قرر البنك المركزي التركي أمس الخميس رفع سعر الفائدة القياسي 50 نقطة أساس، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ عام 2014 بسبب التراجع المستمر في سعر الليرة التركية وتصاعد مخاوف التضخم بفعل صعود الدولار والمخاطر الأمنية الداخلية والعمليات الإرهابية المتكررة.
ورفع البنك المركزي التركي سعر إعادة الشراء لأسبوع واحد إلى 8 في المائة، ورفع سعر الإقراض لأجل ليلة واحدة إلى 8.5 في المائة.
وأبقى البنك على سعر اقتراض ليلة واحدة عند 7.25 في المائة. ويستخدم البنك المركزي أسعار فائدة متنوعة لتزويد السوق بالسيولة.
وفقدت الليرة نحو 14 في المائة من قيمتها مقابل الدولار هذا العام بفعل تعزز العملة الأميركية، وقلق المستثمرين في أعقاب الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا في يوليو (تموز) الماضي، والذي أدى إلى تخفيض تصنيف تركيا الائتماني، وكذلك ما أعقبه من حملات اعتقالات واسعة وفصل أو وقف عن العمل لأكثر من 160 ألفا وحالة الاستقطاب السياسي.
وانتقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان البنك المركزي مرارا بسبب محاولاته رفع أسعار الفائدة وكرر دعوته إلى خفض تكاليف الائتمان، ويعد هذا هو أول تشديد للسياسة النقدية في تركيا منذ يناير (كانون الثاني) 2014.
ويقول إردوغان إنه «عدو» لأسعار الفائدة، حيث يرى أنها تكبح النمو الاقتصادي وقد انتقد البنك المركزي عشية قراره برفع أسعار الفائدة، وقال في بورصة إسطنبول الأربعاء «ليس لدي ما أقوله ضد استقلال البنك المركزي، لكن ليس بوسعي السماح بنزع إرادة شعبي وحقوقه عن طريق أسعار الفائدة المرتفعة».
وبدأ مؤشر بورصة إسطنبول تعاملاته أمس الخميس بانخفاض قدره 775 نقطة واستقر عند 75 ألفا و36 نقطة.
وسجل المتوسط اليومي لقيمة الأسهم انخفاضا نسبته 1.02 في المائة، وسجل سعر صرف الدولار الأميركي 3 ليرات تركية و40 قرشا في حين كان سعر صرف اليورو 3 ليرات تركية و5857 قرشا في الأسواق الحرة.
وتحسن المؤشر نسبيا في منتصف تعاملات أمس، وتراجع سعر الدولار إلى حدود 3.38 ليرة تركية.
وأكد وزير المالية التركي ناجي أغبال أن الحكومة التركية تعي وتتفهم انخفاض المؤشرات الكلية للاقتصاد، مؤكدا أنها ستعمل جاهدة على بذل الجهود لإحداث إصلاحات في السياسة النقدية والسياسة المالية.
وتابع أن الحكومة التركية ستستمر في اتخاذ جميع التدابير لتسريع الدورة الاقتصادية الإنتاجية، موضحا أن حكومته قد تخفض الضرائب مؤقتًا للقضاء على الانكماش في الطلب والاستثمار.
وتعليقا على التراجع المستمر في سعر الليرة التركية، رأى الخبير الاقتصادي عمر دينشر أن ثقة المستثمر باقتصاد الدولة أمر مهم جدًا يجب مراعاته، موضحا أن تركيا يمكنها تخفيف حدة انخفاض عملتها من خلال رفع ثقة المستثمر الأجنبي باقتصادها.
ويقول خبراء إن الفائدة الزائدة تحد من عرض الليرة في السوق، وتضعف الاستثمار.
ورفع المركزي التركي السقف المصرفي القانوني للمصارف المحلية التي اضطرت لتغطية سقفها من خلال جلب المزيد من العملات الصعبة من الخارج، وإيداعها في المركزي مقابل الحصول على ليرة تركية، ما أدى إلى زيادة عرض الليرة في السوق.
وحذر خبراء من أن تحمل هذه السياسة في طياتها تبعات سلبية على المؤشرات الاقتصادية، فالأوضاع الاقتصادية في تدهور على المستوى العالمي، وكبديل لهذه السياسة كان يمكن لتركيا التركيز على زيادة الفائض في ميزانها التجاري، ورفع ثقة المستثمر والسائح وتحفيزهما على القدوم إلى تركيا، وغيرها من السياسات التي تحرك الطلب على الليرة.
وقال دينشر إنه يجب حل مشكلة الثقة في الاقتصاد قبل كل شيء، لافتا إلى أن تحركات البنك المركزي لحل مشكلة انخفاض قيمة الليرة التركية اتسم بالبطء، موضحًا أن البنك المركزي كان يجب أن يتحرك بشكل جاد منذ الأيام الأولى لصعود الليرة إلى ما فوق 3 ليرات مقابل الدولار الواحد.
وأكد أن تركيا ما زالت تتمتع بمستوى جيد في مؤشرات النمو الاقتصادي وميزان المدفوعات والدخل القومي وغيره، لذلك ما يجب فعله الآن هو زيادة ثقة المستثمر المحلي والأجنبي بالاقتصاد التركي عبر سياسات دعائية وإعلامية وسياسية واقتصادية، تشمل تسهيل العمليات الاستثمارية وتسهيل الاقتراض مع الإبقاء على رقابة عالية لتجنب مشكلة «المعلومات غير المتماثلة» التي قد تضع المصارف في مشاكل مع المقترضين غير الأكفاء، وتطبيق سياسات توجيهية تُعرف المستثمر على المجال الأكثر مناسبة لاستثماره والأكثر فائدة لتركيا ومنح المستثمرين امتيازات اقتصادية واجتماعية كتخفيض الضرائب ومنحهم الجنسية التركية وتجنيبهم مصاعب البيروقراطية التي قد تدفعه للخروج من تركيا.
وأعلنت الحكومة التركية مؤخرا أنها بصدد وضع اللمسات النهائية على مشروع قانون لمنح الجنسية للمستثمرين في مسعى لجذبهم إلى العمل بالبلاد، كما ذكرت أنها قد تلجأ لإجراءات عاجلة مثل تطبيق خفض ضريبي جديد خلال الفترة المقبلة.
{المركزي} التركي يلجأ إلى رفع أسعار الفائدة
للمرة الأولى منذ 2014
{المركزي} التركي يلجأ إلى رفع أسعار الفائدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة