آلاف من الروهينغيا يعبرون إلى بنغلاديش خوفًا على حياتهم

مسؤول من الأمم المتحدة يتهم سلطات بورما بممارسة «تطهير عرقي» ضد الأقلية المسلمة

أطفال من الروهينغيا في معسكر للاجئين المسلمين الذي أقيم في غرب بورما لحمايتهم (أ.ب)
أطفال من الروهينغيا في معسكر للاجئين المسلمين الذي أقيم في غرب بورما لحمايتهم (أ.ب)
TT

آلاف من الروهينغيا يعبرون إلى بنغلاديش خوفًا على حياتهم

أطفال من الروهينغيا في معسكر للاجئين المسلمين الذي أقيم في غرب بورما لحمايتهم (أ.ب)
أطفال من الروهينغيا في معسكر للاجئين المسلمين الذي أقيم في غرب بورما لحمايتهم (أ.ب)

تعكس رواية محمد اياز الذي تحدث عن كيف هاجم الجنود قريته وقتلوا زوجته الحامل، درجة معاناة الأقلية المسلمة الروهينغيا في بورما. وقال وهو يحمل ابنه البالغ من العمر سنتين إن الجنود قتلوا 300 شخص على الأقل في سوق قريته، واغتصبوا عشرات النساء قبل إحراق نحو 300 منزل ومتجر يملكها مسلمون والمسجد الذي كان إمامًا فيه.
وأكد للصحافة الفرنسية: «قتلوا بالرصاص زوجتي جنة النعيم. كانت في عامها الخامس والعشرين وحاملاً بشهرها السابع. لجأت إلى قناة مع ابني الذي يبلغ من العمر سنتين وأصيب بجروح بعقب بندقية».
أما جنة آرا، فقد روت هي الأخرى أنها هربت مع جيرانها بعد توقيف والدها واختفاء شقيقتها التي تبلغ 17 عامًا. وقالت هذه الشابة التي دخلت إلى بنغلاديش قبل أيام: «سمعنا أنهم (الجنود البورميين) قاموا بتعذيبها حتى الموت ولا أعرف ماذا حصل لوالدتي».
منظمة الأمم المتحدة أعلنت أمس الأربعاء أن عشرة آلاف من أقلية الروهينغيا المسلمة عبروا من بورما إلى بنغلاديش في الأسابيع الماضية هربًا من أعمال العنف في مناطقهم بعد تدخل الجيش البورمي.
وقالت فيفيان تان، المتحدثة باسم المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة في بانكوك: «استنادًا إلى تقارير عدة منظمات إنسانية، نقدر أن عشرة آلاف وصلوا في الأسابيع الماضية. ولكن الوضع يتطور بسرعة، والعدد الحقيقي يمكن أن يكون أعلى بكثير». وقبل أيام أصدرت المنظمة الأممية تقريرًا وصفت فيه ما تتعرض له الأقلية المسلمة في بورما بالتطهير العرقي. أكد ممثل للأمم المتحدة في بنغلاديش أن السلطات البورمية تشن حملة «تطهير عرقي» ضد أقلية الروهينغيا المسلمين التي لجأ آلاف من أفرادها في الأسابيع الأخيرة إلى هذا البلد هربًا من ممارسات الجيش البورمي.
وتحدث الروهينغيا الذين عبروا الحدود، عن أعمال العنف التي مارسها ضدهم الجنود البورميون في غرب البلاد، حيث يعيش آلاف من أفراد هذه الأقلية، من قتل وتعذيب واغتصاب ومجازر.
وتقول الأمم المتحدة إن أعمال العنف أدت إلى تهجير ثلاثين ألف شخص، وسقوط عشرات القتلى منذ بداية عملية الجيش البورمي بعد سلسلة هجمات استهدفت مراكز للشرطة مطلع أكتوبر (تشرين الأول).
وقال جون ماكيسيك، مدير المفوضية العليا للأمم المتحدة للاجئين في مدينة كوكس بازار (جنوب بنغلاديش) الحدودية، لـ«بي بي سي» إن هذه الأعمال تنطبق على «تطهير عرقي» استنادًا إلى شهادات اللاجئين.
