المحكمة الدستورية العليا بمصر تحسم اليوم مصير قانون التظاهر

قيادية نقابية تمثل أمام جهات التحقيق بعد تصريحات حول أوضاع المستشفيات

المحكمة الدستورية العليا بمصر تحسم اليوم مصير قانون التظاهر
TT

المحكمة الدستورية العليا بمصر تحسم اليوم مصير قانون التظاهر

المحكمة الدستورية العليا بمصر تحسم اليوم مصير قانون التظاهر

تترقب الأوساط المصرية، وشباب في السجون، الحكم المقرر أن تصدره المحكمة الدستورية العليا اليوم (السبت) بشأن قانون تنظيم الحق في التظاهر الذي صدر منذ نحو ثلاثة أعوام، وأثار غضبا في البلاد، وأدين بموجبه عشرات النشطاء. الأجواء الإيجابية التي رافقت التوقعات بتأييد بطلان القانون، بددتها استدعاء القيادية النقابية منى مينا، وكيلة نقابة الأطباء للمثول أمام جهات التحقيق بعد تصريحات لها حول أوضاع المستشفيات في البلاد.
وكانت المحكمة الإدارية العليا قد سمحت لمحامين قبل أكثر من عامين، بإقامة طعن على قانون الحق في التظاهر، لحسم شبهة عدم دستورية المواد 8 و10 و7 و19 من القانون، وأنهت المحكمة الشهر الماضي سماع المرافعات في القضية.
وصدر القانون المثير نهاية عام 2013 خلال تولي عدلي منصور، رئيس المحكمة الدستورية العليا، فترة حكم انتقالي بعد ثورة 30 يونيو التي أنهت حكم جماعة الإخوان المسلمين. وبعد انقضاء الحكم الانتقالي المؤقت وإجراء الانتخابات الرئاسية في عام 2014 عاد منصور لرئاسة المحكمة الدستورية مجددا، لكنه تقاعد بعد بلوغه السن القانونية العام الماضي. وتحركت الدعوى عمليا بعد تقاعد منصور.
ومنذ إصدار القانون تقول الحكومات المصرية المتعاقبة إن القانون تفرضه الظروف الأمنية في البلاد، التي تواجه تنظيمات إرهابية، وأعمال عنف خلال المظاهرات التي تدعو إليها جماعة «الإخوان المسلمين»، لكن نشطاء يقولون في المقابل إن الدستور كفل حرية التعبير وحظر عقوبة السجن في قضايا التعبير السلمي عن الرأي، كما رفضوا إلزام منظمي التظاهر بالحصول على موافقة أمنية. وتنص المادتان (8 و10) من القانون على استلزام الإخطار قبل القيام بالمظاهرة، وسلطة وزير الداخلية في إصدار قرار مسبب بمنع المظاهرة أو إرجائها أو نقلها في حالة وجود ما يهدد الأمن والسلم، فيما تنص المادتان (7 و19) على تجريم المشاركة في مظاهرة أخلت بالأمن أو عطلت مصالح المواطنين أو حركة المرور، ومعاقبة كل من خالف ذلك بعقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف جنيه. ووجه الرئيس عبد الفتاح السيسي عدة مرات الحكومة بإعادة النظر في قانون التظاهر، لكن مشروع القانون الذي عكفت عليه الحكومة لم ير النور، فيما تواصلت إجراءات القضية المقرر أن تنتهي فصولها اليوم. وخلال الشهر الماضي أصدر السيسي قرارا بالعفو عن سجناء أدينوا بموجب قانون التظاهر، فيما من المنتظر أن يصدر قرار آخر بالعفو عن آخرين. ويأمل نشطاء في مصر وجماعات حقوقية أن تحكم الدستورية العليا بعدم دستورية مواد بالقانون، ما يسمح بإطلاق سراح عدد من النشطاء لم تشملهم قوائم العفو الرئاسية.
وتشهد الساحة المصرية خلال الفترة الماضية ارتباكا بسبب الإشارات المتضاربة التي ترسلها السلطات، بشأن موقفها من قضايا الحريات. وبينما يتوقع مراقبون ومحامون أن تقضي المحكمة بعدم دستورية المواد المطعون عليها، بما يمثل انفراجة في المشهد السياسي، من المقرر أن تمثل اليوم وكيلة نقابة الأطباء منى مينا أمام جهات التحقيق بسبب تصريحات لها حول أوضاع المستشفيات في البلاد، الأمر الذي بدد الأجواء الإيجابية التي صاحبت توقعات بطلان قانون التظاهر. وكانت مينا التي تحظى بتأييد واسع في أوساط الأطباء والأحزاب اليسارية والليبرالية في مصر، قد تحدثت في وقت سابق عن سوء أوضاع المستشفيات الحكومية والجامعية، خاصة في ظل نقص المستلزمات الطبية بعد قرار حكومي بتحرير سعر صرف العملة المحلية. وأثارت تصريحات مينا غضبا في الأوساط المؤيدة للحكومة وتقدم محامون ببلاغات ضدها، في قضية أعادت للأذهان حكما صدر بحق هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق على خلفية تصريحات مشابهة عن حجم الفساد المستشري في الأجهزة الحكومية.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».