لقاء ابن كيران مع أخنوش لم يحل عقدة تشكيل الحكومة المغربية

مراقبون يرون أن تجاوز المأزق السياسي قد يتطلب تدخل الملك

تأخر خروج الحكومة المغربية إلى النور أصبح يطرح في الشارع المغربي أكثر من علامة استفهام (غيتي)
تأخر خروج الحكومة المغربية إلى النور أصبح يطرح في الشارع المغربي أكثر من علامة استفهام (غيتي)
TT

لقاء ابن كيران مع أخنوش لم يحل عقدة تشكيل الحكومة المغربية

تأخر خروج الحكومة المغربية إلى النور أصبح يطرح في الشارع المغربي أكثر من علامة استفهام (غيتي)
تأخر خروج الحكومة المغربية إلى النور أصبح يطرح في الشارع المغربي أكثر من علامة استفهام (غيتي)

لم يسفر لقاء عبد الإله ابن كيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية رئيس الحكومة المغربية المعين، مع عزيز أخنوش، أمين عام «التجمع الوطني للأحرار»، أول من أمس، عن موقف حاسم بخصوص تشكيل الحكومة المغربية. ولم يصدر أي من الحزبين بيانا حول الاجتماع، الذي يبدو أنه لم يفلح في تقريب موقفي الزعيمين السياسيين، رغم أنه استمر زهاء ساعة ونصف الساعة في بيت ابن كيران.
ويقول الباحث والمحلل السياسي ميلود بلقاضي: «كان مرتقبا ألا يفضي اللقاء بين ابن كيران وأخنوش إلى شيء. وأعتقد أنه يجب انتظار عودة الملك محمد السادس من جولته في أفريقيا، لإيجاد مخرج لمأزق الحكومة».
ويرى بلقاضي أن تعثر المشاورات التي يجريها ابن كيران من أجل تشكيل الحكومة يرجع إلى تمسك ابن كيران بحزب الاستقلال لاعتبارات رمزية من جهة، تتعلق بموقف حزب الاستقلال من حزب الأصالة والمعاصرة، الذي يعد الخصم اللدود لحزب العدالة والتنمية، ومن جهة أخرى لأنه الحزب الثالث في الانتخابات من حيث عدد المقاعد في البرلمان. وفي الوقت نفسه يرغب ابن كيران في إشراك حزب التجمع الوطني للأحرار نظرا لمكانة رئيسه أخنوش السياسية والاقتصادية، ولما يتوفر عليه الحزب من كفاءات.
وأضاف بلقاضي أن حزب التجمع الوطني للأحرار يرفض المشاركة في حكومة تجمع حزب العدالة والتنمية مع أحزاب الكتلة الديمقراطية (الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية) لأن ذلك سيحاصره ويكبله، ولن يمكنه من إنجاح مشروعه السياسي، مشيرا إلى أن حزب الأحرار يفضل المشاركة في حكومة تضم بعض أحزاب تحالف الوفاق السابق، مثل «الاتحاد الدستوري» و«الحركة الشعبية»، بوصفهما يجمعهما التوجه الليبرالي.
كما أن حزب الأحرار، يضيف بلقاضي، يرى في حزب الاستقلال منافسا قويا على المواقع التي يرغب فيها، خصوصا رئاسة مجلس النواب، لما لها من وزن كبير في الهرم السياسي، بالإضافة إلى الحقائب الوزارية في القطاعات المالية والاقتصادية والدبلوماسية. كما أن العلاقات المتوترة بين الحزبين والتنابز المستمر بينهما يجعل من الصعب التقريب بينهما.
وتأكد هذا التوجه من خلال إعلان حزب التجمع الوطني للأحرار عن تحالف مع حزب الاتحاد الدستوري، قبيل إطلاق الجولة الأولى من مشاوراته مع ابن كيران حول تشكيل الحكومة نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ثم إعلان الحزبين عن تشكيل فريق نيابي مشترك في البرلمان المغربي عشية انطلاق الجولة الجديدة من المفاوضات أول من أمس. كما أعلن حزب الحركة الشعبية، من جهته، أن مشاركته في حكومة ابن كيران مشروطة بمشاركة «الأحرار».
ويرى بلقاضي أن مأزق تشكيل الحكومة راجع إلى متاهات الصراعات الحزبية، إضافة إلى «كون الأحزاب المغربية تدبر الزمن الحكومي بعقلية الزمن الانتخابي»، على حد قوله.
ويرى بلقاضي، مثل عدد من المراقبين السياسيين، أنه لا يمكن في الوقت الحالي الحديث عن تشكيل حكومة في المغرب، خصوصا أن عاهل البلاد لا يزال في الخارج في إطار جولته الأفريقية، وأضاف موضحا: «حالما يعود الملك، فسيضع حدا لهذا التعثر، وستتشكل الحكومة، لأنه لا يمكن لهذا الوضع أن يستمر.. فمع بداية العام الجديد ستبدأ اجتماعات الاتحاد الأفريقي التي تتطلب أن يكون المغرب جاهزا بكل مؤسساته، وهناك أيضا قضية الصحراء، وتحديات الإرهاب، والمشكلات الاجتماعية والاقتصادية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.