الحرب التجارية ضد الصين قد تكون معركة لا يمكن لترامب الفوز بها

لو شنت الصين حربًا عكسية ستتضاعف معدلات البطالة الأميركية

قادة العالم في اجتماع القمة الاقتصادية لدول آسيا المحيط الهادي  التي عقدت الشهر الحالي ({نيويورك تايمز})
قادة العالم في اجتماع القمة الاقتصادية لدول آسيا المحيط الهادي التي عقدت الشهر الحالي ({نيويورك تايمز})
TT

الحرب التجارية ضد الصين قد تكون معركة لا يمكن لترامب الفوز بها

قادة العالم في اجتماع القمة الاقتصادية لدول آسيا المحيط الهادي  التي عقدت الشهر الحالي ({نيويورك تايمز})
قادة العالم في اجتماع القمة الاقتصادية لدول آسيا المحيط الهادي التي عقدت الشهر الحالي ({نيويورك تايمز})

من الرابح من الحرب التجارية مع الصين؟
خلال اجتماع قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي المنعقد في بيرو خلال عطلة نهاية الأسبوع، كان أحد أكثر الأسئلة المطروحة ما إذا كان دونالد ترامب، بوصفه الرئيس الأميركي المقبل، سيلتزم بتهديده المعلن مسبقا بإقامة الحواجز التجارية العنيفة ضد بكين؛ مما يدفع بالولايات المتحدة الأميركية إلى مواجهة الند بالند مع ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم؟.
ولم تبدأ مثل هذه الحرب بعد، ولكن يبدو من الواضح أن الولايات المتحدة قد خسرتها قبل أن تبدأها. فلقد كانت الصين تكسب وباستمرار في النظام الاقتصادي العالمي.
وليس من المتوقع خسارة الصين إذا ما شنت الولايات المتحدة الحرب على العولمة. ويقول ايسوار براساد، الرئيس الأسبق لشعبة الصين في صندوق النقد الدولي: إن «الصين دائما ما كانت فائزة، على المدى البعيد، مهما كان الأمر».
ومن شأن الاقتصاد الصيني أن يعاني كثيرا إذا ما فرضت الولايات المتحدة التعريفة الجمركية بنسبة 45 في المائة على ما يقرب من 500 مليار دولار من الواردات الصينية. وتستوعب الولايات المتحدة 16 في المائة فقط من الصادرات الصينية، لكنها تعتبر من أصح أسواق التصدير للصين. والمخاوف من السياسة الحمائية الأميركية تغذي وبشدة هرب رؤوس الأموال من الصين.
ولكن قد تكون الصين في وضع أفضل من الولايات المتحدة لتلقي ضربة كتلك. وسترد عليها بضربة مضادة بكل تأكيد. والمقال الافتتاحي في صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية، لسان حال الحزب الشيوعي الحاكم، ليس بعيدة عن التحذير من أن التحرك الأميركي المرتقب قد يعني: «إن حزمة أوامر الشراء من شركة بوينغ الأميركية سيجري استبدالها بشركة إيرباص الأوروبية. وأن مبيعات السيارات الأميركية وهواتف الآيفون الشهيرة ستعاني كثيرا انتكاسة شديدة، كذلك، ستتوقف واردات فول الصويا والذرة الأميركية إلى الأسواق الصينية».
وتملك الصين الكثير من طرق الرد. حيث يمكنها منع الشركات المملوكة للحكومة الصينية من عقد الصفقات مع الشركات الأميركية. ويمكنها الحد من الوصول إلى السلع الأساسية، كما فعلت من قبل في رد على النزاع مع اليابان حول الصيد عندما أوقفت تصدير ما يسمى بالمعادن الأرضية النادرة ذات الأهمية لصناعات الإلكترونيات اليابانية. كما يمكنها أيضا التخفيف من جهود مكافحة القرصنة حيال براءات الاختراع وحقوق النشر الأميركية.
