يبدي وليد جنبلاط، رئيس كتلة «اللقاء الديمقراطي» البرلمانية ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان، مرونة واضحة حيال تأليف الحكومة اللبنانية العتيدة ومع سائر الملفات السياسية «من زاوية ضرورة تحصين البلد لمواجهة الأخطار المحدقة به وما يجري في المنطقة من حروب حوله وتحولات ومتغيرات تستوجب التواضع»، بحسب ما يقول مقربون منه. وتأتي هذه «المرونة» حسب هؤلاء مع تحوّل عملية تشكيل الحكومة إلى «بازار» وكلّ يريد تجيير هذه الوزارة للاستحقاق الانتخابي النيابي المرتقب في شهر مايو (أيار) المقبل.
وبينما يدعو جنبلاط هذه الأيام الأطراف اللبنانية إلى تقديم التنازلات والإسراع في تشكيل الحكومة، يبدو واضحا تسهيله الأمور على صعيد التمثيل الدرزي بعيدًا عن رفع سقف المطالب. وهو ما تشير إليه مصادر سياسية متابعة مقرّبة منه عازية الأمر «إلى جملة ظروف وعناوين تدفع بجنبلاط إلى التكيف معها في هذه المرحلة التي تعيش فيها المنطقة جحيمًا وحروبًا وتحولات وتطورات وإعادة رسم جيوسياسية جديدة في الإقليم، والتي من الطبيعي أن تترك تداعياتها على الداخل اللبناني، ما يقتضي على كلّ الأفرقاء أن يعملوا على تحصين السلم الأهلي. وبالتالي اتفاق الطائف الذي أوقف الحرب في لبنان وهو الدستور في آن».
أما عما يبدو زهدًا بالحقائب الوزارية داخل الطائفة الدرزية، فإن المصادر تؤكد اقتناع جنبلاط بـ«ضرورة الابتعاد عن المزايدات والمواقف الشعبوية التي لا تسمن ولا تغني في هكذا ظروف، فالحكومة (العتيدة) هي لفترة ستة أشهر. وبالتالي يجب المساهمة من كلّ الأطراف على ضرورة ولادتها في أقرب وقت من أجل الاهتمام بقضايا الناس المعيشية والاجتماعية وخصوصًا ما يحدث حول لبنان من حروب وفي ظلّ تدفّق النازحين السوريين بشكل مريب. وكلّ ذلك يجب أن يترافق مع وجود حكومة وحدة وطنية لمواجهة ومجابهة هذه التطورات». وعليه فإن الزعيم الاشتراكي يسعى الآن لتسهيل دور ومهام الرئيس المكلّف سعد الحريري، ولا يريد الدخول في هذا التوقيت الإقليمي المفصلي في بازار توزيع الحقائب والسعي لأجل هذه الحقيبة وتلك وما طرحه من أسماء للتوزير من قبله هم من لهم باع طويل في السياسة والاقتصاد والخدمات والوطنية والتضحيات».
ويبقى وفق المتابعين لحركة النائب جنبلاط أن الرجل لديه في هذه المرحلة أيضًا هاجس قانون الانتخاب، حيث يسعى البعض لمحاولة تحجيمه عبر قانون النسبية، بعيدًا عن الوقائع والمتغيّرات التي حصلت والحروب التي شهدها لبنان في الماضي ومسألة الفرز السياسي والجغرافي وبروز المذهبية والطائفية بشكل مخيف، ناهيك من غياب الأحزاب أو اضمحلال دورها. ما يستدعي - حسب المتابعين - التفاهم على قانون عادل. وهذه المعركة يخوضها جنبلاط بهدوء، إذ سبق له أن انتدب النائب مروان حماده ليمثل «اللقاء الديمقراطي» في مناقشة قانون الانتخاب في المجلس النيابي. والآن سيواكب حماده هذا القانون كوزير كون توزيره بات محسومًا نظرًا لخبرته السياسية ومواكبته ومتابعته لمسألة قانون الانتخاب في اللجان النيابية ومع رئيس المجلس النيابي نبيه بري والمعنيين. من هنا، قد يكون مشروع قانون الانتخاب العتيد من «المعارك الشرسة» التي سيخوضها حماده على اعتبار أن النائب جنبلاط درس عبر فريقه السياسي والخبراء والمعنيين كلّ الخيارات. وهو يدرك أن الأمور تبدّلت مع وجود الثنائي المسيحي القوي أي «التيار الوطني الحرّ» (التيار العوني) و«القوات اللبنانية» وانتخاب العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية، وكذلك وجود الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل في المقلب الآخر وحلفائهم، وإن كان الرئيس نبيه برّي (زعيم حركة أمل) من الذي يعملون في هذه المرحلة كما في المراحل السابقة لطمأنة حليفه اللدود وصديقه النائب جنبلاط.
عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب فؤاد السعد يقول موضحًا إن رئيس الحزب الاشتراكي «يسعى لتحصين طائفته، أي لوحدة الصفّ الدرزي، وحيث نسج مع النائب طلال أرسلان علاقة ممتازة بمعزل عن التباينات السياسية، إن بالنسبة للنظام السوري أو لقانون الانتخاب. بل هناك توافق على وحدة الجبل مهما تعاظمت وتيرة الاختلاف، وصولاً إلى دور جنبلاط على المستوى الوطني لأنه قلق وخائف ولديه هواجس جرّاء ما يحدث في المنطقة، وفي سوريا تحديدًا. وهذا ما يدفعه إلى اندفاعة في التسويات الوطنية على قاعدة الحفاظ على البلد وعلى وحدة الصف بين أبناء الطائفة الدرزية، وهذا ما شهدناه من خلال مصالحة الجبل وزيارة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي إلى المختارة وإعادة بناء كنيسة السيدة أيضًا، ووصولاً إلى إقامة جامع الأمير شكيب أرسلان والخطبة الوطنية لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان».
قانون الانتخاب «معركة» جنبلاط القادمة بعد تبدّل التحالفات اللبنانية
مصادر: مرونته في «التأليف الحكومي» هدفها تحصين البلد والوضع الدرزي
قانون الانتخاب «معركة» جنبلاط القادمة بعد تبدّل التحالفات اللبنانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة