السبانخ.. طبيب العائلة الشامل

أصوله من إيران والبلدان المحيطة بها

السبانخ.. طبيب العائلة الشامل
TT

السبانخ.. طبيب العائلة الشامل

السبانخ.. طبيب العائلة الشامل

السبانخ من أكثر النباتات والخضراوات أو الخضراوات الورقية أهمية على الإطلاق. ونحن نتكلم هنا فيما يتعلق بالفوائد الصحية طبعا، لا من ناحية الطعم أو الرائحة. وفي نظرة سريعة على هذه الفوائد خلال البحث الذي أجريته لهذه المقالة يتبين أن الفوائد الصحية أكبر وأهم بكثير مما هو شائع ومعروف لدى عامة الناس، وقد لا أبالغ إذ أقول إن فوائده الصحية والطبية لا تقل أهمية عن فوائد العسل، والثوم، والبصل، والقنبيط، والحامض، والكركم، والبندورة، وغيرها من المواد المهمة جدا على هذه الصعد.
ولا عجب أن انتشرت أكياسه وأوراقه في معظم المراكز التجارية في أوروبا والعالم خلال السنوات الأخيرة، وقد أصبح جزءا لا يتجزأ من مواد الرفوف التي تحتوي على شتى أنواع النباتات الورقية والخس الخاصة بالسلطة. ويعود هذا بالطبع إلى الاهتمام الكبير في أوساط الطبقات العليا والمتوسطة في المجتمعات الحديثة إلى أهمية الغذاء والحفاظ على الصحة وتناولت الأعشاب والخضراوات.
لم يسبق أن استخدمنا السبانخ في السلطة في بلاد المتوسط كما يحصل هذه الأيام، وربما يعود إلى كثرة الخيرات والخيارات المتاحة للناس في هذه البلدان، التي تضم البندورة، والزعتر، والفجل، والبصل الأخضر، والبقدونس، والنعناع، والخس، والخيار، والحامض، والفليفلة وغيره. وقد درجنا على استخدام السبانخ في اليخنة مع اللحم والكزبرة والثوم، وفي فطائر السبانخ الطيبة والمعرفة جدا في لبنان وفلسطين وسوريا، التي عادة ما تكون مخلوطة مع السماق.
بأي حال، فإن السبانخ ليس جزءا لا يتجزأ من السلطات هذه الأيام، بل هو مادة أساسية في الكثير من الأطباق العالمية والأوروبية والآسيوية.
تشير المعلومات المتوافرة إلى أن اسم السبانخ الإنجليزي «Spinach» جاء من إيران، وانتشر من إيران القديمة باتجاه الهند والصين، حيث كانت تعرف باسم «الخضرة الفارسية»، ولا عجب في ذلك إذ إن أصول النبتة القديمة تعود إلى وسط وغرب آسيا.
وتقول بعض المصادر الأخرى إن تاريخ كلمة سبانخ الإنجليزية spinach، يعود إلى القرن الرابع عشر، وقد تدرج من كلمة espinache الإسبانية التي لا تعرف أصولها.
لكن الموسوعة الحرة تقول: إن الكلمة تتدرج على الأرجح من كلمة espinarc التي أتت بدورها من كلمة espinac الكتالونية المأخوذة عن العربية الأندلسية «إسبيناخ – asbīnākh» المستوحاة من العربية الأصل السبانخ - al - sabānikh والفارسية إسباناخ - aspānākh التي تعني كما يقال: «اليد الخضراء».
ويقال أيضا إن أصول النبتة نفسها تعود إلى إيران والدول المحيطة بها.. كما أن أقدم الوثائق التي تم العثور عليها وتتحدث عن السبانخ وجدت في الصين ويعود تاريخها إلى عام 647 ميلاديا. وفي عام 827 ميلاديا أدخل الغساسنة السبانخ إلى جزيرة صقلية الإيطالية.. وقد جاء ذكر السبانخ لأول مرة في منطقة البحر الأبيض المتوسط في أعمال الطبيب والعالم الفارسي أبو بكر الرازي الطبية في القرن العاشر للميلاد، وفي مقالات خاصة تعود إلى الكيميائي والزراعي العراقي ابن وحشية النبطي، وقسطاس الرومي، وابن حجاج.
بعد انتشار السبانخ في العالم العربي المتوسطي بكثرة وصل إلى إسبانيا في القرن الثاني عشر للميلاد. قد عرف السبانخ أول ما عرف هناك باسم «رأس البقول»، أي خيرة أنواع البقول.
ولم تعرف ألمانيا السبانخ قبل القرن الثالث عشر للميلاد، ولم يأت على ذكر بذور السبانخ في التراث الألماني قبل منتصف القرن السادس عشر. ومن إسبانيا وصل السبانخ إلى بريطانيا وفرنسا في القرن الرابع عشر، وقد حاز على إعجاب الناس واهتمامهم بسبب نموه المبكر في الربيع، حيث يفتقد الناس الكثير من الخضراوات. وجاء ذكر السبانخ لأول مرة في التراث الإنجليزي في كتاب former cury للطبخ نهاية القرن الرابع عشر.
ويقال إن السبانخ المحبب في إيطاليا كان أكثر الخضراوات تفضيلا لدى كاثرين ماديتشي؛ إذ كانت أطباق الطعام تقدم إليها على فراش من السبانخ، وكانت يطلق عليها اسم فلورانتاين - Florentine تيمنا بمدينة فلورانس التي ولدت فيها كاثرين ابنة لورينزو ماديتشي الثاني الشهير.
* فوائد السبانخ
1 - تؤكد الكثير من الدراسات الحديثة، أن السبانخ يقي من أمراض السرطان؛ لاحتوائه على 15 عنصرا من عناصر الفلافونويد المضادة للأكسدة التي تؤخر الشيخوخة.
وأشارت الدراسات الأخيرة إلى أن السبانخ يمنع سرطان الثدي لدى المرأة، كما يخفف من حدة سرطان الجلد، ونمو سرطانات المعدة.
