قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن الحكومة والبنك المركزي يتخذان إجراءات من أجل تضييق آثار التقلبات الاقتصادية التي تعانيها البلاد، والتي وصفها بـ«المؤقتة إلى الحد الأدنى».
وشدد يلدريم الذي ترأس ليل الجمعة - السبت اجتماعًا لمجلس التنسيق الاقتصادي، الذي يضم الوزراء والمسؤولين المعنيين بالملف الاقتصادي في تركيا، على أن الاقتصاد التركي يقوم على «أسس قوية»، وقال إن «القطاع المالي لدينا وشركاتنا قوية، ولقد تم اتخاذ التدابير اللازمة للحد من آثار المشكلات الاقتصادية، من خلال النظر في الظروف العالمية بدقة»، لافتًا إلى أن تركيا شهدت ظروفًا أسوأ بكثير من الظروف الاقتصادية الراهنة أربع أو خمس مرات في الماضي.
وهوت أسعار الليرة التركية بشدة في تعاملات نهاية الأسبوع، الجمعة، مسجلة تراجعًا تاريخيًا أمام العملات الأجنبية، ووصل سعر الدولار إلى أكثر من 3.53 ليرة، فيما قفز سعر اليورو إلى أكثر من 3.76 ليرة.
وفي ظل هذا التراجع، دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان المواطنين الأتراك إلى تحويل ما بحوزتهم من عملات أجنبية يحتفظون بها إلى ذهب أو ليرة. وقال: «يجب على من يحتفظون بالعملات الأجنبية تحت وسادتهم أن يحولوها إلى الليرة التركية أو إلى ذهب».
وتابع: «أقول إنه لا خيار آخر غير خفض أسعار الفائدة. ولا أقول أكثر من ذلك. سنفتح الطريق أمام المستثمرين بأسعار فائدة منخفضة». وتأثر سعر الليرة أكثر بهذه التصريحات ليصل إلى 3.58 ليرة للدولار.
وكان البنك المركزي التركي قرر الأسبوع الماضي رفع سعر الفائدة القياسي 50 نقطة أساس في خطوة هي الأولى من نوعها منذ عام 2014، بسبب التراجع المستمر في سعر الليرة التركية، وتصاعد مخاوف التضخم بفعل صعود الدولار والمخاطر الأمنية الداخلية والعمليات الإرهابية المتكررة.
ورفع المركزي التركي سعر إعادة الشراء لأسبوع واحد إلى 8 في المائة. كما رفع سعر الإقراض لأجل ليلة واحدة إلى 8.5 في المائة من 8.25 في المائة. وأبقى البنك على سعر اقتراض ليلة واحدة عند 7.25 في المائة. ويستخدم البنك المركزي أسعار فائدة متنوعة لتزويد السوق بالسيولة.
وفقدت الليرة نحو 20 في المائة من قيمتها مقابل الدولار هذا العام بفعل تعزز العملة الأميركية وقلق المستثمرين في أعقاب الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا في يوليو (تموز) الماضي، والذي أدى إلى تخفيض تصنيف تركيا الائتماني، وكذلك ما أعقبه من حملات اعتقالات واسعة، وفصل أو وقف عن العمل لأكثر من 160 ألفا وحالة الاستقطاب السياسي.
وقال يلدريم إن «ما رأيناه في الأسواق بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية هو وضع مؤقت. وهذه الموجة من التقلبات ستنتهي، وسيكون عام 2017 أفضل بكثير من 2016».
وكان مجلس التنسيق الاقتصادي التركي عقد اجتماعا في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لبحث آخر المستجدات الاقتصادية في البلاد، واتخذ قراره برفع سعر الفائدة.
وعقب دعوة إردوغان إلى تحويل النقد الأجنبي إلى الليرة التركية والذهب وفي إطار الإجراءات التي تتخذها الحكومة لمحاولة وقف تدهور الليرة التركية أمام العملات الأجنبية، قررت بورصة إسطنبول تحويل جميع أصولها النقدية إلى الليرة التركية، بالتزامن مع تحركات العملات الأجنبية أمام العملة المحلية في البلاد خلال الأيام الأخيرة.
وقالت البورصة في بيان: «قررنا تحويل جميع الأصول النقدية إلى الليرة التركية اعتبارًا من 2 ديسمبر (كانون الأول)، وذلك دعمًا لنداء رئيس الجمهورية رجب طيب إردوغان، ووضعها في حسابات الليرة».
وعقب إعلان بورصة إسطنبول تحويل كل أصولها إلى الليرة التركية، استجاب صندوق تأمين الودائع والادخار التركي أيضًا لدعوة إردوغان بتحويل العملات الأجنبية إلى ذهب وليرة تركية.
وذكر الصندوق في بيان أن «صندوق تأمين الودائع والادخار هو هيئة تأمينية في قطاع البنوك، وأنه يواصل العمل كهيئة تأمينية على مدخرات المواطنين الشخصية داخل البنوك. واستنادًا إلى ثقة المواطنين في الاقتصاد التركي قرر الصندوق عدم استخدام العملات الأجنبية في تحصيلاته ومبيعاته، وإجراء كل تعاملاته بالليرة التركية التي تُعد جزءًا من سيادة تركيا».
وكان إردوغان وضع التطورات التي يشهدها الاقتصاد التركي مؤخرًا في إطار «مؤامرة لإفشالها اقتصاديًا»، بعد فشل محاولة الانقلاب العسكري. وعبر خلال افتتاح في العاصمة أنقرة، الجمعة، قائلا: «في الآونة الأخيرة افتعلوا مسألة العملة الأجنبية. دعونا نحوّل النقود إلى ليرة تركية لتزداد قيمة كل من الليرة والذهب. لنفعل هذا وطالما أننا نتخذ هذه الخطوة سنبطل اللعبة التي يحيكها البعض. لا تقلقوا. سنبطل هذه اللعبة خلال فترة قصيرة. لقد سبق وأن فعلوا هذا في عام 2007 - 2008. حينها قلت إنها مرحلة وستنقضي دون التعرض لضرر كبير. وها أنا أقول الشيء نفسه مرة أخرى».
ويعاني الاقتصاد التركي بشدة خلال النصف الثاني من العام الحالي، وانعكس ذلك في التراجع في معدل النمو وتوقعات الحكومة والمؤسسات العالمية بأنه قد يصل في نهاية العام الحالي إلى 2.9 في المائة بسبب محاولة الانقلاب الفاشلة، فضلاً عن الحوادث الإرهابية وحالة الاستقطاب السياسي في البلاد، والانقسام حول مشروع الدستور الجديد الذي يعتمد النظام الرئاسي بديلاً عن النظام البرلماني، وموجة التراجع في سعر الليرة التركية أمام الدولار، فضلا عن تراجع الاستثمارات الأجنبية، وإحجام مستثمرين جدد عن دخول السوق التركية في ظل الأوضاع الراهنة.
الحكومة التركية تبحث تدابير جديدة للسيطرة على تراجع الليرة
بورصة إسطنبول وصندوق الادخار يقرران التعامل بالعملة المحلية فقط
الحكومة التركية تبحث تدابير جديدة للسيطرة على تراجع الليرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة