شنت الفصائل المسلحة بالمعارضة السورية هجومًا معاكسًا ضد قوات النظام والميليشيات الموالية له في حي الصاخور الاستراتيجي بحلب، حيث تدور اشتباكات عنيفة.
وكانت تقارير تحدثت عن سيطرة قوات النظام على حي حلب الواقع في الجهة الشرقية المحاصرة من المدينة.
وتتركز الاشتباكات في أطراف حي الصاخور، حيث تسعى قوات النظام إلى تقطيع أوصال المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في حلب.
وتعتمد قوات النظام السوري، في هذه المعركة على ميليشيات إيرانية وعراقية، فيما يدير ضباط روس المعركة في حلب حاليًا.
وشهدت الأحياء المحاصرة شرق المدينة قصفًا عنيفًا لقوات النظام، تركزت في أحياء الحيدرية والهلك وبعيدين والإنذارات والشيخ فارس والصاخور، مما أسقط قتلى وعشرات الجرحى.
قيادات في فصائل المعارضة بحلب، انتقدت ما سمته عجز المجتمع الدولي الناجم عن التعطيل الأميركي لمواجهة سياسة الأرض المحروقة التي يتبعها النظام السوري وحلفاؤه بحلب، فيما تشهد أحياء الهلك والشيخ فارس والصاخور بالجزء المحاصر من المدينة عملية نزوح واسعة، إثر تقدم لقوات النظام في حي مساكن هنانو شرق المدينة، بينما يتصاعد الحديث عن تطورات ميدانية حاسمة قد تشهدها حلب الأيام المقبلة.
وتشكل مدينة حلب الجبهة الأبرز في النزاع السوري والأكثر تضررًا منذ اندلاعه عام 2011، إذ من شأن أي تغيير في ميزان القوى فيها أن يقلب مسار الحرب التي تسببت بمقتل 300 ألف شخص وتهجير الملايين وتدمير البنى التحتية.
واليوم (الاثنين) خسرت الفصائل المعارضة كامل القطاع الشمالي من الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها منذ 2012 في حلب، إثر تقدم سريع أحرزته قوات النظام وحلفاؤها في هجومها لاستعادة هذه المناطق، فيما فر آلاف السكان من منطقة المعارك.
ولم يبقَ من المدينة العريقة التي كانت العاصمة الاقتصادية لسوريا سوى خراب، وبعدما كان عدد سكانها 2.5 مليون نسمة قبل النزاع، تراجع اليوم إلى نحو 1.5 مليون نسمة.
وبعد أسابيع على اندلاع التحركات الاحتجاجية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد منتصف مارس (آذار) 2011، شهدت شوارع مدينة حلب تظاهرات طلابية واسعة سرعان ما تم قمعها بالقوة.
ومع تحول الحراك في سوريا إلى نزاع مسلح، شنت فصائل «الجيش السوري الحر» حينها هجومًا كبيرًا على المدينة في يوليو (تموز) عام 2012، انتهى بسيطرتها على الأحياء الشرقية.
وفي مطلع أغسطس (آب) من العام ذاته، بدأت قوات النظام التي شنت هجومًا بريًا استخدام أسلحة ثقيلة في القصف ثم طائرات حربية للمرة الأولى.
ومنذ مطلع عام 2013، بدأت قوات النظام قصف الأحياء الشرقية بالبراميل المتفجرة التي تلقيها المروحيات والطائرات العسكرية، مما تسبب بمقتل الآلاف وأثار تنديد الأمم المتحدة وكثير من المنظمات الدولية.
وترد الفصائل المعارضة باستهداف الأحياء الغربية بالقذائف التي غالبًا ما تتسبب بوقوع قتلى.
ودفع سكان مدينة حلب ثمنًا باهظًا للنزاع منذ اندلاعه بعدما باتوا مقسمين بين أحياء المدينة. ويقطن نحو 250 ألفًا في الأحياء الشرقية ونحو مليون و200 ألف آخرين في الأحياء الغربية.
ويعيش سكان الأحياء الشرقية ظروفًا إنسانية صعبة جراء الحصار والقصف الذي لا يستثني المرافق الطبية ومقار الدفاع المدني الذي ينشط متطوعوه في إسعاف الجرحى وانتشال القتلى من تحت الأنقاض.
