فلول «داعش» تنسحب من سرت.. والجيش الوطني يعلن تقدمه في بنغازي

واشنطن تدعو ميليشيات طرابلس إلى وقف الاشتباكات والخروج من العاصمة الليبية

فلول «داعش» تنسحب من سرت.. والجيش الوطني يعلن تقدمه في بنغازي
TT

فلول «داعش» تنسحب من سرت.. والجيش الوطني يعلن تقدمه في بنغازي

فلول «داعش» تنسحب من سرت.. والجيش الوطني يعلن تقدمه في بنغازي

رغم ادعائها أنها نجحت في تأمين آخر مجموعة من المباني التي كان يتحصن بها مقاتلو تنظيم داعش في معقلهم السابق في مدينة سرت الليبية، فإن قادة عسكريين في القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني قالوا أمس، في المقابل، إن الإعلان عن تحرير المدينة رسميا قد يتأخر بعض الوقت لإتمام عمليات التطهير وإزالة الألغام والمفخخات التي زرعها عناصر التنظيم المتطرف داخل المدينة.
وجاءت هذه التطورات فيما أعربت الولايات المتحدة على لسان الناطق باسم وزارة الخارجية عن قلقها العميق إزاء تصاعد العنف بين المجموعات المسلحة في طرابلس، ودعت جميع الأطراف إلى الاستجابة فورا لنداء حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج بوقف القتال.
وقال مارك تونر، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، في مؤتمر صحافي عقده بالعاصمة الأميركية واشنطن أمس: «نحث جميع الأطراف على نزع فتيل التوترات في العاصمة واحترام بنود الاتفاق السياسي، بما في ذلك الترتيبات الأمنية لانسحاب الجماعات المسلحة من المدن الليبية، والاستعاضة عنها بوحدات الجيش الحكومي والشرطة.. ونؤكد مجددا دعمنا القوي لرئيس الوزراء فائز السراج، ولحكومة الوفاق الوطني، والاستعادة السريعة لنظام والأمن لكل شعب ليبيا».
وهذا هو أول تعليق أميركي رسمي على الاشتباكات العنيفة التي اندلعت مؤخرا في العاصمة طرابلس، التي ما زالت تشهد وضعا متأزما، حسب ما صرح به عمر حميدان، الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، والمتواجد بالعاصمة لـ«الشرق الأوسط».
وتفقد خليفة الغويل، رئيس حكومة الإنقاذ الوطني الموالية لبرلمان طرابلس، برفقة نائب رئيسه عوض عبد الصادق المنطقة المجاورة لغابة النصر بمنطقة باب بن غشير بعد الهجوم المسلح عليها مؤخرا. وكان الغويل الذي يرفض الاعتراف بسلطة حكومة السراج، ويسعى لعقد صفقة سياسية مع حكومة مجلس النواب الموجود بمدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، قد أعلن عن تشكيل لجنة تتولى حصر الأضرار البشرية والمتابعة القضائية لحقوق المتضررين بمنطقة باب بن غشير.
وفي سابقة تعد الأولى من نوعها، التقى أمس المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، مع وفد ضم وزراء سابقين في حكومة الغويل، لكن الناطق باسم برلمان طرابلس قال في المقابل إن هذا الاجتماع لا معنى له. وأوضح حميدان أن «الوفد ضم وزراء تم إقالة بعضهم واستقال بعضهم، وهم الآن ليسوا على وفاق مع حكومة الإنقاذ، وهم أشخاص عاديون مجردون من أي صفة رسمية»، وتابع موضحا أن «تحرك هذه المجموعة بهذه الطريقة هو للبحث عن دور فقط، ولا مكان لهم في الحوار الليبي - الليبي الذي طرفاه المؤتمر والبرلمان والحكومتين الرسميتين التابعتين لهما».
وبعدما لفت إلى أن رئيس البرلمان عقيلة صالح أعتقد أنهم يمثلون حكومة الغويل، قال حميدان: «لقد تواصلت شخصيا مع سعد المريمي، رئيس وفد البرلمان في الحوار، لأشرح له هذا الوضع، وبدوره تواصل مع السيد عقيلة صالح وأعلمني بأنه قد وقع سوء فهم، وأن عقيلة كان يعتقد أنهم يمثلون حكومة الإنقاذ ورئيسها الغويل، ولهذا السبب لم يقابلهم عبد الله الثني رئيس الحكومة الموالية لمجلس النواب».
وفى مدينة بنغازي شرق البلاد، أعلن الجيش الوطني، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، أن قواته تتقدم في محور قنفوذة بغرب المدينة، كما أعلن عن إحباط هجوم انتحاري بسيارة مفخخة كانت تريد استهداف عناصر الجيش.
