بعد علاقة وطيدة مع ميشيل أوباما.. المصممون يستقبلون ميلانيا ترامب ببرود

فوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب يضع صناع الموضة في مأزق

ميشيل أوباما وميلانيا ترامب ولقاء في البيت الأبيض التهيئة والترحال
ميشيل أوباما وميلانيا ترامب ولقاء في البيت الأبيض التهيئة والترحال
TT

بعد علاقة وطيدة مع ميشيل أوباما.. المصممون يستقبلون ميلانيا ترامب ببرود

ميشيل أوباما وميلانيا ترامب ولقاء في البيت الأبيض التهيئة والترحال
ميشيل أوباما وميلانيا ترامب ولقاء في البيت الأبيض التهيئة والترحال

الأغلبية تتفق أن دونالد ترامب صاحب شخصية مثيرة للجدل وبأنه يستعمل ألفاظا ليست من سمات السياسيين المحنكين، لكن هذا لا يعني أنه يفتقد إلى الروح النكتة. في إحدى خطبه التي اتهم فيها وسائل الإعلام بالتحامل عليه وعلى كل من يمتون إليه بصلة، وهي كثيرة، قال: «عندما ألقت ميشيل أوباما خطابها لأول مرة، هلل لها الجميع وأغدقوا عليها المديح من كل صوب، وعندما ألقت ميلانيا الخطاب نفسه فإن الكل انتقدها». كان يشير هنا متفكها إلى خطاب تداولته وسائل الإعلام وحصل على مشاهدة وتداول كبير على «اليوتيوب» تظهر فيه ميلانيا وهي تستعمل الجمل نفسها والكلمات التي استعملتها ميشيل أوباما، إلى حد أن البعض شبهها بالببغاء.
هذا الدليل الصارخ الذي قد يستعمله البعض لتفنيد اتهاماته لوسائل الإعلام بالتحيز أو التحامل، لأن الخطاب كان مستنسخا بالكامل تقريبا، لا يمنع من الاتفاق معه بأن أوساط الموضة استقبلت دخول ميلانيا ترامب البيت الأبيض ببرود تقشعر له الأبدان. فجمالها ورشاقتها وأناقتها، وكونها عارضة أزياء سابقة، لم يشفعوا لها لديهم، علما بأن هذا البرود يتناقض تماما مع الاستقبال الذي حظيت به ميشيل أوباما طوال الثماني سنوات التي قضتها في البيت الأبيض، رغم أنها قد لا تتمتع بمقاييسها ولا مقاساتها. صحيح أنها فارعة الطويل وذات جسم رياضي، لكنها تبقى امرأة عادية لها عيوبها بالمقارنة بغيرها، كما أن هذه المقاييس لا تبرر تشبيهها أو مقارنتها، بجاكلين كينيدي التي كانت ولا تزال أيقونة موضة ذات تأثير سار إلى اليوم، حسب البعض. ومع ذلك تصدرت ما لا يقل عن ثلاثة أغلفة في مجلة «فوغ»، آخرها عدد شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، حيث خصصت لها المجلة عدة صفحات وجلسة تصوير تظهر فيها في غاية الأناقة والجمال. وربما عدم تمتعها بمقاييس عارضات الأزياء وكونها امرأة عادية أهم ما يميزها عن ميلانيا وغيرها، بل يجعلها قدوة لكثير من الفتيات الصغيرات وجداتهن على حد سواء. فهي تتمتع بشخصية مستقلة وقدرات فكرية وثقافية أبعد ما تكون عن العادي، بدليل أنها خريجة هارفارد وكل خطاباتها مُلهمة ومؤثرة أكثر من أي سيدة بيت سابقة. وهذا يؤكد أن عالم الموضة ليس سطحيا كما يعتقد البعض، فهو لا يهتم بالشكل بقدر ما يهتم بالجوهر أيضا، حتى تكتمل الصورة، وهو ما تتمتع به ميشيل أوباما بدفئها وفهمها لثقافة الشارع وما يجري فيه. فمنذ أن دخلت البيت الأبيض غيرت النظرة إلى الموضة من دون أن تخضع لإملاءاتها، كما ساعدت كثيرا من المصممين الصاعدين والمنحدرين من أصول غير أميركية، بدءا من نارسيسو ردوريغيز إلى جايسون وو وثاكون وترايس ريس وغيرهم.
