روسيا تبيع 20 % من «روسنفت» النفطية إلى «غلينكور» وصندوق قطري

مقابل 10.7 مليار دولار في عملية غير مسبوقة بالقطاع خلال 2016

روسيا تبيع 20 % من «روسنفت» النفطية إلى «غلينكور» وصندوق قطري
TT

روسيا تبيع 20 % من «روسنفت» النفطية إلى «غلينكور» وصندوق قطري

روسيا تبيع 20 % من «روسنفت» النفطية إلى «غلينكور» وصندوق قطري

باعت الدولة الروسية 19.5 في المائة من مجموعة «روسنفت» النفطية العملاقة إلى شركة الوساطة «غلينكور» والصندوق السيادي القطري، مقابل أكثر من 10 مليارات يورو (10.7 مليار دولار)، مخفضة بذلك العجز في ميزانيتها، في عملية غير مسبوقة بالقطاع في العالم خلال 2016.
وقال الكرملين، أمس الخميس، إن صفقة بيع حصة بشركة «روسنفت» النفطية الروسية العملاقة إلى قطر وشركة «غلينكور» لتجارة السلع الأولية هي صفقة تجارية فقط وليست سياسية.
وردًا على سؤال عما إذا كانت أي اتفاقات بشأن سوريا كانت جزءًا من المحادثات، قال ديمتري بسكوف المتحدث باسم الكرملين للصحافيين في مؤتمر هاتفي: «هذه الصفقة تجارية بامتياز، لم توجد ولا توجد أي اعتبارات سياسية هنا». مضيفًا أن الكرملين لم يشارك في العمل التحضيري للصفقة الذي تولاه بشكل شخصي إيغور سيتشن، رئيس «روسنفت» وفريقه.
ورحب المستثمرون بالصفقة – وفقًا لوكالة الصحافة الفرنسية - التي أدت إلى ارتفاع أسعار أسهم الشركة عند افتتاح بورصة موسكو أمس الخميس. وصل سعر سهم «روسنفت» إلى 374 روبلاً (5.9 دولار)، وبذلك تصبح قيمة هذه المجموعة في البورصة حسب أسعار الصرف الحالية نحو 58 مليار يورو (61.9 مليار دولار) حتى ظهر أمس.
وأعلن الكرملين في وقت متأخر من ليل الأربعاء، الصفقة التي ستُدخل إلى رأسمال واحدة من أكبر مجموعات إنتاج المحروقات في العالم «كونسورتيوم» تضم بحصص متساوية، قطر عبر صندوقها السيادي، ومجموعة الوساطة الإنجليزية السويسرية للمواد الأولية «غلينكور»، إلى جانب الدولة الروسية التي تملك الحصة الكبرى، والشركة البريطانية «بريتيش بتروليوم».
وكانت عملية البيع هذه المعقدة جدًا في حجمها وبسبب الطابع الاستراتيجي جدًا للشركة، منتظرة منذ أسابيع، وموضع تكهنات كثيرة، على غرار العملية الأخرى التي قامت بها الحكومة العام الحالي، لتحسين ماليتها المتراجعة بسبب انخفاض أسعار النفط، وهي بيع شركة «باشنفت».
وأثارت عملية بيع شركة «باشنفت» جدلاً كبيرًا اتهم بعدها وزير الاقتصاد بالفساد وأقيل من منصبه.
وإزاء صعوبة العثور على مستثمر قادر على دفع المبلغ اللازم مع احترام الشروط التي وضعتها موسكو، وفي مواجهة الضرورة الملحة لدعم الميزانية قبل 31 ديسمبر (كانون الأول)، طرح حتى خيار قيام «روسنفت» نفسها بإعادة شراء أسهمها الخاصة حتى إيجاد مشتر في وقت لاحق.
وأعلن الرئيس فلاديمير بوتين ومدير «روسنفت» إيغور سيتشن، أحد أقرب المقربين من الرئيس، النبأ أمام وسائل الإعلام. وقال بوتين إن قيمة الصفقة البالغة 10.5 مليار يورو «تجعل منها أكبر عملية دمج واستحواذ في قطاع المحروقات في 2016». وأضاف: «آمل أن يؤدي وصول مستثمرين جدد إلى الهيئات الإدارية إلى تحسين عمل المؤسسة، وأن تفضي شفافيتها في نهاية المطاف إلى زيادة رأسمالها». وأكد أن الدولة الروسية تحتفظ بأكثر بقليل من خمسين في المائة من المجموعة.
من جهته، قال سيتشن لبوتين الأربعاء، إن محادثات جرت مع «أكثر من ثلاثين شركة وصندوقًا ومستثمرين محترفين وصناديق سيادية ومؤسسات مالية من دول في أوروبا والأميركيتين والشرق الأوسط ومنطقة آسيا والمحيط الهادي».
وأضاف أن الدفع «سيتم بالأموال التي نملكها والاعتمادات المنظمة من واحد من أكبر المصارف الأوروبية». وذكر المصرف الاستثماري «رينيسانس كابيتال» في مذكرة أن مصرفا إيطاليا سيمول الجزء الأكبر من الصفقة.
ونقلت «رويترز» عن مصدرين مطلعين قولهما إن من المتوقع أن يقدم بنك «إنتيسا سان باولو» الإيطالي الجزء الأكبر من التمويل من دون حق الرجوع إلى شركة «غلينكور» لتجارة السلع الأولية لمساعدتها في تمويل شراء حصة في شركة «روسنفت» النفطية الروسية المملوكة للدولة.
وقالت «غلينكور» إنها ستمول جزءًا من الصفقة باستخدام 300 مليون يورو من أموالها، والباقي ستموله بنوك وصندوق الثروة السيادي القطري «جهاز قطر للاستثمار».
وأكدت «غلينكور» في بيان أن العقد «مشروط بإنجاز كل عمليات التمويل والضمان والاتفاقات الأخرى» ويمكن أن ينجز في منتصف ديسمبر.
وأوضحت أن هذه الصفقة تمثل ربحًا قدره 220 ألف برميل يوميًا لنشاطات الوساطة و«ستؤمِّن إمكانات أخرى لشراكة استراتيجية».
وشكر سيتشن الرئيس الروسي مؤكدًا أن العملية ما كانت ستنجز «لولا جهوده الشخصية».
وشدد الناطق باسم الكرملين ديمتري بسكوف، على أن عملية البيع تجارية، مؤكدًا أنها دليل على أن الشركات الروسية لا تزال مغرية للمستثمرين في الخارج، على الرغم من ضعف المناخ الاقتصادي.
وقال إن «هذا الاتفاق محض تجاري». وأضاف أن «الموجودات الروسية وخصوصًا الريادية منها ترتدي أهمية كبيرة للمستثمرين داخل روسيا وخارجها».
وكانت «روسنفت» المجموعة المتواضعة نسبيًا قبل 15 عامًا، شهدت نموًا كبيرًا مع وصول بوتين إلى السلطة. فقد كبرت أولاً على أنقاض مجموعة «يوكوس» التي كان يملكها المعارض ميخائيل خودوركوفسكي وفككها القضاء، ثم عبر شراء منافستها «تي إن كا - بريتش بتروليوم» في 2013، ثم فرضت نفسها أخيرًا بشرائها «باشنفت» رغم معارضة الحكومة.
وتخضع «روسنفت» لعقوبات أميركية بسبب الأزمة الأوكرانية.
وقال بوتين إن العملية أنجزت في إطار «توجه لارتفاع أسعار النفط، مما ينعكس على قيمة المجموعة».
وكان سعر برميل النفط قد تجاوز خمسين دولارا في الأسواق بعد اتفاق دول منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) على خفض العرض بالتفاهم مع روسيا. والهدف هو إنهاء مرحلة انخفاض أسعار المحروقات، الذي كان له تأثير كارثي على اقتصادات الدول المنتجة.
من جهة أخرى، تبدو روسيا التي تخضع لعقوبات غربية بسبب ضمها شبه جزيرة القرم والنزاع في شرق أوكرانيا، على وشك الخروج من سنتين من الانكماش، لكن قطاعها المالي لا يزال متأثرًا بانخفاض عائدات النفط.
وبعد خصخصة «باشنفت» لقاء نحو 5 مليارات يورو، يفترض أن يسمح بيع أسهم في «روسنفت» باقتراب العجز في الميزانية من 3 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي الذي حدده بوتين، مشددًا على أولوية المحافظة على الاستقرار المالي.
ولعام 2017، تنص الميزانية التي صوت عليها النواب على اقتطاعات كبيرة في الميزانية ينتقدها الشيوعيون وأرباب العمل على حد سواء، على عجز قدره 3.2 في المائة.
وسيؤمِّن ارتفاع دائم لأسعار النفط هوامش مناورة واسعة لبوتين، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية التي ستجري في 2018.



الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
TT

الصين تتعهد بتحفيز الاقتصاد عبر زيادة الديون وتخفيض الفائدة

الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)
الرئيس الصين شي جينبينغ يُلقي خطاباً خلال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في بكين (وكالة أنباء شينخوا)

تعهدت الصين، يوم الخميس، بزيادة العجز في الموازنة، وإصدار مزيد من الديون، وتخفيف السياسة النقدية، للحفاظ على استقرار معدل النمو الاقتصادي، وذلك في ظل استعدادها لمزيد من التوترات التجارية مع الولايات المتحدة مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

جاءت هذه التصريحات في بيان إعلامي رسمي صادر عن اجتماع سنوي لتحديد جدول أعمال كبار قادة البلاد، المعروف بمؤتمر العمل الاقتصادي المركزي (CEWC)، الذي عُقد في 11 و12 ديسمبر (كانون الثاني)، وفق «رويترز».

وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية بعد الاجتماع المغلق للجنة الاقتصادية المركزية: «لقد تعمق الأثر السلبي الناجم عن التغيرات في البيئة الخارجية». ويُعقد هذا الاجتماع في وقت يعاني فيه ثاني أكبر اقتصاد في العالم من صعوبات شديدة، نتيجة أزمة سوق العقارات الحادة، وارتفاع ديون الحكومات المحلية، وضعف الطلب المحلي. وتواجه صادراتها، التي تعد من بين النقاط المضيئة القليلة في الاقتصاد، تهديداً متزايداً بزيادة الرسوم الجمركية الأميركية.

وتتوافق تعهدات اللجنة الاقتصادية المركزية مع اللهجة التي تبناها أكثر تصريحات قادة الحزب الشيوعي تشاؤماً منذ أكثر من عقد، التي صدرت يوم الاثنين بعد اجتماع للمكتب السياسي، الهيئة العليا لصنع القرار.

وقال تشيوي تشانغ، كبير الاقتصاديين في «بين بوينت أسيت مانجمنت»: «كانت الرسالة بشأن رفع العجز المالي وخفض أسعار الفائدة متوقعة». وأضاف: «الاتجاه واضح، لكنَّ حجم التحفيز هو ما يهم، وربما لن نكتشف ذلك إلا بعد إعلان الولايات المتحدة عن الرسوم الجمركية».

وأشار المكتب السياسي إلى أن بكين مستعدة لتنفيذ التحفيز اللازم لمواجهة تأثير أي زيادات في الرسوم الجمركية، مع تبني سياسة نقدية «مرنة بشكل مناسب» واستخدام أدوات مالية «أكثر استباقية»، بالإضافة إلى تكثيف «التعديلات غير التقليدية المضادة للدورة الاقتصادية».

وجاء في ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري تنفيذ سياسة مالية أكثر نشاطاً، وزيادة نسبة العجز المالي»، مع رفع إصدار الديون على المستوى المركزي والمحلي.

كما تعهد القادة بخفض متطلبات الاحتياطي المصرفي وبتخفيض أسعار الفائدة «في الوقت المناسب».

وأشار المحللون إلى أن هذا التحول في الرسائل يعكس استعداد الصين للدخول في مزيد من الديون، مع إعطاء الأولوية للنمو على المخاطر المالية، على الأقل في الأمد القريب.

وفي مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي، تحدد بكين أهداف النمو الاقتصادي، والعجز المالي، وإصدار الديون والمتغيرات الأخرى للعام المقبل. ورغم أن الأهداف يجري الاتفاق عليها في الاجتماع، فإنها لن تُنشر رسمياً إلا في الاجتماع السنوي للبرلمان في مارس (آذار).

وأفادت «رويترز» الشهر الماضي بأن المستشارين الحكوميين أوصوا بأن تحافظ بكين على هدف النمو عند نحو 5 في المائة دون تغيير في العام المقبل.

وقال تقرير اللجنة الاقتصادية المركزية: «من الضروري الحفاظ على نموٍّ اقتصادي مستقر»، لكنه لم يحدد رقماً معيناً.

التهديدات الجمركية

وأثارت تهديدات ترمب بزيادة الرسوم الجمركية حالة من القلق في المجمع الصناعي الصيني، الذي يبيع سلعاً تزيد قيمتها على 400 مليار دولار سنوياً للولايات المتحدة. وقد بدأ كثير من المصنِّعين في نقل إنتاجهم إلى الخارج للتهرب من الرسوم الجمركية.

ويقول المصدِّرون إن زيادة الرسوم الجمركية ستؤدي إلى تآكل الأرباح بشكل أكبر، مما سيضر بالوظائف، والاستثمار، والنمو. وقال المحللون إنها ستفاقم أيضاً فائض القدرة الإنتاجية في الصين والضغوط الانكماشية التي تولدها.

وتوقع استطلاع أجرته «رويترز» الشهر الماضي أن الصين ستنمو بنسبة 4.5 في المائة في العام المقبل، لكنَّ الاستطلاع أشار أيضاً إلى أن الرسوم الجمركية قد تؤثر في النمو بما يصل إلى نقطة مئوية واحدة.

وفي وقت لاحق من هذا العام، نفَّذت بكين دفعة تحفيزية محدودة، حيث كشف البنك المركزي الصيني في سبتمبر (أيلول) عن إجراءات تيسيرية نقدية غير مسبوقة منذ الجائحة. كما أعلنت بكين في نوفمبر (تشرين الثاني) حزمة ديون بقيمة 10 تريليونات يوان (1.4 تريليون دولار) لتخفيف ضغوط تمويل الحكومات المحلية.

وتواجه الصين ضغوطاً انكماشية قوية، حيث يشعر المستهلكون بتراجع ثرواتهم بسبب انخفاض أسعار العقارات وضعف الرعاية الاجتماعية. ويشكل ضعف الطلب الأسري تهديداً رئيسياً للنمو.

ورغم التصريحات القوية من بكين طوال العام بشأن تعزيز الاستهلاك، فقد اقتصرت السياسات المعتمدة على خطة دعم لشراء السيارات والأجهزة المنزلية وبعض السلع الأخرى.

وذكر ملخص اللجنة الاقتصادية المركزية أن هذه الخطة سيتم توسيعها، مع بذل الجهود لزيادة دخول الأسر. وقال التقرير: «يجب تعزيز الاستهلاك بقوة».