المطالب الشعبية تنتصر في تونس على خطط المُقرضين وسياسات الإصلاح

تراجع عن تجميد الأجور وزيادة الضرائب

تتناقض التطورات الأخيرة مع تعهدات الحكومة بفرض إصلاحات اقتصادية وتطبيق حزمة إجراءات لإنعاش الاقتصاد المنهك (رويترز)
تتناقض التطورات الأخيرة مع تعهدات الحكومة بفرض إصلاحات اقتصادية وتطبيق حزمة إجراءات لإنعاش الاقتصاد المنهك (رويترز)
TT

المطالب الشعبية تنتصر في تونس على خطط المُقرضين وسياسات الإصلاح

تتناقض التطورات الأخيرة مع تعهدات الحكومة بفرض إصلاحات اقتصادية وتطبيق حزمة إجراءات لإنعاش الاقتصاد المنهك (رويترز)
تتناقض التطورات الأخيرة مع تعهدات الحكومة بفرض إصلاحات اقتصادية وتطبيق حزمة إجراءات لإنعاش الاقتصاد المنهك (رويترز)

بعد أيام قليلة من عقد تونس مؤتمرا دوليا للاستثمار، تعهدت فيه الحكومة ببذل كل الجهود الممكنة لتحسين بيئة الاستثمار وإصلاح المنظومة الاقتصادية ومعالجة الاختلالات الكلية للاقتصاد، رفض البرلمان التونسي قانونا يفرض ضرائب جديدة على المحامين، وآخر لزيادة الرسوم على الأدوية المستوردة، في انتكاسة لجهود الحكومة للقيام بإجراءات يطالب بها المُقرضون الدوليون.
وأتى رفض البرلمان إقرار ضريبة خاصة على المحامين بعد يوم واحد من تراجع الحكومة عن خطط لتجميد الأجور في القطاع العام، إثر اتفاق مع اتحاد الشغل سيكلف الحكومة نحو 418 مليون دولار في 2017 فقط.
ويُعتبر قرار تجميد الزيادة «خطا أحمر» من صندوق النقد الدولي، كان من المفترض ألا تتجاوزه تونس.
كان المحامون قد بدأوا سلسلة احتجاجات واسعة، من بينها ثلاثة إضرابات عامة في شهر واحد، إضافة إلى مظاهرة حاشدة أمام البرلمان، وأخرى أمام مكتب رئيس الوزراء يوسف الشاهد قبل أيام.
وتتناقض التطورات الأخيرة مع تعهدات الحكومة بفرض إصلاحات اقتصادية وتطبيق حزمة إجراءات لإنعاش الاقتصاد المنهك، وقد تزيد المصاعب المالية لتونس في 2017. وقالت وزيرة المالية، الخميس الماضي، إن تونس سترفع حجم اقتراضها من الخارج في 2017 إلى 3.71 مليار دولار، أي بزيادة نحو مليار دولار عما كان متوقعا قبل شهرين فقط.
وفي جلسة شابها التوتر رفض كثير من نواب الائتلاف الحاكم إقرار ضريبة المحامين، ليتم عقب جدال كبير سحب الفصل من قانون المالية.
كانت الحكومة قد اقترحت فرض ضريبة على المحامين بين ثمانية دولارات و25 دولارا عن كل ملف قضائي، بعد أن قال مسؤولون إن نحو نصف المحامين لا يلتزمون بدفع الضرائب ولا الكشف عن دخلهم.
وسحب البرلمان المكون من أكثر من 150 نائبا، فصلا يفرض ضريبة على الأدوية المستوردة بنسبة ستة في المائة.
وهددت الصيدليات بالإضراب في 14 ديسمبر (كانون الأول) في حالة إقرار ذلك التشريع، وقال معز الجودي، المحلل الاقتصادي لـ«رويترز»: «يبدو أن مصاعب تونس الاقتصادية ستزيد العام المقبل مع رفض إصلاحات جبائية ستكون مكلفة.. إضافة إلى تعقد مهمة تمرير إصلاحات أخرى حرجة مثل خفض الدعم وأنظمة التقاعد وإصلاح المؤسسات العمومية».
وتواجه الحكومة ضغوطا من المقرضين الدوليين لتنفيذ إصلاحات اقتصادية وخفض الإنفاق لتقليص العجز، وكان الرئيس الباجي قائد السبسي أقال رئيس الوزراء السابق الحبيب الصيد وعين الشاهد محله، بسبب فشل تنفيذ إصلاحات اقتصادية عاجلة.
وألغى الاتحاد التونسي للشغل إضرابا بعد التوصل إلى الاتفاق مع الحكومة بخصوص الأجور، حيث اتفقا على تقسيط الزيادة في أجور موظفي القطاع العام على عامين، ومن شأن الاتفاق وإلغاء الإضراب أن يحقق هدنة اجتماعية مع نقابة لها تأثير قوي في تونس، حيث تضم قرابة المليون عضو.
ووقع ممثلون عن الاتحاد والحكومة رسميا الاتفاق في مقر الحكومة، وكشف مسؤولون من الحكومة والاتحاد أنه بموجب هذا الاتفاق ستصرف الحكومة الجزء الأول من الزيادة في 2017، على أن تصرف الجزء الثاني في 2018.
وقال حسين العباسي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، إن الاتفاق يتيح للبلاد مزيدا من الاستقرار الاجتماعي، ويساعدها على تفادي أي توترات اجتماعية، وقال عبيد البريكي، وزير الوظيفة العمومية والحوكمة، إن الاتفاق سيكلف الحكومة 963 مليون دينار (418 مليون دولار) في 2017.
ودعا الاتحاد، وفق نص الاتفاق، الحكومة إلى «مقاومة الفساد والتهريب والتهرب الجبائي»، و«سن تشريعات رادعة من أجل مجتمع يقوم على النزاهة والشفافية والعدالة الاجتماعية».
ويشغل القطاع العام أكثر من 600 ألف شخص، وبين عامي 2010 و2016، زاد عدد موظفي القطاع العام في تونس بنسبة 50 في المائة، وتضاعفت كتلة الأجور بنسبة 100 في المائة وفق إحصائيات رسمية.
وفي 22 سبتمبر (أيلول) 2015، وقعت الحكومة السابقة برئاسة الحبيب الصيد اتفاقا مع اتحاد الشغل يقضي بالزيادة في الرواتب سنة 2017.
وصادقت حكومة يوسف الشاهد في 14 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على مشروع ميزانية الدولة لسنة 2017 الذي توقعت فيه تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 2.5 في المائة العام المقبل، وقالت الحكومة يومها في بيان، إنها قررت «تأجيل الزيادة في الأجور بسنة واحدة، إذا تحققت نسبة نمو بـ3 في المائة خلال سنة 2017».
وقال الاتحاد العام للشغل أيضا، إنه ألغى إضرابا للقطاع الخاص بعد الدخول في مفاوضات حول الرواتب مع الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية.
وتواجه الحكومة ضغوطا قوية من المقرضين الدوليين، خصوصا صندوق النقد لخفض الإنفاق، ووقف الزيادة في الرواتب لتقليص العجز، ويقول مسؤولون بصندوق النقد الدولي، إن أجور القطاع العام في تونس من بين أعلى المعدلات في العالم، حيث تصل إلى نحو 13.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
ولن تنتهي موجة الإضرابات بين يوم وليلة، فمن المتوقع أن ينظم آلاف المدرسين إضرابا عن العمل في يناير (كانون الثاني) المقبل. وما دامت الأزمة الاقتصادية مستمرة ستظل الحكومة تحاول تقليص النفقات، الأمر الذي يتسبب في الغالب في اضطرابات اجتماعية، خصوصا في دولة مرت بثورة شعبية منذ ست سنوات فقط.
وتفاقم عجز ميزانية الدولة التونسية ليبلغ 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار) في نهاية أكتوبر 2016، بحسب تقرير للبنك المركزي التونسي نُشر الأسبوع الماضي.
وجاء في مذكرة للبنك المركزي، إن «تنفيذ ميزانية الدولة عند نهاية أكتوبر يُظهر تدهورا في عجز الميزانية» الذي بلغ 3.7 مليارات دينار تونسي (1.6 مليار دولار)، مقابل 1.5 مليار دينار (645 مليون دولار) في الفترة ذاتها من العام الماضي.
وأضاف المركزي أن «العجز القائم تفاقم بوضوح في أكتوبر»، ليبلغ 7.5 في المائة من الناتج الإجمالي، متوقعا أن يقترب العجز من 8.5 في المائة في نهاية 2016. وأكد البنك المركزي أن النمو لم يبلغ سوى 0.2 في المائة في الفصل الثالث من العام الحالي، وأنه لن يزيد «في أحسن الحالات» على 1.4 في المائة لمجمل 2016.
وكانت الحكومة التونسية التي تسلمت مهامها في صيف 2016 أكدت أن البلاد تعيش حالة «طوارئ اقتصادية»، وتحاول حاليا أن تمرر ميزانيتها الجديدة عبر البرلمان.
وتشمل هذه الميزانية كثيرا من إجراءات التقشف، بينها ما يتعلق خصوصا بتأجيل زيادة رواتب العاملين في القطاع العام، الأمر الذي تم إلغاؤه أول من أمس.
كانت وزيرة المالية التونسية، لمياء الزريبي، قد صرحت وقت إعداد الميزانية، بأن الإجراء الخاص بتجميد الرواتب يشكل «خطا أحمر» بالنسبة إلى صندوق النقد الدولي.
وأبرمت تونس في مايو (أيار) خطة مساعدة جديدة مع صندوق النقد الدولي بقيمة 2.6 مليار يورو تمتد على أربع سنوات في مقابل إصلاحات اجتماعية واقتصادية.
وأعلن منظمون في مؤتمر تونس للاستثمار الدولي عن التوصل إلى ضمان 34 مليار دينار من قروض وتعهدات مالية في ختام أشغاله الأربعاء الماضي، وجزء من هذه الاستثمارات مرتبط بخطط الإصلاح.
ومن شأن هذا الدعم المالي أن يخفف الضغوط الناتجة عن مدفوعات الديون، بما في ذلك ثلاثة مليارات دولار سيحين موعد استحقاقها في العام المقبل.