وعندما ظهرت منذ بضعة أشهر بفستان سهرة من «أتلييه فرساتشي» صممته لها دوناتيلا فيرساتشي خصيصا، ذهب البعض إلى القول إن الموضة ستفتقدها، بمن فيهم أنا وينتور، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» وأقوى امرأة في عالم الموضة حاليا إضافة إلى المصممة دايان فون فورتنسبورغ وغيرهما. أنا وينتور مثلا لم تُخف تأييدها للحزب الديمقراطي، بل وظفت كل قواها وإمكانياتها لجمع التبرعات لصالح هيلاري كلينتون. رؤساء تحرير مجلات أخرى قاموا بالمثل. هذا التأييد العلني والواضح لا شك سيضع كثيرا من هذه المجلات في موقف حرج بعد فوز دونالد ترامب. فقد جرت العادة أن تتابع المجلات البراقة، الأميركية خصوصا، سيدات الأبيض بنشر صورهن في المناسبات الكبيرة وأيضا بإجراء مقابلات مباشرة وجلسات تصوير معهن على دفعات. وبالنظر إلى ردود أفعال الأغلبية من دونالد ترامب ومواقفهم ضده خلال الحملة الانتخابية، فإن تذويب البرود الذي شاب العلاقة بينهما سيكون صعبا وغير مريح. صحيح أن ميلانيا ترامب تصدرت غلاف مجلة «فوغ» عندما تزوجت دونالد ترامب في عام 2005، حيث تابعت المجلة رحلة بحثها عن فستان زفافها، الذي استقرت عليه في باريس وكان من توقيع دار كريستيان ديور، إلا أنها كانت حينذاك مجرد عارضة سابقة ستتزوج مليونيرا، ولم تكن تثير مشاعر الاختلاف التي تثيرها سياسة ومواقف زوجها الأخيرة. وحتى لا نظلم عالم الموضة بالتحيز أو التحامل السياسي، فإن ميلانيا حتى الآن لا تمثل توجه الموضة الذي تروج له معظم المجلات منذ أكثر من عقد من الزمن، وهو أن تكون ديمقراطية ومبتكرة تستعمل فيها المرأة حسها الشخصي وقدرتها على مزج الغالي بالرخيص. وهذا ما نجحت فيه ميشيل أوباما إلى حد كبير بفساتينها ذات التنورات الواسعة نوعا ما، التي كانت غالبا من دون أكمام لتكشف عن عضلات مصقولة، إضافة إلى تشجيعها لمصممين مغمورين وإنعاشها لمحلات شعبية مثل «جي كرو» و«إيتش أند إم» و«تارغيت» وغيرها. وهذا ما قد تعتبره ميلانيا مجازفة لا تتماشى مع أسلوب حياتها ومستواها الاجتماعي. فهي حتى الآن تتبنى أسماء عالمية وأسلوبا يخلو من الجرأة، علما بأن المقصود بالجرأة هنا ليس إحداث الصدمة للفت الانتباه بل جرأة نابعة من شخصية قوية وواثقة من نفسها بحيث لا تهاب الانتقاد. وهذا ما جسدته ميشيل أوباما منذ دخولها البيت الأبيض. فإلى جانب «جاي كرو» وغيرها من الأسماء المقدور عليها من حيث الأسعار، ظهرت أيضا بتصاميم لأسماء عالمية مثل ميسوني، وغوتشي، وفرساتشي، وبيتر بيلوتو، وجيامباتيستا فالي، وإريمانو سيرفينو، ونعيم خان، في المناسبات المهمة. لكنها عموما تلجأ لهذه الأسماء مراعاة للبروتوكول، عندما تزور بلدانا أخرى أو لدى استقبالها شخصيات كبيرة، حتى تتجنب الاستفزاز وإثارة حفيظة أي أحد. فقد انتبهت منذ أول يوم دخلته البيت الأبيض إلى أهمية الموضة بوصفها رسالة قوية لها تأثيرات اجتماعية وسياسية تتعدى الأناقة بمعنى الألوان والخطوط التي تبرز جمال الجسد وتخفي عيوبه بكثير.