ومن شأن بعض من أنجح الشركات الأميركية أن تنزلق في طرق وعرة. فعلى سبيل المثال، فأغلب هواتف الآيفون الأميركية يجري تجميعها في المصانع الصينية. وتكاليف التجميع في الصين، برغم ذلك، تساوي أقل من 4 في المائة من القيمة المضافة للجهاز الواحد. وهذا يعني أن الصين يمكنها إيقاف إنتاج هواتف الآيفون ولن يكلفها ذلك إلا بعض الخسائر الطفيفة، بينما ستواجه شركة أبل تكاليف باهظة، وستقوم بجهود أقرب إلى التخريب حتى تتمكن من تحويل الإنتاج إلى مكان آخر. وصناعة هواتف الآيفون بالكامل في الولايات المتحدة يكاد يكون من المستحيل في الوقت الراهن.
كيف يمكن للولايات المتحدة تحمل ذلك؟ خلص تقرير صادر عن معهد بيترسون للاقتصاد الدولي المعني بالشؤون التجارية إلى أن شن الحرب التجارية الشاملة مع الصين والمكسيك سيدفع بمعدلات البطالة المحلية في الولايات المتحدة إلى 9 نقاط مئوية بحلول عام 2020 من واقع 4.9 في المائة المسجلة حاليا. ولن يؤدي ذلك بحال إلى تحسين التوقعات الاقتصادية للملايين من أبناء الطبقة العاملة الأميركية الذين يشن السيد ترامب حربه التجارية للدفاع عنهم.
ومن المرجح ألا يكون ذلك هو أسوأ السيناريوهات. فإن تضييق الخناق حول الحدود الأميركية يصب مباشرة في صالح الصين بطرق مختلفة.
وواشنطن لن تقوم إلا بدور الشرير في هذه الحرب. وبصرف النظر تماما عن الحيل التي قد تلعبها الحكومة الصينية ضد المصالح الأميركية، فستكون على الدوام هي الضحية في نظر الكثير من الدول، حيث إنها بطلة قضية التجارة على أسس القواعد العالمية المفتوحة.
وحتى إن كان السيد ترامب يخادع بتصريحاته تلك، كما يقول الكثير من حلفائه، من أجل كسب بعض النفوذ في المفاوضات المستقبلية، فإن أغلب الضرر قد تحقق بالفعل. حيث غيرت تهديداته من الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة على الساحة العالمية.
وفي مواجهة التحول نحو النزعة القومية الشعبوية في بعض من الدول الغنية الأخرى، مثل بريطانيا وفرنسا، ظهرت الصين في الدول المدافعة عن الرأسمالية المعولمة.
يقول نيكولاس لاردي، المتخصص في الشؤون الصينية لدى معهد بيترسون: «الصين من القوى الدولية الرئيسية التي لا تزال تتحدث عن التكامل الاقتصادي. والصين هي الدولة الكبرى الوحيدة في العالم التي تقول: إن العولمة تجلب الفوائد والمكاسب».
لا يزال هناك عدد كبير من الدول في العالم النامي يعتقدون أن الازدهار يعتمد على التكامل الناجح في سلاسل التوريد التي تتجاوز الاقتصاد القومي. وعن طريق التحول إلى الداخل، وهي الخطوة التي تعززت إثر رفض اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي، تبدو الولايات المتحدة وليس لديها الكثير مما تقدمه.
وأشار ستيفن شيوبو، وزير التجارة الأسترالي، إلى هذه النقطة، بعد بضعة أيام فقط من إعلان نتائج الانتخابات الأميركية، عندما قال: إن بلاده ستعمل على إبرام اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، وهي المبادرة الصينية التي تضم 16 دولة من آسيا والمحيط الهادي التي لا تشمل الولايات المتحدة، وستدعم اقتراح الصين بشأن منطقة التجارة الحرة لآسيا والمحيط الهادي. والأمر نفسه بالنسبة لدولتي بيرو وتشيلي، اللتين، وفقا لمسؤول صيني كبير في ليما، تسعيان الآن إلى الانضمام إلى المبادرة التجارية الصينية.