وفي فبراير (شباط) الماضي، توصلت موسكو وواشنطن إلى اتفاق لوقف الأعمال القتالية في سوريا، شمل مناطق عدة، بينها مدينة حلب، لكنه سرعان ما انهار بعد شهرين فقط من دخوله حيز التنفيذ.
وحاصرت قوات النظام السوري في 17 يوليو الأحياء الشرقية بالكامل بعد قطعها طريق الكاستيلو، الذي كان طريق الإمداد الوحيد إلى شرق حلب، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وصولاً إلى نفاد معظمها من الأسواق.
ومنذ 31 يوليو، شنت الفصائل المقاتلة والمتطرفة، وبينها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقًا قبل فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة) هجمات عديدة، بهدف فك الحصار عن الأحياء الشرقية.
ونجحت تلك الفصائل في السادس من أغسطس في التقدم والسيطرة على مواقع استراتيجية لقوات النظام جنوب غربي المدينة، وتمكنت من كسر الحصار عبر فتح طريق إمداد إلى الأحياء الشرقية يمر في منطقة الراموسة.
لكن قوات النظام تمكنت من قطع هذا الطريق في الثامن من سبتمبر (أيلول) بعدما استعادت عددًا من المواقع التي خسرتها في المنطقة، لتصبح الأحياء الشرقية محاصرة تمامًا في ظل فشل الأمم المتحدة في إدخال المساعدات.
وتتواصل الاشتباكات جنوب غربي مدينة حلب، بين الفصائل المقاتلة والمتطرفة من جهة، وقوات النظام مدعومة من مقاتلين إيرانيين ومما يسمى «حزب الله» وبغطاء جوي روسي من جهة أخرى.
وبعد إعلان قوات النظام السوري في 19 يوليو انتهاء هدنة استمرت أسبوعًا من 12 من الشهر نفسه، بموجب اتفاق روسي - أميركي، تعرضت الأحياء الشرقية لغارات كثيفة تشنها طائرات سورية وروسية، أوقعت عشرات القتلى من المدنيين، وفق المرصد السوري.
ومنذ بدء الهجوم الأخير لقوات النظام على شرق حلب منتصف الشهر الحالي، أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 225 مدنيًا بينهم 27 طفلاً جراء القصف والغارات، فيما قتل 27 مدنيًا بينهم 11 طفلاً في غرب المدينة جراء قذائف الفصائل.
ويجمع محللون على أن معركة حلب أشبه بـ«معركة تحديد مصير»، ومن شأن نتائجها أن تحسم مسار الحرب السورية.
وتعد حلب واحدة من أقدم مدن العالم وتعود إلى 4 آلاف عام قبل الميلاد، وقد توالت الحضارات على هذه المدينة المعروفة بصناعة وتجارة النسيج، التي تتميز بموقعها بين البحر الأبيض المتوسط وبلاد ما بين النهرين.
وبين عامي 1979 و1982، شهدت المدينة فصولاً من قمع النظام السوري لجماعة الإخوان المسلمين، وعادت في التسعينات لتزدهر مجددًا نتيجة حراك تجاري ترافق مع سياسة انفتاح اقتصادي انتهجتها البلاد.
ومنذ اندلاع النزاع في عام 2011، دمرت المعارك المدينة القديمة وأسواقها المدرجة على لائحة «اليونيسكو» للتراث العالمي. وفي عام 2013، أدرجت منظمة «اليونيسكو» الأسواق القديمة التي تعرضت للحرق والدمار على قائمة المواقع العالمية المعرضة للخطر.
وطال الدمار أيضًا مواقع تعود إلى 7 آلاف عام، وتحولت مئذنة الجامع الأموي العائدة إلى القرن الحادي عشر إلى كومة من الركام.
كما لحقت أضرار كبيرة بقلعة حلب الصليبية التي استعادتها قوات النظام من المعارضة بعد قتال عنيف.
سوريا: معارك «تحديد المصير» في حلب.. والمعارضة تشن هجومًا معاكسًا
قتل 225 مدنيًا جراء قصف النظام السوري للمدينة خلال شهر
سوريا: معارك «تحديد المصير» في حلب.. والمعارضة تشن هجومًا معاكسًا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة