تفاؤل حذر بتشكيل الحكومة اللبنانية قبل نهاية الشهر الحالي

بري يرمي كرة التعطيل في الملعب المسيحي ووزارة الأشغال العقدة الأبرز

تفاؤل حذر بتشكيل الحكومة اللبنانية قبل نهاية الشهر الحالي
TT

تفاؤل حذر بتشكيل الحكومة اللبنانية قبل نهاية الشهر الحالي

تفاؤل حذر بتشكيل الحكومة اللبنانية قبل نهاية الشهر الحالي

يبدو أن المشاورات الجانبية التي عُقدت على هامش احتفالات عيد الاستقلال الثلاثاء الماضي أعطت دفعا لعملية تشكيل الحكومة؛ وهو ما رشح عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي بد أمس متفائلا رغم إصراره على إلقاء العقدة الأخيرة في المعلب المسيحي.
ونقل عدد من النواب التقوا رئيس المجلس عنه، أن «الأجواء حول تشكيل الحكومة إيجابية»، لافتين إلى أنه «يأمل في أن يتم تفكيك العقد الصغيرة لتأليفها في أسرع وقت ممكن». وقال رئيس المجلس إن هناك «ورشة عمل تنتظر الحكومة الجديدة، وفي مقدمها درس وإقرار قانون جديد للانتخابات»، مؤكدا أن «هذا الموضوع يبقى على رأس الموضوعات التي يجب إنجازها تمهيدا للانتخابات النيابية المقبلة».
وقال مصدر التقى بري أمس، فضّل عدم الكشف عن هويته، أن رئيس المجلس النيابي متفائل بقرب إعلان ولادة الحكومة، مرجحا أن يتم ذلك قبل نهاية الشهر الحالي. وأضاف المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «هناك عقدة بسيطة شبهها الرئيس بري بالقشة تعيق التشكيل حتى الساعة، وهي عقدة لدى الفرقاء المسيحيين، يتعين على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف حلحلتها».
بالمقابل، تشير مصادر مواكبة لمساعي الرئيس الحريري إلى أن العقدة الأساسية لا تزال تكمن بإصرار الرئيس بري على الحصول على وزارة الأشغال ورفضه دخول أي حكومة لا يكون تيار «المردة» مشاركا فيها، لافتة إلى أنه يتم السعي لإقناعه باستبدال الأشغال بوزارة الصحة. وتوضح المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تيار «المردة» من جهته يتمسك بوزارة من 3، الاتصالات أو الطاقة أو الأشغال. وتضيف: «المساعي متواصلة لإقناع (المردة) بوزارة أخرى». أما عقدة الوزير الشيعي الذي كان يفترض أن يكون من حصة رئيس الجمهورية، فقد تم تجاوزها، بحسب ما أكدت المصادر، موضحة أنه سيكون هناك وزير سني من حصته بمقابل وزير مسيحي من حصة الحريري.
في هذا السياق، قالت مصادر في «التيار الوطني الحر» لـ«الشرق الأوسط» إن توزيع الحصة المسيحية، أي الوزراء الـ12 من أصل 24 على الأحزاب والقوى بات محسوما، لجهة حصول التيار على 3 وزراء، القوات اللبنانية على 3، رئيس الجمهورية على 2 (باعتبار أنه سيسمي وزيرا سنيا من حصته)، الطاشناق على وزير واحد، كما الكتائب وتيار المردة وتيار المستقبل. وأشارت المصادر إلى أن ما يؤخر إعلان التشكيلة إصرار البعض على رفض إعطاء القوات 3 وزراء، وهو أمر محسوم بالنسبة لنا، وقد تم الاتفاق عليه بين الرئيسين عون والحريري.
ويوم أمس، أكد رئيس التيار «الوطني الحر» وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، أن «الاتفاق تم على الأجزاء الأساسية والكبيرة، ولا سبب فعليا لتأخر إعلان الحكومة»، متحدثا عن «تفاصيل يمكن أن تكون مهمة لدى البعض، وأقل أهمية للبعض الآخر». وقال باسيل بعد اجتماع تكتل «التغيير والإصلاح»: «وصلنا إلى مكان متقدم جدا وقدمنا كل التسهيلات كرئاسة جمهورية وتكتل وضحينا كفاية». وإذ نفى نفيا قاطعا أن يكونوا وضعوا فيتوات على أحد، اعتبر أنه «يمكن تمثيل الجميع بحكومة من 24 ضمن الوقت المنطقي والمقبول للتأليف».
وفيما حثّ رئيس الهيئة الشرعية في ما يسمى «حزب الله» محمد يزبك على «تسهيل العهد الجديد بتشكيل حكومة وطنية جامعة، لا تكون حكومة إلغاء أو كيد أو ما شابه ذلك»، نبّه عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا، من «أن هناك زخما بدأ مع وصول الجمهورية يحاول البعض إجهاضه من خلال عرقلة تشكيل الحكومة». وقال زهرا في حديث إذاعي: «هناك نية بعرقلة العهد تظهر وكأن الرئيس بري يقوم بها، في وقت لا مصلحة له بإجهاض عمل المؤسسات، لأن المؤسسات الدستورية ستتضرر وأكبر المتضررين هو المجلس النيابي». واذ أكد أن «زمن الترويكا ولى إلى غير رجعة»، شدد على «أن (القوات) تنازلت كفاية، ولن تتنازل من الآن وصاعدا». وقال: «نحن أكبر المسهلين لتشكيل الحكومة وأكثر الحريصين لانطلاقة العهد بزخم وقوة، وحصتنا في الحكومة حق لنا وليست منة من أحد؛ فالحقائب ليست ملكا لأحد ولأي طائفة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».