ولقد أخبرني السيد براساد، المسؤول السابق لدى صندوق النقد الدولي، قائلا: «من المؤكد تقريبا أن كل اقتصاد في المنطقة الآسيوية يرى مستقبله أكثر ارتباطا مع الصين. ومع ترامب الذي يتحدث عن الانسحاب من الصفقات التجارية ويجبر الحلفاء على سداد تكاليف الحماية، فسيكون الأمر عسيرا على الدول الآسيوية لمقاومة المقترحات الصينية».
وإذا ما بدأت واشنطن في اتخاذ الإجراءات ضد الصين وتعطيل سلاسل التوريد الآسيوية، فسرعان ما ستتحول الولايات المتحدة إلى الدولة المنبوذة اقتصاديا في تلك المنطقة.
السؤال هو: لأي غرض يحدث ذلك؟ ولا يمكن للأمر أن يكون بهدف وقف التلاعب في العملات بكل بساطة. فهذه من المخاوف التي عفا عليها الزمن، فبدلا من العمل على خفض قيمة العملة لتحسين الصادرات، أنفقت الصين تريليون دولار في الآونة الأخيرة لدعم قيمة العملة المحلية في مواجهة هرب رؤوس الأموال. وإذا ما توقفت، فستسقط العملة المحلية جحرا ثقيلا في الهواء؛ ما يؤدي إلى تعزيز القدرة التنافسية التجارية لدى الصين.
علاوة على ذلك، فإن إقامة الحواجز التجارية ضد الصين لن يؤثر كثيرا في تضييق العجز التجاري الأميركي.
والشركات الأميركية التي تبني الكثير من الأشياء في الصين لن تجلب الكثير من الصناعات التحويلية إلى الوطن، وفي أغلب الحالات فسيذهبون إلى بلدان أخرى ذات أيدي عاملة رخيصة. وإلى حد إعادة تصدير الإنتاج إلى الوطن، ولكن الكثير منه سيكون آليا؛ مما يوفر فرص العمل لعدد قليل من المواطنين الأميركيين.
يقول دريك سيسورز، المتخصص في الشؤون الصينية لدى معهد أميركان إنتربرايز ذي التوجهات المحافظة: «ليس هناك معنى اقتصادي في رغبة ترامب موازنة التجارة مع الصين. فإن التجارة المتوازنة لا تجلب فرص العمل إلى الوطن».
وفي البداية، قد يبدو السيد ترامب وقد انتصر، ويعقد العزم على دفاعه المستميت عن الطبقة العاملة. ولكن من غير المرجح لزيادة شعبيته أن تستمر مع ظهور عواقب قراراته.
كانت واشنطن تلعب بأسلوب ضعيف نسبيا في محاولة احتواء نفوذ الصين. ولقد نشرت الصين وبكل مهارة الاستثمارات لاستمالة الدول من أفريقيا وأميركا اللاتينية، وتوسيع شبكة نفوذها هناك. ولقد بدأت في تشكيل بنك البنية التحتية الآسيوية، على الرغم من معارضة إدارة الرئيس أوباما، وذلك بعد انضمام بريطانيا وغيرها من حلفاء الولايات المتحدة إلى البنك الجديد.
كتب السيد براساد في كتابه الجديد بعنوان «اكتساب العملات»، يقول: «تتحول الصين لأن تكون عضوا بارزا في المجتمع الدولي. ولكن ليس وفق رغبات الغرب، من خلال المشاركة في المؤسسات القائمة بموجب قواعد اللعب الحالية. بدلا من ذلك، دعت الصين دولا أخرى للمشاركة في نظام من القواعد التي تفضل إملائها بنفسها». لقد منح السيد ترامب نظام القواعد البديلة الصيني دفعة قوية إلى الأمام.

* خدمة «نيويورك تايمز»



الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني ينكمش بشكل غير متوقع بـ0.1 % في أكتوبر

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)
ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

انكمش الاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول)، في الفترة التي سبقت أول موازنة للحكومة الجديدة، وهو أول انخفاض متتالٍ في الناتج منذ بداية جائحة «كوفيد - 19»، مما يؤكد حجم التحدي الذي يواجهه حزب العمال لتحفيز الاقتصاد على النمو.

فقد أظهرت أرقام مكتب الإحصاء الوطني أن الانخفاض غير المتوقع في الناتج المحلي الإجمالي كان مدفوعاً بتراجعات في البناء والإنتاج، في حين ظلَّ قطاع الخدمات المهيمن راكداً.

وكان خبراء الاقتصاد الذين استطلعت «رويترز» آراءهم يتوقَّعون نمو الاقتصاد بنسبة 0.1 في المائة. ويأتي ذلك بعد انخفاض بنسبة 0.1 في المائة في سبتمبر (أيلول) ونمو بطيء بنسبة 0.1 في المائة في الرُّبع الثالث من العام، وفقاً لأرقام الشهر الماضي.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الأسبوع الماضي، إن «هدف الحكومة هو جعل المملكة المتحدة أسرع اقتصاد نمواً بين دول مجموعة السبع، مع التعهد بتحقيق دخل حقيقي أعلى للأسر بحلول عام 2029».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر (إ.ب.أ)

لكن مجموعة من الشركات قالت إنها تخطِّط لإبطاء الإنفاق والتوظيف بعد موازنة حزب العمال في أكتوبر، التي تضمَّنت زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار جنيه إسترليني.

وقال خبراء اقتصاديون إن الانكماش الشهري الثاني على التوالي في الناتج المحلي الإجمالي يعني أن الاقتصاد نما لمدة شهر واحد فقط من الأشهر الخمسة حتى أكتوبر، وقد يعني ذلك أن الاقتصاد انكمش في الرُّبع الرابع ككل.

وقالت وزيرة الخزانة راشيل ريفز، إن الأرقام «مخيبة للآمال»، لكنها أصرَّت على أن حزب العمال يعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح للنمو.

أضافت: «في حين أن الأرقام هذا الشهر مخيبة للآمال، فقد وضعنا سياسات لتحقيق النمو الاقتصادي على المدى الطويل، ونحن عازمون على تحقيق النمو الاقتصادي؛ لأنَّ النمو الأعلى يعني زيادة مستويات المعيشة للجميع في كل مكان».

واشتكت مجموعات الأعمال من أن التدابير المعلنة في الموازنة، بما في ذلك زيادة مساهمات التأمين الوطني لأصحاب العمل، تزيد من تكاليفها وتثبط الاستثمار.

وانخفض الناتج الإنتاجي بنسبة 0.6 في المائة في أكتوبر؛ بسبب الانخفاض في التصنيع والتعدين والمحاجر، في حين انخفض البناء بنسبة 0.4 في المائة.

وقالت مديرة الإحصاءات الاقتصادية في مكتب الإحصاءات الوطنية، ليز ماكيون: «انكمش الاقتصاد قليلاً في أكتوبر، حيث لم تظهر الخدمات أي نمو بشكل عام، وانخفض الإنتاج والبناء على حد سواء. شهدت قطاعات استخراج النفط والغاز والحانات والمطاعم والتجزئة أشهراً ضعيفة، وتم تعويض ذلك جزئياً بالنمو في شركات الاتصالات والخدمات اللوجيستية والشركات القانونية».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في المملكة المتحدة لدى «كابيتال إيكونوميكس»، بول ديلز، إنه «من الصعب تحديد مقدار الانخفاض المؤقت، حيث تم تعليق النشاط قبل الموازنة».

وأضاف مستشهداً ببيانات مؤشر مديري المشتريات الضعيفة: «الخطر الواضح هو إلغاء أو تأجيل مزيد من النشاط بعد الميزانية... هناك كل فرصة لتراجع الاقتصاد في الرُّبع الرابع ككل».

وأظهرت الأرقام، الأسبوع الماضي، أن النمو في قطاع الخدمات المهيمن في المملكة المتحدة تباطأ إلى أدنى معدل له في أكثر من عام في نوفمبر (تشرين الثاني)؛ حيث استوعبت الشركات زيادات ضريبة الأعمال في الموازنة.

ريفز في مركز التحكم خلال جولة في مستشفى مايدستون جنوب شرقي إنجلترا (أ.ف.ب)

وسجَّل مؤشر مديري المشتريات للخدمات في المملكة المتحدة الذي يراقبه من كثب «ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.8 نقطة في نوفمبر، بانخفاض من 52.0 نقطة في أكتوبر.

وفي الشهر الماضي، خفَض «بنك إنجلترا» توقعاته للنمو السنوي لعام 2024 إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، لكنه توقَّع نمواً أقوى في عام 2025 بنسبة 1.5 في المائة، مما يعكس دفعة قصيرة الأجل للاقتصاد من خطط موازنة الإنفاق الكبير لريفز.