاءات إيجابية» وغياب الحلول العملية
TT

لبنان: الحكومة تتأرجح بين «إيحاءات إيجابية» وغياب الحلول العملية

لبنان: الحكومة تتأرجح بين «إيحاءات إيجابية» وغياب الحلول العملية

لم تقترن المواقف التي أطلقها كل من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وأمين عام ما يسمى حزب الله حسن نصر الله مساء الجمعة، التي اتسمت بكثير من الإيجابية وأوحت بإمكانية تشكيل الحكومة في الساعات المقبلة، بأي أطر عملية تؤمن فعليا ولادة حكومية سلسة، بل بالعكس تقاطعت المعلومات حول تمسك كل فريق بمطالبه بغياب أي طروحات جديدة تساهم بإخراج ملائم للتشكيلة العالقة في عنق الزجاجة.
وردّت مصادر قيادية في تيار «المستقبل» ما قالت إنها «إيحاءات إيجابية» صدرت عما يسمى نصر الله في إطلالته الأخيرة، كما عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري، إلى «محاولة منهما لقذف طابة التعطيل من ملعبهما إلى ملعب خصومهما»، لافتة إلى أنه «طالما العقد معروفة والنيات كما يوحي البعض إيجابية فلماذا لم تولد الحكومة بعد؟» وقالت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «ما يسعى إليه الثنائي الشيعي أمل – (حزب الله)، هو إرساء قاعدة من خارج الدستور من خلال اختلاق دور لهذا الثنائي في عملية التشكيل التي تقول كل النصوص الدستورية إنه يتولاها حصرا رئيسا الجمهورية والحكومة المكلف»، لافتة إلى أن «ما يعوّل عليه هذا الثنائي بشكل خاص هو المحافظة على تماسك فريق 8 آذار ولذلك نرى الرئيس بري يفاوض باسم المعسكر مجتمعا ويحاول استحصال وزارات أساسية وخدماتية قبل الانتخابات النيابية لاستخدامها في المعركة المقبلة».
من جهتها، أكّدت مصادر في حزب «القوات اللبنانية» تمسكهم بحصتهم الوزارية التي أعلنوا عنها أكثر من مرة وشددت على أنهم ليسوا بصدد التنازل عن وزارة الأشغال «بعدما تنازلنا عن حقنا بالحصول على وزارة سيادية». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «إلى جانب الأشغال نتمسك بوزارة الإعلام والشؤون الاجتماعية كما منصب نائب رئيس الحكومة... ومن لا يعجبه ذلك فليقدم اعتراضا لدى المعنيين بعملية التشكيل ألا وهما الرئيسان عون والحريري». وشدّدت المصادر على أن «لا حل للأزمة الحكومية قبل تخلّص الفريق الآخر من منطق الاستكبار والتعالي الذي يتعاطى من خلاله معنا»، نافية أن يكون قد عُرض على «القوات» أي طرح جديد في الأيام القليلة الماضية.
وأوحى التصريح الذي أدلى به الرئيس الحريري بعد اجتماعه بالرئيس بري مساء الجمعة بحصول خرق ما قد يؤدي لإعلان الولادة الحكومية قريبا، إذ قال إن بري «كان حريصًا جدًا على الاستعجال بالحكومة وإنهاء كل العقبات»، مضيفا: «لا شك في أن الجو إيجابي، وإن شاء الله الأمور إلى الأمام ونصل إلى خواتيمها قريبًا جدًا»، معربا عن تمنيه ولادة الحكومة قبل الأعياد.
من جهته، وصف النائب عن كتلة «التنمية والتحرير» ياسين جابر، الأجواء التي ترافق ولادة الحكومة بـ«الجيدة»، منبها إلى أنه «لا يمكن أن نتخلص من الفراغ الرئاسي ونعيش الفراغ الحكومي».
أما أمين سر تكتل «التغيير والإصلاح» النائب إبراهيم كنعان فأكّد أنهم وحزب «القوات اللبنانية» لا يريدون «استثناء أحد من المسيحيين»، قائلا: «يدنا ممدودة إلى الجميع، وهدفنا تعميم المصالحة والتفاهم والتضامن، ما يولد قوة وحضورا ووضوحا في الرؤية، وعندما تتوافر هذه المعطيات يستعاد الدور». بدوره، اعتبر رئيس جهاز «الإعلام والتواصل» السابق في «القوات اللبنانية» ملحم رياشي أن «نصر الله فتح الباب للحوار وهي نقطة إيجابية، والقوات تتلقفها بالإيجابية ذاتها»، داعيا «الفريق الآخر لتقديم التنازلات لتشكيل الحكومة بعدما قدّمت (القوات) تنازلات كبيرة لقيامة العهد». وقال: «اليوم هناك عقدة في حقيبة تيار (المردة) ولكن أعتقد أنه في مطلع الأسبوع المقبل ستحل وهذا سيسهّل ولادة الحكومة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».