جزيرة «آيل أوف وايت».. كيف يمكنك الهروب من اليابسة في المملكة المتحدة من دون استخدام جواز سفرك؟

جزيرة «آيل أوف وايت».. كيف يمكنك الهروب من اليابسة في المملكة المتحدة من دون استخدام جواز سفرك؟
TT

جزيرة «آيل أوف وايت».. كيف يمكنك الهروب من اليابسة في المملكة المتحدة من دون استخدام جواز سفرك؟

جزيرة «آيل أوف وايت».. كيف يمكنك الهروب من اليابسة في المملكة المتحدة من دون استخدام جواز سفرك؟

تقع بورتسموث على الساحل الجنوبي للمملكة المتحدة، على بُعد نحو 75 ميلاً من لندن، وهي ميناء كبير وقاعدة بحرية. ويتسم المكان بالثراء التاريخي، حيث كان مقرّ كثير من السفن المحتفظ بها، وما هو أكثر لاحقًا. وتستغرق الرحلة إلى جزيرة «آيل أوف وايت» عشرين دقيقة بعبّارة سريعة عبر البحر من بورتسموث، وعبر ما يعرف باسم مضيق سولنت. وتشتهر الجزيرة بشواطئها الرملية، مثل سانداون وشانكلين وفينتنور، وبها كثير من الأماكن السياحية، مثل منزل أوزبورن.
وكان منزل أوزبورن هو المسكن الصيفي للملكة فيكتوريا، بل ومكان الاستجمام المفضل بالنسبة إليها، وقد توفيت به عن عمر يناهز الواحد والثمانين عامًا، في يناير (كانون الثاني) عام 1901، وتم بناء المنزل خلال الفترة بين عامي 1845 و1851، وتصميمه الخارجي على طراز عصر النهضة الإيطالي، مما يجعل الأمر يبدو وكأنه تم العثور على قطعة من فينيسيا في الريف الإنجليزي.
ويتولى مركز التراث الإنجليزي حاليًا إدارة منزل أوزبورن، ويكون المنزل والأراضي المحيطة به مفتوحين للجمهور خلال الفترة بين شهري أبريل (نيسان) وسبتمبر (أيلول)، مع حظر دخول أجزاء محددة من المنزل خلال أشهر الشتاء.
أما الجزء الداخلي من المنزل، فجدير بالزيارة، ويوضح قرب غرف الملكة من غرف أبنائها مدى حبها لهم. وكان للملكة فيكتوريا اهتمام كبير بالهند، ففي الطابق الأرضي توجد غرفة دوربار التي تعد نموذجًا مصغرًا للبلاط في قصر هندي، وكانت تستخدم في القيام بشؤون الدولة.
ومن المناطق الجذابة الأخرى التي تستحق الزيارة في الجزيرة قلعة كاريسبروك التي كان الملك تشارلز مسجونًا بها خلال الحرب الأهلية، وفيلا بريدينغ الرومانية التي تحتوي على واحدة من أجمل لوحات الفسيفساء في أوروبا الشمالية.
كذلك تعد الجزيرة مقصدًا لمحبي اليخوت، حيث يقام في الجزيرة «أسبوع كاوز» الذي يعد واحدًا من أهم وأقدم سباقات القوارب في العالم. وعادة ما يتم تنظيم هذا السباق في الأسبوع الأول من شهر أغسطس (آب)، ويشارك فيه المئات من اليخوت في ميناء كاوز الصغير، ويقام نحو أربعين سباقًا يوميًا، ويمكن لهذه الفعالية أن تجذب مائة ألف زائر إلى الجزيرة.
ونظرًا لأنه من الضروري ركوب قارب للوصول إلى جزيرة «آيل أوف وايت»، تكون الشواطئ والفنادق أقل ازدحامًا من الساحل الجنوبي، باستثناء «أسبوع كاوز».
وللساحل ملامح جمالية كثيرة، منها صخرة الـ«نيدلز»، وهي تكوين صخري يقع في الركن الجنوبي الغربي، وتذكرنا هذه الصخرة إلى حد ما بالصخرة الموجودة على ساحل بيروت. كذلك تعد الجزيرة موطنًا لبعض السناجب الحمراء النادرة في المملكة المتحدة، حيث كان البحر حاجزًا منع غزو السناجب الرمادية الآتية من الخارج، وهو النوع المنتشر في باقي أنحاء المملكة المتحدة. وكما ذكرت في بداية المقال، فإن بورتسموث مكان يستحق الزيارة. وتعد ورشة بناء السفن هي المكان الذي شهد مولد السفينة الحربية «ذا فيكتوري» التي شاركت في معركة «الطرف الأغر» التي ألحق خلالها البريطانيون الهزيمة بأسطول نابليون عام 1805، ويوجد في ورشة بناء السفن متحف يحتوي على بقايا سفينة الملك هنري الثامن «ماري روز» التي غرقت في مضيق سولنت، وتم إنقاذها في نهاية القرن التاسع عشر. وأمام ورشة بناء السفن، توجد سفينة «ووريور»، وهي أول سفينة مغلفة بالحديد، وتسير بالمروحة. وبالقرب منها، يوجد مركز تسوق عصري رائع لكل أفراد الأسرة.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».