السفير اليمني في واشنطن: الخريطة الأممية الحالية تؤسس لأزمات جديدة

قال لـ «الشرق الأوسط» إنه لا جدوى من مفاوضات أخرى دون تنازلات وتمسك بالمرجعيات

د. أحمد عوض بن مبارك
د. أحمد عوض بن مبارك
TT

السفير اليمني في واشنطن: الخريطة الأممية الحالية تؤسس لأزمات جديدة

د. أحمد عوض بن مبارك
د. أحمد عوض بن مبارك

قال السفير اليمني في واشنطن الدكتور أحمد عوض بن مبارك إن هناك الكثير من التفاصيل الأساسية التي لم يتم الاتفاق عليها في خريطة الطريق الأممية، وإنها بشكلها الحالي غير متوافقة وغير ملتزمة مع المرجعيات الأساسية للمشاورات السياسية. وأضاف أن الخريطة لم تقدم حلولاً للأزمة بقدر ما تجاوزتها باتجاه خلق أزمات جديدة وتأسيس لصراعات قادمة، كما فتحت الباب لإعادة نقاش قضايا قد توافق عليها اليمنيون وأصبحت جزءًا من مرجعياتهم التي يحتكمون إليها.
وأورد السفير في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن حكومته «إذ تؤكد رغبتها في السلام باستمرار؛ فإن ذلك لا يعني أن نقبل بسلام شكلي لن يعالج المشكلة الأساسية وهي (الانقلاب)، ولن يقدم ضمانات حقيقية لانسحاب الميليشيات من المدن ولن يضمن إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين.. باختصار هناك تفاصيل كثيرة لا نعتقد أن الخريطة تناولتها كما يجب».
وحول سؤال يتعلق بتلقي الحكومة ردا من المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد بخصوص مطالب الحكومة ولو مبدئيا ببحثها، أوضح السفير بالقول: «من جانبنا عكف فريقنا المفاوض ومجموعة من الخبراء القانونيين على دراسة المقترح من كافة أوجهه، وقدمت ورقة متكاملة تشتمل على كافة الملاحظات والمآخذ الموضوعية إلى المبعوث عند زيارته الأخيرة إلى عدن».
وأضاف: لا نرى جدوى من عقد مفاوضات جديدة دون أفق واضح ودون تنازلات وخطوات بناء ثقة فعلية على الأرض، والقبول غير المشروط بالمرجعيات الثلاث وعلى رأسها القرار 2216.
وعن موقف واشنطن قال السفير اليمني إن الموقف الأميركي واضح وهو بالتأكيد يدعم الشرعية ويعمل عن كثب مع الحكومة الشرعية والشركاء الدوليين والإقليميين لدعم جهود المبعوث الأممي لتحقيق السلام في اليمن، ونحن على اتصال دائم مع الإدارة الأميركية للتأكيد على دعمنا لأي جهود تحقق السلام المستدام في اليمن على أساس المرجعيات الثلاث، لافتا إلى استمرار التعاون والتنسيق بين الحكومة اليمنية الشرعية والولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب: «وهنا أؤكد على موقف الحكومة الشرعية الثابت والتزامها تجاه مكافحة الإرهاب بشتى أشكاله».
وعرج الدكتور بن مبارك على ما جرى من تشكيل حكومة للانقلابيين، وقال: إن ذلك «يشكل إمعانًا في تجاهلهم لأي مساعي سلام حقيقية واستخفافا بمعاناة ملايين اليمنيين الذين يرزحون تحت عبء الفقر، وبدلاً عن العمل ضمن إطار سياسي تشاوري في اتجاه إحلال السلام والعمل عليه من خلال إجراءات حقيقية لبناء الثقة يقدمون هم يوميًا أمثلة على هدمها، ولا يمكن النظر لتشكيل الحكومة المزعومة إلا باعتبارها تقويضا واضحا لجهود السلام وإصرارا على المضي نحو تطويل معاناة الشعب».
وحول سؤال عن الانطباع الحكومي من عدم حصول «حكومة الانقلاب» على أي اعتراف إقليمي أو دولي، قال السفير: لا يمكن لجماعة آيديولوجية تفكر بعقلية ما قبل التاريخ أن تعتنق قيم الإنسانية والتحضر، ولا يمكن لها أن تؤمن بقيم المساواة وهي تروج لنفسها بهذه الطريقة السلالية العنصرية.. هذه الجماعة مع حليفها (صالح) لا تشكل خطرًا فقط على اليمن وإنما تشكل خطرًا على الإقليم والعالم، ولذلك أرى أنه من الطبيعي ألا يعترف المجتمع الإقليمي الدولي بهذه الحكومة التي أسست لمصالحها بالتمرد على الدولة، بالإضافة إلى أن تشكيلها في هذا التوقيت رسالة واضحة ليس «السلام» إحدى مفرداتها.
وردا على سؤال يستفسر عن تحركات تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، يقول السفير اليمني في واشنطن «كانت هناك عدة فرص أمام الحوثيين ليكونوا حزبا سياسيا أساسيا منخرطا في العملية الانتقالية، وقد تجسد هذا في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ولكنهم قضوا على فرصهم الواحدة تلو الأخرى بعد انقلاب سبتمبر (أيلول) وما تبعه من هجوم وتشريد على مناطق اليمن كافة، بالإضافة لسياسة الاعتقالات، وتجنيد الأطفال وغيرها، لعل تصرفات هذه الجماعة العدائية واللاإنسانية تدفع بقوة باتجاه تصنيفها كجماعة إرهابية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.