ودعت بنغلاديش بورما إلى اتخاذ «إجراءات عاجلة» لوقف دخول الروهينغيا إلى أراضيها، متجاهلة ضغوط الأسرة الدولية من أجل فتح حدودها لتجنب أزمة إنسانية.
وصرح ماكيسيك: «من الصعب جدًا على حكومة بنغلاديش إعلان فتح حدودها؛ لأن هذا يمكن أن يشجع الحكومة البورمية على ارتكاب الفظائع، ودفعهم إلى الخروج إلى أن تحقق هدفها النهائي بتطهير عرقي ضد الأقلية المسلمة في بورما». واعترض على هذه الاتهامات بشدة زاو هتاي، الناطق باسم حكومة أونغ سان سو تشي الحائزة على جائزة نوبل للسلام، والتي تولت السلطة قبل أشهر بعد عقود من الحكم العسكري.
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «أتساءل عن مهنية وأخلاقيات طاقم الأمم المتحدة. عليهم التحدث استنادًا إلى وقائع ملموسة والتحقق منها، وليس توجيه اتهامات»، بينما لا يسمح للصحافيين بدخول المنطقة.
واتهمت بورما من قبل بتطهير عرقي ضد هذه الأقلية المسلمة، لكنها كانت تحت سلطة عسكريين سابقين حينذاك. ومنذ نهاية مارس (آذار)، تولت أونغ سان سو تشي زمام السلطة على إثر انتخابات تاريخية جرت قبل عام. وكانت قد ظهرت أونغ سان سو تشي في فيلم وثائقي من عمل فيرغال كين، مراسل الـ«بي بي سي»، الذي طلب منها مرارًا أن تحدد موقفها تجاه ما يجري وتشجب ما تتعرض له الأقلية المسلمة، إلا أنها رفضت أن تشجب بصراحة، واكتفت بكلمات عامة حول العنف بشكل عام، ولم تعبر عن أي موقف تقريًبا منذ بداية العنف الشهر الماضي. ولا تملك الحكومة البورمية أي سلطة على الجيش الذي ما زال يسيطر على وزارة الداخلية والحدود خصوصًا.
ومصير الروهينغيا الذين يعيشون في بورما منذ أجيال، ملف قابل للانفجار في هذا البلد الواقع في جنوب شرق آسيا. فهؤلاء مكروهون من قبل جزء من السكان (95 في المائة منهم بوذيون)، ويعتبرون أجانب في بورما، ويتعرضون للتمييز في عدد من المجالات من العمل إلى الابتزاز، وفرض قيود على حرية تحركهم، وعدم تمكنهم من الحصول على العناية الطبية والتعليم. وفي ولاية راخين يعيش آلاف منهم في مخيمات منذ أعمال العنف التي وقعت بين المسلمين والبوذيين في 2012، وأسفرت عن سقوط مائتي قتيل.
ولكي يهربوا من الاضطهاد ومن ظروفهم المعيشية، يحاول آلاف منهم كل سنة عبور خليج البنغال للوصول إلى ماليزيا خصوصا. وهذه المرة توجه آلاف منهم إلى بنغلاديش. وبينهم مزارع يدعى دين محمد، 50 عامًا، الذي تمكن من الإفلات من دوريات شرطة بنغلاديش لينتقل مع زوجته وولديه إلى مدينة تكناف الحدودية مع ثلاث عائلات أخرى.
وقال للصحافة الفرنسية: «اقتادوا (العسكريون) ولدي اللذين يبلغان من العمر تسع سنوات و12 عامًا عندما دخلوا القرية ولا أعرف ماذا حل بهما». وأضاف: «اقتادوا النساء إلى غرف قاموا باحتجازهن فيها»، مؤكدًا أن «خمسين سيدة وفتاة من قريتنا تعرضوا للتعذيب والاغتصاب».
وصرح كيسيك بأن جنود الجيش البورمي «يقتلون الناس، يطلقون النار عليهم، ويذبحون الأطفال، ويحرقون البيوت، ويقومون بنهبها، ويجبرون الناس على عبور النهر» للوصول إلى بنغلاديش.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».