طائرات التحالف الدولي تقتل 700 مدني وأكثر من 5 آلاف عنصر من «داعش»

القوات الكردية المقاتلة لـ «داعش» شمال سوريا المستفيد الأول من الغطاء الجوي

جنيفر سانديفر كابتن طيار عسكرية (27 عامًا) من أوستن بولاية تكساس الأميركية تسير نحو طائرة «سوبر هورنيت» أول من أمس قبل إقلاعها من حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس دوايت دي أيزنهاور» للقيام بغارة على أهداف ضد «داعش» في العراق وسوريا (أ.ب)
جنيفر سانديفر كابتن طيار عسكرية (27 عامًا) من أوستن بولاية تكساس الأميركية تسير نحو طائرة «سوبر هورنيت» أول من أمس قبل إقلاعها من حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس دوايت دي أيزنهاور» للقيام بغارة على أهداف ضد «داعش» في العراق وسوريا (أ.ب)
TT

طائرات التحالف الدولي تقتل 700 مدني وأكثر من 5 آلاف عنصر من «داعش»

جنيفر سانديفر كابتن طيار عسكرية (27 عامًا) من أوستن بولاية تكساس الأميركية تسير نحو طائرة «سوبر هورنيت» أول من أمس قبل إقلاعها من حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس دوايت دي أيزنهاور» للقيام بغارة على أهداف ضد «داعش» في العراق وسوريا (أ.ب)
جنيفر سانديفر كابتن طيار عسكرية (27 عامًا) من أوستن بولاية تكساس الأميركية تسير نحو طائرة «سوبر هورنيت» أول من أمس قبل إقلاعها من حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس دوايت دي أيزنهاور» للقيام بغارة على أهداف ضد «داعش» في العراق وسوريا (أ.ب)

لا تزال طائرات التحالف الدولي ورغم مرور 27 شهرا على انطلاق مهمتها في سوريا بهدف «مكافحة الإرهاب» وبشكل خاص محاربة تنظيم داعش، تواصل عملياتها التي باتت محصورة وبشكل أساسي في الشمال السوري، حيث تتحالف مع «قوات سوريا الديمقراطية» ذات الأكثرية الكردية. إلا أن دراسة أعدها المرصد السوري لحقوق الإنسان بينت أن 700 مدني قتلوا جراء قصف هذه الطائرات، وبشكل خاص الأميركية منها، ما يطرح إشكالية أساسية حول ارتفاع فاتورة محاربة التنظيم والأخطاء المتتالية في تحديد الأهداف الواجب قصفها.
وبحسب المرصد، فقد قتلت هذه الطائرات 5506 على الأقل من عناصر تنظيم داعش غالبيتهم من جنسيات غير سورية، ومن ضمنهم عشرات القياديين، أبرزهم أبو عمر الشيشاني القيادي العسكري ، وأبو الهيجاء التونسي، وأبو أسامة العراقي «والي ولاية البركة»، وعامر الرفدان «الوالي السابق لولاية الخير»، والقيادي أبو سياف. كما لقي ما لا يقل عن 141 مقاتلاً من جبهة النصرة (جبهة فتح الشام حاليًا) مصرعهم، جراء ضربات صاروخية نفذها التحالف العربي - الدولي، أبرزهم القيادي في تنظيم القاعدة محسن الفضلي، وأبو همام، القائد العسكري في الجبهة، والقيادي أبو عمر الكردي، والقياديان أبو حمزة الفرنسي وأبو قتادة التونسي وأبو الأفغان المصري.
ويصف محمد سرميني، مدير مركز جسور للدراسات، دور التحالف الدولي بـ«الفعال»، لافتا إلى «تفاوت نسب فعاليته، فهو أكثر فعالية في العراق منه في سوريا، كما أنه أكبر في المناطق حيث تنتشر الميليشيات الكردية شمال البلاد». ويشير سرميني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحرب في سوريا باتت مرتبطة إلى حد كبير بالغطاء الجوي الذي يتم تأمينه للمجموعات المقاتلة على الأرض، موضحا أن «الغطاء الأكبر تؤمنه طائرات النظام والطائرات الروسية لحلفائها في الميدان». ويضيف: «التحالف ساعد نسبيا على إحراز تقدم في ريف حلب علما بأن لديه بنكا محددا للأهداف لم يستخدمه بشكل كامل بعد»، لافتا إلى أن دخول «درع الفرات» على الخط ساعد أيضا في انحسار التنظيم وتراجع نفوذه.
ولا يستغرب سرميني العدد الكبير من القتلى المدنيين الذي قضوا بغارات لطائرات التحالف: «من منطلق أن أكثر من يدفع فاتورة الحرب عادة هم المدنيون»، مشددا على أن «المعيار الأساسي لحمايتهم هو وقف الحرب السورية».
وتواصل الطائرات التابعة للتحالف الدولي ضرباتها على سوريا منذ الـ23 من سبتمبر (أيلول) من عام 2014. وقد استهدفت هذه الضربات تنظيمي داعش وجبهة النصرة كما فصائل معارضة أخرى وصولاً إلى استهداف قوات النظام في أطراف مطار دير الزور العسكري وجبل الثردة المطل عليها، ما أدّى إلى مقتل 90 عنصرا على الأقل.
ويعتقد المرصد السوري أنّ الخسائر البشرية، في صفوف عناصر تنظيم داعش وفصائل إسلامية أخرى، هي أكبر من العدد الذي تمكن من توثيقه حتى الآن، وذلك بسبب التكتم الشديد من قبل الأطراف المستَهدَفة على خسائرها البشرية.
ويقول رامي عبد الرحمن، مدير المرصد، لـ«الشرق الأوسط»، إن العدد الأكبر من الغارات والطلعات الجوية في سوريا تقوم بها واشنطن، بعدما كانت طائرات فرنسية وبريطانية وخليجية قامت بطلعات محدودة مع انطلاق العمليات العسكرية.
أما القوات الكردية التي تقاتل «داعش» في مناطق شمال سوريا، فتبقى المستفيدة الأولى من الغطاء الجوي الذي يؤمنه لها التحالف وبخاصة الطائرات الأميركية، وهو ما عبّر عنه مصدر قيادي كردي، قائلا إنهم جزء من تحالف استراتيجي كان أول إنجازاته في (عين عرب) كوباني، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «قوات سوريا الديمقراطية» وبالتنسيق مع التحالف الدولي نجحت خلال عام واحد في تحرير 20 ألف كيلومتر من تنظيم داعش.
وعلّق المصدر على ارتفاع «الفاتورة البشرية»، خصوصا لجهة عدد القتلى المدنيين قائلا: «التنظيم الإرهابي يستخدم المدنيين دروعا بشرية، ما يؤدي إلى مقتل العشرات منهم بغارات ينفذها التحالف، أضف إلى أن هامش الخطأ في تحديد الأهداف يبقى احتمالا، وهذا ما يحصل عادة في كل الحروب التي شهدها ويشهدها العالم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.