يتخذ السجال السياسي منحى تصاعديًا بين القيادات اللبنانية، التي بدأت تتقاذف مسؤولية تأخر ولادة حكومة العهد الأولى. ولم تمض ساعات على موقف رئيس الجمهورية ميشال عون الذي عزا الفساد المستشري في الدولة إلى التمديد للبرلمان اللبناني، والردّ السريع لرئيس مجلس النواب نبيه الذي حمّله مسؤولية تمديد الفراغ الرئاسي لسنتين ونصف السنة، حتى اشتعل السجال هذه المرّة بين برّي والرئيس المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري، الذي اتهم ما يسمى «حزب الله» من دون أن يسميه، بتأخير ولادة الحكومة، ما استدعى ردًا من رئيس المجلس، الذي ألقى بلائمة عرقلة تشكيل الحكومة على الراغبين بـ«عرقلة إقرار قانون جديد للانتخابات والإبقاء على القانون الحالي».
وكان الرئيس سعد الحريري قد زار قصر بعبدا قبل ظهر أمس، وبحث مع رئيس الجمهورية ميشال عون، آخر مستجدات تأليف الحكومة، وبعد اللقاء قال الحريري في دردشة مع الإعلاميين: «متفقون مع الرئيس عون على كل شيء وهناك بعض العثرات». وحول الأسباب التي تؤخر ولادة الحكومة، ردّ قائلاً: «من يعرقل معروف فاذهبوا واسألوه».
كلام الحريري من بعبدا لم يرق لرئيس البرلمان نبيه بري، الذي أعلن في بيان أن «الذي يعرقل ليس هو من يحذّر من ذلك» (تأخير تشكيل الحكومة)، معتبرا أن «الهدف الأبعد من العرقلة قد يكون الإبقاء على قانون الستين»، مشيرا إلى أن «هذا ليس جوابا على رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، بل هو توضيح له إذ إن الذي يعرقل هو الذي يخالف الدستور والأعراف وقواعد التأليف».
ومع غياب التفسيرات لهذا السجال، لفت عضو كتلة «المستقبل» النائب غازي يوسف، إلى وجود «عقد أساسية تؤخر ولادة الحكومة»، وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «العراقيل جذرية وليست بسيطة». ورأى أن «المشكلة هي في حكومات الوحدة الوطنية، التي يبقى التعطيل سمتها». وقال: «الرئيس سعد الحريري يسعى جاهدًا لحل العقد والوصول إلى حكومة قادرة على معالجة مشكلات الناس والنهوض بالدولة ومؤسساتها».
من جهته، رأى عضو كتلة القوات اللبنانية النائب أنطوان زهرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك خللاً على صعيد تشكيل الحكومة، لأن البعض في لبنان، لا يعترف بأن زمن الترويكا ولى إلى غير رجعة». وعبّر عن أسفه لـ«مسارعة الرئيس نبيه بري للردّ على الرئيس الحريري وكأنه هو المعني بكلام الأخير». وقال إن تأليف الحكومة «يتولاه رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف، لكن البعض يريد إرساء المنحى الذي ينسف اتفاق الطائف، ويستبدل الوصاية السورية بوصاية داخلية، ولا يريد التعاطي مع الطائف بمنطق الطائف الحقيقي».
وردًا على الاتهامات التي توجه لـ«القوات اللبنانية» بوضع «فيتو» على دخول تيار «المردة» إلى الحكومة العتيدة، شدد زهرا على أن «منطق الفيتوات غير موجود»، مؤكدًا أن القوات «لم تضع فيتو على توزير (المردة) على الإطلاق، كما أنه لا يمكن لأحد وضع (فيتو) على تسلم القوات أي حقيبة في الحكومة الجديدة». وقال: «بصراحة نحن الذين عانينا من الإقصاء في مرحلة سابقة، لا يمكن أن نمارس هذا المنطق على غيرنا». واستغرب كيف أن الرئيس نبيه بري «تبرّع للردّ على كلام الرئيس سعد الحريري وكأنه هو المقصود».
وحسمًا للتأويل الذي تلا دعوة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، كل من لم ينتخب الرئيس عون أن يذهب إلى المعارضة، أوضح زهرا أن «الدكتور جعجع قال هذا الكلام على سبيل المثال، نعرف أننا لسنا بنظام رئاسي، وشرحنا هذا الأمر أكثر من مرّة، ولم نقصد أو نرغب في استبعاد أحد».
وفي المواقف من الملف الحكومي، اعتبر وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق خلال تمثيله رئيس الجمهورية ميشال عون في وضع إكليلين من الزهر على ضريح رئيسي الحكومة الراحلين رياض الصلح ورفيق الحريري بمناسبة عيد الاستقلال، أن «المسألة تحتاج إلى مزيد من الوقت». وقال: «هي لم تتأخر، ولكن الموضوع كان يتعلق برمزية الاستقلال بتأليف الحكومة مع حلول هذا العيد الوطني، ولكن ستنجز في وقت ليس بطويل».
القيادات اللبنانية تتقاذف تهمة عرقلة ولادة الحكومة ووضع عراقيل جذرية
الحريري يلمّح إلى دور «حزب الله».. وبري يتّهم «مخالفي قواعد التأليف»
القيادات اللبنانية تتقاذف تهمة عرقلة ولادة الحكومة ووضع عراقيل جذرية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة