ضجة في تل أبيب بعد الكشف عن علاقة إيران بشركة تبيع الغواصات لإسرائيل

بعد اتهام رئيس الوزراء بشبهات فساد

ضجة في تل أبيب بعد الكشف عن علاقة إيران بشركة تبيع الغواصات لإسرائيل
TT

ضجة في تل أبيب بعد الكشف عن علاقة إيران بشركة تبيع الغواصات لإسرائيل

ضجة في تل أبيب بعد الكشف عن علاقة إيران بشركة تبيع الغواصات لإسرائيل

بعد اتهام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشبهات فساد في صفقات بيع غواصات وسفن حربية ألمانية، جرى الكشف في تل أبيب، أمس، عن أن شركة استثمار حكومية إيرانية تملك حصة في أسهم الشركة الألمانية العملاقة «تيسنكروب»، التي تزود الجيش الإسرائيلي بهذه الغواصات والسفن.
وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن هذه المعلومات، وحصلت على اعتراف من الشركة الألمانية يوضح أن الحصة الإيرانية تتراوح ما بين 3 و5 في المائة من الأسهم، وهذا يخول لها أن تشارك في التصويت على بعض القرارات. وقد تم اعتبار هذه الحقيقة فضيحة سياسية لنتنياهو شخصيا ولحكومته، لأنه معروف بصفته صاحب المبادرة لعقد الصفقات مع هذه الشركة، وقد نجح في حصد تأييد جميع وزرائه لها، وأصبح يطرح سؤال داخل الأوساط السياسية في إسرائيل: كيف يصح العمل على هذه الصفقة في حين تظهر إسرائيل بكل الطرق منع عقد صفقات دولية مع شركات إيرانية؟ وكيف يصح ذلك وحكومة نتنياهو تضخ الأموال الإسرائيلية من صفقة الغواصات مع الشركة الألمانية أيضا إلى إيران.
وكانت شركة «تيسنكروب» قد احتلت عناوين الصحف الإسرائيلية في الشهر الماضي، وذلك في أعقاب الكشف عن صفقات الغواصات والسفن الحربية معها. وقد تبين أن سلاح البحرية الإسرائيلي وقيادة الجيش عموما لم تطلب هذه السفن ولا الغواصات، لكن وكيل الشركة في إسرائيل، وهو ابن عم نتنياهو ومستشاره الأقرب، دفع الحكومة إلى إقرارها، وحصل على عمولة تقدر بملايين الدولارات. ونتيجة لذلك تحول الموضوع إلى قضية فساد، يجري فحص مدى التورط الجنائي فيه.
ويتضح الآن أن شركة حكومية إيرانية تملك نحو 5 في المائة من أسهم شركة «تيسنكروب»، وهي شركة استثمار إيرانية معروفة تنشط في الخارج مع 22 دولة تدعى «IFIC»، وهي بملكية حكومية، وهي أيضا الشركة الوحيدة التي تستثمر أموال الحكومة في العالم، من خلال شركات تابعة لها. كما تملك أسهما في شركات مهمة مثل «بريتش بتروليوم»، و«تيسنكروب» و«أديداس»، وماركات أخرى كبيرة.
ولفت التقرير إلى أن استثمارات الشركة الإيرانية في العالم ضخمة جدا، بلغت 1.5 مليار دولار. وبحسب موقع الشركة فإن 57 في المائة من الاستثمارات توجد في أوروبا. وأضافت الصحيفة الإسرائيلية أن علاقة الشركة الإيرانية بشركة «تيسنكروب» كانت الأهم، وقد استثمرت إيران منذ عهد الشاه في الشركة أكثر من مليار مارك ألماني، أي ما يعادل 400 مليون دولار. وبدأت الشركة بالاستثمار فيها منذ عام 1974، حيث استثمرت مبلغا ضخما عام 1977 في أعقاب وقوع الشركة الألمانية في أزمة.
وبحسب تقرير «يديعوت أحرونوت»، أمس، فإن هذه الحقيقة تثير أسئلة مقلقة بشأن انكشاف محتمل لأصحاب الأسهم الإيرانيين لأحد أكثر المشروعات سرية في الجيش الإسرائيلي. فقد تبين أنه في مطلع سنوات القرن الحالي كان نائب وزير الاقتصاد الإيراني، محمد مهدي نواب مطلق، عضوا في مجلس إدارة الشركة الألمانية. وفي عام 2003 عندما أعلن الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش أن إيران عضو فيما أطلق عليه «محور الشر»، هددت واشنطن بعدم التوقيع على أي صفقة مع الشركة طالما أنه لم يتم تقليص حصة إيران في الشركة، وقد كانت إيران وقتها تملك 7.8 في المائة من أسهم الشركة، وفي الترتيب الثالث من حيث عدد الأسهم. واستجابة للشروط الأميركية اضطرت «تيسنكروب» إلى شراء 17 مليون من أسهم شركة الاستثمارات الإيرانية، لتتراجع بذلك حصة الأخيرة إلى أقل من 5 في المائة، وهو الأمر الذي كلف الشركة الألمانية كثيرا، فاضطرت إلى دفع سعر مضاعف للأسهم، ووصل المبلغ إلى نحو 400 مليون يورو. كما اضطرت الشركة بسبب الضغوط الأميركية إلى إخراج محمد مهدي نواب مطلق من مجلس الإدارة. وفي عام 2007 كانت تقديرات مدير شركة الاستثمارات الإيرانية تشير إلى أن قيمة أسهم إيران في «تيسنكروب» تتراوح ما بين 600 إلى 700 مليون يورو.
يذكر أنه منذ عام 2010 أدخلت الشركة الإيرانية، بالإضافة إلى شركتين تابعتين لها، ضمن العقوبات الاقتصادية الأميركية بشكل رسمي. وفي العام نفسه أعلنت «تيسنكروب» عن تجميد كل الصفقات مع إيران، وإلغاء عقود قائمة. وقد كانت أعمالها في إيران وقتها تتركز أساسا على مشاريع هندسية في مجال الإسمنت، وكانت تدر عليها أرباحا سنوية تصل إلى نحو مائتي مليون يورو.
وقد ردت وزارة الدفاع الإسرائيلية على ما ورد في التحقيق الصحافي بجملة واحدة وقالت: «لا علم لنا بأي علاقة لإيران مع الشركة الألمانية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.