وقال مسؤول عسكري إن الاشتباكات التي جرت أمس أسفرت عن مقتل اثنين من الجنود وإصابة خمسة آخرين بجروح متفاوتة. من جهة أخرى، قال مستشفى مصراتة المركزي إنه استقبل أمس جثامين اثنين من قتلى القوات الموالية لحكومة السراج، وتستعد لإعلان تحرير سرت من قبضة «داعش»، بالإضافة إلى 10 جرحى، 9 منهم من مصراتة، وجريح من سبها تتراوح إصاباتهم بين بسيطة خلال الاشتباكات ضد تنظيم داعش بمدينة سرت.
وأعلنت غرفة «عملية البنيان المرصوص» أن القوات نجحت أمس في إنقاذ أربع نساء و21 طفلا، مشيرة إلى أنه تم رصد 30 جثة لأتباع «داعش» في أماكن متفرقة خلال عمليات ملاحقة الفلول المهزومة، موضحة أن مجموعة النساء والأطفال الناجين كانت تتخذهم عصابات «داعش» دروعًا بشرية، على حد قولها.
وأوضحت في بيان آخر نشرته عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أن القوات بدأت منذ صباح أمس بملاحقة آخر الفلول الهاربة لـ«داعش» الذي مني بهزيمة قاسية في المدينة، مشيرة إلى أنها تحاصر ثلاثة من أتباع التنظيم المتطرف في أحد المنازل، وتتعامل مع مجموعة أخرى تختبئ في أحد المواقع.
وقال مسؤولون إن نساء وأطفالا يوجدون في مبنيين في حي الجيزة البحرية بالمدينة وإن عددا محدودا من المقاتلين ما زالوا بالمنطقة. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن متحدث عسكري أن قوات «البنيان المرصوص» حررت منطقة الجيزة البحرية في المدينة الساحلية، التي تعتبر المنطقة الأخيرة التي كانت تحت سيطرة المسلحين، وأن عملية تأمينها تجري حاليا. وتأتي هذه التطورات في أعقاب حملة مريرة استمرت سبعة أشهر ضد «داعش»، الذي استغل انقسام ليبيا بين الحكومتين المتنافستين في شرقي وغربي البلاد ليحوز أكبر أراضيه خارج معقل التنظيم في سوريا والعراق.
وقال إبراهيم رفيدة، القائد الميداني البارز، في وقت متأخر من مساء أول من أمس إنه ما زال هناك نحو عشرة منازل في الجيزة البحرية لم تؤمن بعد، وخمسة منازل أخرى دمرت في غارات جوية، لكنها لم تخضع للتفتيش حتى الآن. وقال لراديو مصراتة «إف إم» إنه ما زالت هناك بعض السيدات والأطفال وجثث مقاتلين من تنظيم داعش في المنازل، التي لم يتم تأمينها بعد، بينما قال مسؤول آخر، طلب عدم الكشف عن هويته، إن بعض المتشددين ما زالوا مختبئين بالمباني، وتابع موضحا أنه حتى بعد فرض السيطرة الكاملة على الجيزة البحرية سيتعين على القوات الليبية محاولة تأمين قرى ووديان جنوبي سرت كان المتشددون ينشطون فيها.
ويقول مسؤولون ليبيون وغربيون إن بعض مقاتلي تنظيم داعش فروا من سرت في المراحل الأولى من المعركة، وذلك لشن حملة مسلحة من خارج المدينة، وإن هجمات وقعت بالفعل من خلف جبهة القتال. ولا يزال يعتقد أن مقاتلي التنظيم المتشدد موجودون في عدة أجزاء من جنوبي وشرقي ليبيا، ولكن لم تعد لهم سيطرة على أي مدينة.
وسيطر التنظيم المتطرف على سرت في أوائل عام 2015، وأقام أهم قاعدة له خارج سوريا والعراق، وجند أعدادا كبيرة من المقاتلين الأجانب. وشنت قوات يقودها مقاتلون من مدينة مصراتة الواقعة في غرب ليبيا هجوما مضادا على المتشددين في مايو (أيار) الماضي، حيث تقدمت الكتائب المتحالفة مع الحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة في طرابلس بسرعة باتجاه وسط سرت، قبل أن يعطل تقدمها مهاجمون انتحاريون وقناصة وألغام.
ومنذ مطلع شهر أغسطس (آب) الماضي شنت الولايات المتحدة أكثر من 490 ضربة جوية لدعم القوات، التي يقودها مقاتلون من مصراتة، بينما سقط 710 قتلى و3210 جرحى منذ بداية عملية تحرير سرت. لكن خبراء يحذرون من أن خسارة سرت ورغم أنها تشكل نكسة كبرى، لا تعني نهاية وجود تنظيم داعش في ليبيا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.