الجميل فيها أنها ليست عارضة أزياء، ولا هي تنتمي إلى المجتمع المخملي، وهو ما يجعلها قريبة من العامة وأكبر سفيرة للموضة الديمقراطية. وسائل الإعلام الأجنبية تقارنها دائما بجاكلين كينيدي، على أساس أنها ثاني سيدة تدخل البيت الأبيض أناقة. وسواء اتفقنا مع هذا الرأي أم لا فإن تأثيرها كان واضحا ومؤثرا وليس أدل على هذا من استغناء معظم المصممين عن الأكمام في فترة من الفترات، قبل أن تثور المرأة وتطالب بعودتها، على أساس أنه ليست كل واحدة منا تتمتع بذراعين مصقولتين مثلها. لكنها على المستوى الإنساني تبقى مجرد امرأة عادية، تصيب وتخطئ عندما يتعلق الأمر بالموضة على الأقل. لكننا سنذكرها دائما بالألوان. الألوان المتوهجة والأحزمة، والفساتين ذات التنورات الواسعة من دون أكمام. رغم أنها لم تكن دائما موفقة في اختياراتها، فإن ثقتها بنفسها وعدم تحفظها في تجربة كل ما هو جديد يشفعان لها دائما ويجعل لغة الانتقاد خفيفة أو مختفية تماما.
هل ستحصل ميلانيا ترامب على التغطيات الإيجابية نفسها التي حازت عليها ميشيل أوباما طوال الـثماني سنوات التي قضتها بصفتها سيدة أميركا الأولى؟ والجواب نعم، لأنه لا مهرب لوسائل الإعلام من ذلك. فهذه اللقاءات والتغطيات التي تجريها هذه المجلات مع كل السيدات اللواتي تعاقبن على البيت الأبيض، بمثابة تأريخ لحقبة تاريخية من خلال الأزياء. مهمة هذه المجلات أن تقدم للتاريخ والقراء على حد سواء صورة براقة بشكل موضوعي، حتى وإن لم تكن صادرة من القلب عن هذه الحقب. ففي عهد لورا بوش، مثلا لم يكن هناك اهتمام كبير بأسلوبها المحافظ والكلاسيكي، فقد كانت تمثل جيلا مختلفا كذلك الأمر بالنسبة لنانسي ريغان رغم أنها كانت واحدة من أكثر سيدات البيت الأبيض أناقة. ميلانيا ترامب في المقابل، عارضة أزياء سابقة قبل أن تكون سيدة مجتمع وزوجة الرئيس الأميركي القادم، وبالتالي فإنها ستحظى، ربما بالاهتمام نفسه أو أكثر بعد أن تهدأ النفوس. المشكلة التي يتخوف منها البعض أنها بأناقتها التي تشي بالثراء والغنى قد لا تلمس القارئ العادي وتُلهمه، وهو ما يساعد على بيع وتوزيع هذه المجلات. فمن جهة لا تستطيع الأغلبية منهم شراء ما ستظهر به نظرا لغلاء أسعاره، ومن جهة ثانية فإنه يبقى أسلوبا مضمونا لا يُلهم متابعات الموضة العصرية ورغبتهن في اللعب بالموضة والألوان وغيرها. في بعض الحالات يمكن أن يصفه البعض بأناقة «النوفو غيش» أي حديثي النعمة. فطوال الحملة الانتخابية ظهرت في أزياء تُبرز جمالها، اعتمدت فيها على قمصان بألوان الجواهر والورود، وفساتين محددة على الجسم أو بنطلونات واسعة، بعضها من تصميم «غوتشي» وبعضها من تصميم «رولاند موريه» و«شانيل» و«لويس فويتون» و«رالف لوران» و«مايكل كورس» و«بالمان» وغيرها من الأسماء العالمية وقلما ظهرت بقطعة لمصمم غير معروف.
المصممة صوفي ثياليت كانت الأكثر شجاعة عندما أعلنت رفضها التعامل مع ميلانيا ترامب على الملأ من خلال رسالة مفتوحة نشرتها مجلة «ويمنز وير دايلي» تقول فيها إن ميلانيا لا تمثلها ولا القيم التي تقوم عليها الموضة عموما. ووضحت: «بوصفنا شركة مملوكة عائليا، فإن الربح ليس هو الهدف الوحيد بالنسبة لنا، فنحن نقدر الحرية الفنية ونحاول جهدنا المساهمة بشكل أو بآخر أن نشجع المبادئ الإنسانية والأخلاقية، وهو ما لا تعكسه أفكار زوجها دونالد ترامب». ورغم أنها طالبت باقي المصممين بمقاطعتها فإن الأمر سيكون صعبا، لأن ميلانيا حتى الآن تشتري أزياءها بنفسها ولم تطلب أي زي من بيوت الأزياء مباشرة. أما إذا كانت هذه البيوت ستسعد في حال ظهرت بتصميم منها، فإن الزمن وحده سيجيب على هذا السؤال، وإن كان هناك ميل للاعتقاد أنهم لن يمانعوا على الإطلاق. فالموضة أكدت عبر تاريخها أنها لا تؤمن بالولاءات الطويلة لأحد، وكل المبادئ تتبخر عندما يتعلق الأمر ببيع منتجاتهم. ثم إن ميلانيا ترامب شماعة ملابس جيدة، بمعنى أن أي شيء تظهر به يبدو في غاية الأناقة والجمال، وإن لم يكن مُلهما من ناحية تنسيقه. بيد أن هذا يمكن أن يتغير في حال استعانت بخبيرة أزياء تفهم الموضة والسياسة في الوقت ذاته. في هذه الحالة قد تصل إلى وصفة ناجحة تناسب أسلوبها وتُرضي الآخر في الوقت ذاته. فالملاحظ طوال الحملة الانتخابية أنها من النوع الذي يسمع الكلام، من ناحية أنها لم تكن قوة محركة بقدر ما كانت وجها جميلا يلعب دور الكومبارس في تمثيلية من بطولة زوجها، لكن لا أحد يمكن أن يتهمها بأنها لا تُقدر الموضة أو لا تعرف كيف توظفها لإبراز مقاييسها المثالية، وحتى إذا لم تتمكن من اللعب بتناقضات الموضة كما فعلت ميشيل أوباما، فإن الموضة لا بد أن تتودد إليها بعد أن تتسلم مفاتيح بيتها الجديد. فهي في هذه الحالة تُمثل الولايات المتحدة الأميركية، وهذا وحده سيجعلها لاعبا مهما في الدفع بصناعة الموضة إلى الأمام. فميشيل أوباما، وحسب دراسة نُشرت في عام 2010، ساهمت بعد عام واحد من دخولها البيت الأبيض في زيادة مبيعات الأسماء التي ظهرت بأزيائها، مثل جايسو وو و«جاي كرو» بـ2.7 مليار دولار أميركي، فما البال بميلانيا التي تصرف مئات الآلاف من الدولارات على أزيائها وإكسسواراتها. ففستان زفافها مثلا كلف دونالد ترامب 100.000 دولار أميركي. بالنسبة للعامة فإن المحلات الشعبية والمصممين الشباب ربما سيستنسخون لنا أسلوبها لتؤثر على أذواق من كانوا ينتقدونها بالأمس القريب. فكما الأرباح تفرض على الموضة تغيير ولاءاتها، كذلك السلطة تلعب دورا كبيرا في تجميل كل شيء.



المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
TT

المحلات الشعبية تستعين بالنجوم لاستقطاب الزبائن

تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)
تُرسِخ تجربة العارضة كايت موس مع محلات «زارا» التغير الذي طرأ على عالم الموضة (زارا)

إذا كنتِ مداومة على التسوق في محلات «زارا» لأسعارها ونوعية ما تطرحه، فإنكِ قد تتفاجئين أن تعاونها الأخير مع العارضة البريطانية المخضرمة كايت موس سيُكلَفكِ أكثر مما تعودت عليه. فهناك معطف قصير على شكل جاكيت من الجلد مثلاً يقدر سعره بـ999 دولاراً أميركياً، هذا عدا عن قطع أخرى تتراوح بين الـ200 و300 دولار.

تفوح من تصاميم كايت موس رائحة السبعينات (زارا)

ليست هذه المرة الأولى التي تخوض فيها كايت موس تجربة التصميم. كانت لها تجربة سابقة مع محلات «توب شوب» في بداية الألفية. لكنها المرة الأولى التي تتعاون فيها مع «زارا». ويبدو أن تعاون المحلات مع المشاهير سيزيد سخونة بالنظر إلى التحركات التي نتابعها منذ أكثر من عقد من الزمن. فعندما عيَنت دار «لوي فويتون» المنتج والمغني والفنان فاريل ويليامز مديراً إبداعياً لخطها الرجالي في شهر فبراير (شباط) من عام 2023، خلفاً لمصممها الراحل فرجيل أبلو؛ كان الخبر مثيراً للجدل والإعجاب في الوقت ذاته. الجدل لأنه لا يتمتع بأي مؤهلات أكاديمية؛ كونه لم يدرس فنون التصميم وتقنياته في معهد خاص ولا تدرب على يد مصمم مخضرم، والإعجاب لشجاعة هذه الخطوة، لا سيما أن دار «لوي فويتون» هي الدجاجة التي تبيض ذهباً لمجموعة «إل في إم إتش».

فاريل ويليامز مع فريق عمله يُحيّي ضيوفه بعد عرضه لربيع وصيف 2024 (أ.ف.ب)

بتعيينه مديراً إبداعياً بشكل رسمي، وصلت التعاونات بين بيوت الأزياء الكبيرة والنجوم المؤثرين إلى درجة غير مسبوقة. السبب الرئيسي بالنسبة لمجموعة «إل في إم إتش» أن جاذبية فاريل تكمن في نجوميته وعدد متابعيه والمعجبين بأسلوبه ونجاحه. فهي تتمتع بماكينة ضخمة وفريق عمل محترف يمكنها أن تُسخِرهما له، لتحقيق المطلوب.

صفقة «لوي فويتون» وفاريل ويليامز ليست الأولى وإن كانت الأكثر جرأة. سبقتها علاقة ناجحة بدأت في عام 2003 بين لاعب كرة السلة الأميركي الشهير مايكل جوردان وشركة «نايكي» أثمرت عدة منتجات لا تزال تثير الرغبة فيها وتحقق إيرادات عالية إلى الآن.

كان من الطبيعي أن تلفت هذه التعاونات شركات أخرى وأيضاً المحلات الشعبية، التي تعاني منذ فترة ركوداً، وتشجعها على خوض التجربة ذاتها. أملها أن تعمَّ الفائدة على الجميع: تحقق لها الأرباح باستقطاب شرائح أكبر من الزبائن، وطبعاً مردوداً مادياً لا يستهان به تحصل عليه النجمات أو عارضات الأزياء المتعاونات، فيما يفوز المستهلك بأزياء وإكسسوارات لا تفتقر للأناقة بأسعار متاحة للغالبية.

الجديد في هذه التعاونات أنها تطورت بشكل كبير. لم يعد يقتصر دور النجم فيها على أنه وجه يُمثلها، أو الظهور في حملات ترويجية، بل أصبح جزءاً من عملية الإبداع، بغضّ النظر عن إنْ كان يُتقن استعمال المقص والإبرة أم لا. المهم أن يكون له أسلوب مميز، ورؤية خاصة يُدلي بها لفريق عمل محترف يقوم بترجمتها على أرض الواقع. أما الأهم فهو أن تكون له شعبية في مجال تخصصه. حتى الآن يُعد التعاون بين شركة «نايكي» ولاعب السلة الشهير مايكل جوردان، الأنجح منذ عام 2003، ليصبح نموذجاً تحتذي به بقية العلامات التجارية والنجوم في الوقت ذاته. معظم النجوم حالياً يحلمون بتحقيق ما حققه جوردان، بعد أن أصبح رجل أعمال من الطراز الأول.

من تصاميم فكتوريا بيكهام لمحلات «مانغو»... (مانغو)

المغنية ريهانا مثلاً تعاونت مع شركة «بوما». وقَّعت عقداً لمدة خمس سنوات جُدِّد العام الماضي، نظراً إلى النقلة التي حققتها للشركة الألمانية. فالشركة كانت تمر بمشكلات لسنوات وبدأ وهجها يخفت، لتأتي ريهانا وترد لها سحرها وأهميتها الثقافية في السوق العالمية.

المغنية ريتا أورا، أيضاً تطرح منذ بضعة مواسم، تصاميم باسمها لمحلات «بريمارك» الشعبية. هذا عدا عن التعاونات السنوية التي بدأتها محلات «إتش آند إم» مع مصممين كبار منذ أكثر من عقد ولم يخفت وهجها لحد الآن. بالعكس لا تزال تحقق للمتاجر السويدية الأرباح. محلات «مانغو» هي الأخرى اتَّبعت هذا التقليد وبدأت التعاون مع أسماء مهمة مثل فيكتوريا بيكهام، التي طرحت في شهر أبريل (نيسان) الماضي تشكيلة تحمل بصماتها، تزامناً مع مرور 40 عاماً على إطلاقها. قبلها، تعاونت العلامة مع كل من SIMONMILLER وكاميل شاريير وبيرنيل تيسبايك.

سترة مخملية مع كنزة من الحرير بياقة على شكل ربطة عنق مزيَّنة بالكشاكش وبنطلون واسع من الدنيم (ماركس آند سبنسر)

سيينا ميلر و«ماركس آند سبنسر»

من هذا المنظور، لم يكن إعلان متاجر «ماركس آند سبنسر» عن تعاونها الثاني مع سيينا ميلر، الممثلة البريطانية وأيقونة الموضة، جديداً أو مفاجئاً. مثل كايت موس، تشتهر بأسلوبها الخاص الذي عشقته مجلات الموضة وتداولته بشكل كبير منذ بداية ظهورها. فهي واحدة ممن كان لهن تأثير في نشر أسلوب «البوهو» في بداية الألفية، كما أن تشكيلتها الأولى في بداية العام الحالي، حققت نجاحاً شجع على إعادة الكرَّة.

فستان طويل من الساتان المزيَّن بثنيات عند محيط الخصر يسهم في نحت الجسم (ماركس آند سبنسر)

موسم الأعياد والحفلات

بينما تزامن طرح تشكيلة «مانغو + فيكتوريا بيكهام» مع مرور 40 عاماً على انطلاقة العلامة، فإن توقيت التشكيلة الثانية لسيينا ميلر التي طُرحت في الأسواق في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أيضاً له دلالته، بحكم أننا على أبواب نهاية العام. فهذه تحتاج إلى أزياء وإكسسوارات أنيقة للحفلات. لم يكن الأمر صعباً على سيينا. فإلى جانب أنها تتمتع بأسلوب شخصي متميِز، فإنها تعرف كيف تحتفل بكل المناسبات بحكم شخصيتها المتفتحة على الحياة الاجتماعية.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أعربت الممثلة عن سعادتها بالنجاح الذي حققته قائلةً: «أحببت العمل على التشكيلة الأولى ويملؤني الحماس لخوض التجربة مرة أخرى. فالتشكيلة الثانية تتسم بطابع مفعم بالمرح والأجواء الاحتفالية، إذ تضم قطعاً أنيقة بخطوط واضحة وأخرى مزينة بالفرو الاصطناعي، بالإضافة إلى فساتين الحفلات والتصاميم المزينة بالطبعات والنقشات الجريئة والإكسسوارات التي يسهل تنسيق بعضها مع بعض، إلى جانب سراويل الدنيم المفضلة لديّ التي تأتي ضمن لونين مختلفين».

فستان ماركس سهرة طويل من الحرير بأطراف مزينة بالدانتيل (ماركس آند سبنسر)

دمج بين الفينتاج والبوهو

تشمل التشكيلة وهي مخصصة للحفلات 23 قطعة، تستمد إلهامها من أسلوب سيينا الخاص في التنسيق إضافةً إلى أزياء مزينة بالترتر استوحتها من قطع «فينتاج» تمتلكها وجمَعتها عبر السنوات من أسواق «بورتوبيلو» في لندن، استعملت فيها هنا أقمشة كلاسيكية بملمس فاخر. لكن معظمها يتسم بقصَّات انسيابية تستحضر أسلوب «البوهو» الذي اشتهرت به.

مثلاً يبرز فستان طويل من الحرير ومزيَّن بأطراف من الدانتيل من بين القطع المفضلة لدى سيينا، في إشارةٍ إلى ميلها إلى كل ما هو «فينتاج»، كما يبرز فستانٌ بقصة قصيرة مزين بنقشة الشيفرون والترتر اللامع، وهو تصميمٌ يجسد تأثرها بأزياء الشخصية الخيالية التي ابتكرها المغني الراحل ديفيد بوي باسم «زيجي ستاردست» في ذلك الوقت.

طُرحت مجموعة من الإكسسوارات بألوان متنوعة لتكمل الأزياء وتضفي إطلالة متناسقة على صاحبتها (ماركس آند سبنسر)

إلى جانب الفساتين المنسابة، لم يتم تجاهُل شريحة تميل إلى دمج القطع المنفصلة بأسلوب يتماشى مع ذوقها وحياتها. لهؤلاء طُرحت مجموعة من الإكسسوارات والقطع المخصصة للحفلات، مثل كنزة من الدانتيل وبنطلونات واسعة بالأبيض والأسود، هذا عدا عن السترات المفصلة وقمصان الحرير التي يمكن تنسيقها بسهولة لحضور أي مناسبة مع أحذية وصنادل من الساتان بألوان شهية.

أرقام المبيعات تقول إن الإقبال على تشكيلات أيقونات الموضة جيد، بدليل أن ما طرحته كايت موس لمحلات «زارا» منذ أسابيع يشهد إقبالاً مدهشاً؛ كونه يتزامن أيضاً مع قرب حلول أعياد رأس السنة. ما نجحت فيه موس وميلر أنهما ركَزا على بيع أسلوبهما الخاص. رائحة السبعينات والـ«بوهو» يفوح منها، إلا أنها تتوجه إلى شابة في مقتبل العمر، سواء تعلق الأمر بفستان سهرة طويل أو جاكيت «توكسيدو» أو بنطلون واسع أو حذاء من الجلد.

رغم ما لهذه التعاونات من إيجابيات على كل الأطراف إلا أنها لا تخلو من بعض المطبات، عندما يكون النجم مثيراً للجدل. ليس أدلَّ على هذا من علاقة «أديداس» وعلامة «ييزي» لكيني ويست وما تعرضت له من هجوم بسبب تصريحات هذا الأخير، واتهامه بمعاداة السامية. لكن بالنسبة إلى ريهانا وفيكتوريا بيكهام وسيينا ميلر وكايت موس ومثيلاتهن، فإن الأمر مضمون، لعدم وجود أي تصريحات سياسية لهن أو مواقف قد تثير حفيظة أحد. كل اهتمامهن منصبٌّ على الأناقة وبيع الجمال.