اشتباكات عنيفة بين مسلحين في شوارع طرابلس تخلف قتلى

واشنطن تعلن مراقبة فلول «داعش» الفارين من معارك سرت

اشتباكات عنيفة بين مسلحين في شوارع طرابلس تخلف قتلى
TT

اشتباكات عنيفة بين مسلحين في شوارع طرابلس تخلف قتلى

اشتباكات عنيفة بين مسلحين في شوارع طرابلس تخلف قتلى

اندلعت أمس اشتباكات عنيفة بين الميليشيات المسلحة، التي تهيمن على العاصمة الليبية طرابلس، خلفت عدة ضحايا دون أسباب معروفة، بينما التزمت حكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج الصمت، وذلك بالتزامن مع إعلان الإدارة الأميركية أنها «تراقب بدقة شديدة» عناصر تنظيم داعش المتشدد الذين ينشطون من خارج سرت الليبية، فيما يواجه التنظيم الهزيمة في معقله بشمال أفريقيا.
وانتشرت آليات عسكرية ودبابات في مختلف أنحاء مدينة طرابلس منذ الساعات الأولى لصباح أمس، وقال سكان محليون لـ«الشرق الأوسط» إنهم سمعوا أصوات تبادل إطلاق القذائف الصاروخية والمدفعية الثقيلة، وزخات متواصلة من الرصاص الحي. فيما قال مسعفون داخل مستشفى الخضراء إن المستشفى استقبل أمس 7 قتلى من ميليشيات الفرقة السادسة، وأخرى تابعة للقيادي المتطرف عبد الرؤوف كارة.
واحتشدت ميليشيات من مصراتة موالية لحكومة السراج، المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، في مواجهة ميليشيات أخرى مناوئة لها، ما ينذر بحدوث مواجهات أكثر دموية مقارنة بتلك الاشتباكات الاعتيادية التي جرت خلال الشهور الأخيرة، فيما اعتلى قناصة مسلحون أسطح البنايات بمنطقة أبو سليم بالقرب من فندق «ريكسوس»، حيث يوجد مقر المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته، وما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني الموالية له برئاسة خليفة الغويل.
وقالت مصادر أمنية وسكان محليون إن معظم المقرات الحكومية باتت تحت حصار الميليشيات المسلحة، وسط توتر أمني وعسكري غير مسبوق منذ مطلع العام الجاري. كما أغلقت معظم المحلات التجارية أبوابها وانعدمت تقريبا حركة تنقلات السكان والسيارات، بينما وجهت جهات أمنية حكومية دعوات للمواطنين بالتزام بيوتهم خشية تعرضهم للخطر، فيما نصحت غرفة بلاغات العاصمة طرابلس جميع المواطنين داخلها بالبقاء داخل منازلهم لخطورة الموقف.
ونشرت «كتيبة ثوار طرابلس»، التي يقودها هيثم التاجوري، بيانا أقرب للتهديد عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، متوعدة بمعارك شرسة في العاصمة، وقالت الكتيبة «عذرا طرابلس آخر الدواء الكي.. فقد آن أوان قطع دابر العتاة بعد أن تقطعت معهم سبل الحكماء والعقلاء وأرادوا البغي والدماء.. عذرا طرابلس ستنعمين بعد هذا الدواء ومرارته بنوم ملؤه المودة والهناء، قسما لن نفرط فيك ولن نتركك للمجرمين والعابثين والأعداء، طرابلس لن يطول العناء».
وكانت نفس الكتيبة قد أعلنت أول من أمس عن مواجهات اندلعت بين عناصرها وميليشيات أخرى نفذت عملية اغتيال لأحد الشباب، ورمت جثته أمام المعسكر التابع للكتيبة، وأوضحت الكتيبة أنها فقدت أحد أفرادها في هذه العملية، وهو من قوات الأمن المركزي، محذرة كل من يتجرأ ويحاول زعزعة أمن طرابلس.
وتزامنت هذه الاشتباكات مع اجتماع أمني عقد أمس بمقر مديرية أمن طرابلس بين مدير أمن طرابلس والجنرال الإيطالي باولو سييرا المنسق الأمني لبعثة الأمم المتحدة بليبيا. وقالت مديرية أمن طرابلس في بيان وزعه مكتبها للعلاقات العامة‎ إن الاجتماع تناول ما وصفته بالرؤى المتبادلة والخطوات اللازمة لنشر الأمن والأمان، وذلك من خلال تقديم دعم المجتمع الدولي لليبيا لمساعدتها بالنهوض، مشيرة إلى أن سييرا أبدى ترحيبه بالتعاون وتقديم الدعم والمساعدة في تدريب رجال الشرطة.
من جهة أخرى، اعتبرت ماري ريتشاردز، نائبة منسق مكافحة الإرهاب للشؤون الإقليمية والدولية في وزارة الخارجية الأميركية، أن القوات الموالية لحكومة السراج حققت ما وصفته «تقدما كبيرا جدا ضد عناصر تنظيم داعش في مدينة سرت الساحلية»، لكنها قالت في المقابل إن «المعركة كانت شرسة جدا وتكبدت القوات الليبية خسائر فادحة».
ويقول مسؤولون وقادة ليبيون إن بعض متشددي «داعش» فروا من سرت في المراحل المبكرة من العملية العسكرية هناك. وفي هذا السياق قالت ريتشاردز «داعش في تراجع في العراق وسوريا، ولكن في تلك المنطقة في ليبيا نرى أن المتشددين يتعرضون لضغط كبير... هناك من تم تجنيدهم محليا، وبإمكانهم تنفيذ هجمات إرهابية دون أن يتنقلوا.. والتهديد من (داعش) سيستمر لكنه سيأخذ نمطا مغايرا فحسب».
وتأتي المعركة في سرت في وقت يحاول فيه «داعش» صد حملات عسكرية تدعمها الولايات المتحدة في سوريا والعراق، بما يشمل أكبر مدينة في دولة «الخلافة» التي أعلنها التنظيم لنفسه، وهي الموصل.
وتحارب القوات الليبية التنظيم المتطرف في سرت منذ أكثر من ستة أشهر، وقلصت المساحة التي يسيطر عليها المتشددون إلى جيب صغير من المباني قرب الواجهة البحرية للمدينة المطلة على البحر المتوسط. ومنذ الأول من أغسطس (آب) الماضي تدعم ضربات جوية أميركية القوات، التي تقودها كتائب مصراتة وهي مدينة تقع في غرب ليبيا.
إلى ذلك، أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أنها وثقت وقوع 89 إصابة خلال الشهر الماضي فقط في صفوف المدنيين، من ضمنها 38 حالة وفاة و51 إصابة بجروح خلال الأعمال العدائية التي وقعت في ليبيا. ولفتت في تقرير إلى أن ثمانية أطفال لقوا حتفهم، و16 أصيبوا بجروح، و27 رجلا لقوا حتفهم، فيما أصيب 28 بجروح، و3 نساء لقين حتفهن و7 أصبن بجروح.
ووقعت أغلبية حالات الوفاة في صفوف المدنيين بسبب الغارات الجوية، في حين تمثل السبب الرئيسي التالي للوفاة في الطلقات النارية، أعقبها القصف، والسيارات المحملة بأجهزة تفجير مرتجلة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».