بعد ساعات من إطلاقها... عملة ترمب الرقمية ترتفع بمليارات الدولارات

ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)
ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)
TT

بعد ساعات من إطلاقها... عملة ترمب الرقمية ترتفع بمليارات الدولارات

ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)
ترمب يؤدي رقصته الشهيرة في حدث انتخابي بأتلانتا في 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، ليل الجمعة - السبت، إطلاق عملته المشفرة التي تحمل اسمه، ما أثار موجة شراء زادت قيمتها الإجمالية إلى عدة مليارات من الدولارات في غضون ساعات.

وقدّم ترمب، في رسالة نُشرت على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» وعلى منصة «إكس»، هذه العملة الرقمية الجديدة بوصفها «عملة ميم»، وهي عملة مشفرة ترتكز على الحماس الشعبي حول شخصية، أو على حركة أو ظاهرة تلقى رواجاً على الإنترنت.

وليس لـ«عملة ميم» فائدة اقتصادية أو معاملاتية، وغالباً ما يتم تحديدها على أنها أصل مضاربي بحت، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأوضح الموقع الرسمي للمشروع أن هذه العملة «تحتفي بزعيم لا يتراجع أبداً، مهما كانت الظروف، في إشارة إلى محاولة اغتيال ترمب خلال حملة الانتخابات الأميركية في يوليو (تموز) التي أفضت إلى انتخابه رئيساً».

وسرعان ما ارتفعت قيمة هذه العملة الرقمية، ليبلغ إجمالي القيمة الرأسمالية للوحدات المتداولة نحو 6 مليارات دولار.

ويشير الموقع الرسمي للمشروع إلى أنه تم طرح 200 مليون رمز (وحدة) من هذه العملة في السوق، في حين تخطط شركة «فايت فايت فايت» لإضافة 800 مليون غيرها في غضون 3 سنوات.

ويسيطر منشئو هذا الأصل الرقمي الجديد، وبينهم دونالد ترمب، على كل الوحدات التي لم يتم تسويقها بعد، وتبلغ قيمتها نظرياً نحو 24 مليار دولار، بحسب السعر الحالي.