ولأن السبانخ يحتوي على الكاروتينات والفوليك والكلورفيلين أيضا فهو يمنع تكاثر خلايا سرطانات البروستات والمبيض والرئة والكبد والقولون.
2 - يقوي السبانخ المناعة في الجسم؛ لأنه يحتوي على كمية لا بأس بها من «فيتامين أ» و«فيتامينات ب، أي، ج، د» التي تعتبر عناصر رئيسية من عناصر كريات الدم البيضاء التي تحارب الأمراض أو تحميه منها عبر تخليصه من السموم.
3 - ولان السبانخ يحتوي على كمية لا بأس بها من «فيتامين سي» والبيتاكاروتين المضادين للأكسدة، فإنه يمنع أكسدة الكولسترول بالدم، وبالتالي يساعد على تدفق الدم بالشرايين. كما أن السبانخ قادر على تخفيض ضغط الدم خلال ساعات من تناوله لاحتوائه على الزنك والماغنسيوم والسلينيوم والكالسيوم والبوتاسيوم.
وعلى هذا الأساس يحمي السبانخ القلب أو الأفراد من النوبات القلبية والسكتات الدماغية لوجود الفولات.
كما يساهم في علاج فقر الدم؛ لاحتوائه على كمية لا بأس بها من الحديد، وهو من أكثر الخضراوات في هذا المضمار.
4 - يدعم السبانخ إنتاج بروتين أوستيوكالسين الذي يعتبر أساسيا في المحافظة على كثافة العظام وقوتها. كما يضم ما يكفي من «فيتامين ك»، الذي يساهم في منع تآكل العظام، بالتعاون مع الفسفور والنحاس والمنغنيز والخارصين. باختصار فإن السبانخ يحمي من هشاشة العظام. وإضافة إلى العظام يعمل السبانخ على تقوية العضلات، وخصوصا عضلات القلب.
5 - ويستخدم السبانخ لمحاربة ارتفاع نسبة السكر في الدم، وبالتالي محاربة مرض السكري، وخصوصا عند النساء الحوامل.
6 - ويشار أيضا إلى أن السبانخ ممتاز في علاج آلام الطمث، آلام الأسنان، وبمثابة مهدئ للأفراد الذين يعانون القلق أو صعوبة النوم، علاج الحمى، علاج حالات التسمم.
7 - يساعد السبانخ على تخفيض الوزن؛ لاحتوائه على الكثير من المعادن والفيتامينات التي تساعد في هذا المجال، فضلا عن احتوائه على القليل جدا من السعرات الحرارية.
7 - تجري الأبحاث في الولايات المتحدة، وبالتحديد في ولاية كاليفورنيا «لاستخدام بروتين السبانخ لإعادة البصر إلى بعض المكفوفين عن طريق استبدال خلايا العين الميتة ببروتين موجود في السبانخ».
وتحمي مادة الزياكسانثين المضادة للأكسدة العين من الأشعة فوق البنفسجية التي تؤدي إلى إعتام عدسة العين عادة. وتحمي الكرتوناد الوتين من الإعتام نفسه الذي يصيب كبار السن. كما هناك ما يكفي من المواد في السبانخ لحماية العين من الجفاف والالتهاب والانتفاخ.
8 - ولأن السبانخ، كما سبق وذكرنا، غني جدا بـ«فيتامين أ»، فهو «يحمي الجلد ويساعد على المحافظة على رطوبة البشرة، وبذلك يحمي من التجاعيد وظهور حب الشباب، وحتى أنه يحارب مرض الصدفية».
لذا؛ يستخدم السبانخ لإنتاج أقنعة طبيعية للجلد مع إضافة اللبن. وأضف إلى ذلك أن تجديد البشرة عبر مساهمته في شفاء الجروح الخارجية والتئامها.
ويستخدم السبانخ أيضا في تضميد الجروح وعلاج حكة الجلد ولدغ الحشرات، والأهم تجديد خلايا البشرة.
9 - السبانخ مفيد للشعر وصحته؛ لاحتوائه على مادة الكبريت أيضا، وهو قادر على منع تساقطه والحفاظ على صحة فروة الرأس. ويساهم أيضا في إيصال الأكسجين إلى بصيلات الشعر، وبالتالي المساهم في نموه.
10 - يعتبر السبانخ أيضا من الخضراوات المفيدة جدا للمخ وحمايته لاحتوائه على ما يكفي من بيتا كاروتين والفوليك واللوتين. وعادة ما تحمي هذه المواد من مرض الزهايمر. كما أنه يساعد على تحسين التركيز والإدراك عند الأفراد، خصوصا الأطفال الذين يعانون التوتر العصبي.
بالإضافة إلى كل ذلك، يعتبر السبانخ مفيدا جدا للأمعاء والجهاز الهضمي؛ لغناه بالألياف، كما يمنع الإمساك ويحارب قرحة المعدة ويساعد على نمو الأطفال؛ لاحتوائه على مادة اليود، كما يمنع العيوب الخلقية عند الجنين، كما يمنع نزيف اللثة وتهدئة الجسم وعلاج اليرقان والكبد.
كما هناك محاولات جدية لاستغلال السبانخ في تسخير الطاقة الشمسية لإنتاج الطاقة الكهربائية؛ لذا تجري محاولات لإنتاج الخلايا الشمسية من السبانخ «لاستخدامها في إمداد الهواتف المحمولة بالطاقة من كلوروفيل السبانخ».
* ترتيب الدول المنتجة للسبانخ حول العالم
- الصين - - - 19.5 مليون طن متري
- الولايات المتحدة - - - 354 مليون طن متري
- اليابان - - - 275 مليون طن متري
- تركيا - - - 222 مليون طن متري
- إندونيسيا - - - 154 مليون طن متري
- إيران - - - 107 ملايين طن متري
- باكستان - - - 107 ملايين طن متري
- فرنسا - - - - 106 ملايين طن متري
- كوريا الجنوبية - - - 96 مليون طن متري
- بلجيكا - - - 79 مليون طن متري



الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)
فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)
TT

الفواكه والخضراوات تتحول الى «ترند»

فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)
فواكه موسمية لذيذة (الشرق الاوسط)

تحقق الفواكه والخضراوات المجففة والمقرمشة نجاحاً في انتشارها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتتصدّر بالتالي الـ«ترند» عبر صفحات «إنستغرام» و«تيك توك» و«فيسبوك»، فيروّج لها أصحاب المحلات الذين يبيعونها، كما اختصاصيو التغذية ومستهلكوها في آن. ويحاول هؤلاء تقديم صورة إيجابية عن طعمها ومذاقها، ويضعون هذه المكونات على لائحة أفضل الأكلات التي من شأنها أن تسهم في التخفيف من الوزن. وضمن فيديوهات قصيرة تنتشر هنا وهناك يتابعها المشاهدون بشهية مفتوحة. فالمروجون لهذه الفواكه والخضراوات يفتحون العلب أو الأكياس التي تحفظ فيها، يختارون عدة أصناف من الفاكهة أو الخضراوات ويأخذون في تذوقها. يسيل لعاب مشاهدها وهو يسمع صوت قرمشتها، مما يدفعه للاتصال بأصحاب هذه المحلات للحصول عليها «أونلاين». ومرات لا يتوانى المستهلكون عن التوجه إلى محمصة أو محل تجاري يبيع هذه المنتجات. فبذلك يستطلعون أصنافاً منها، سيما وأن بعض أصحاب تلك المحلات لا يبخلون على زوارهم بتذوقها.

خضار مقرمشة متنوعة (الشرق الاوسط)

تختلف أنواع هذه المنتجات ما بين مقلية ومشوية ومفرّزة. وعادة ما تفضّل الغالبية شراء المشوية أو المفرّزة. فكما المانجو والفراولة والتفاح والمشمش والموز نجد أيضاً الـ«بابايا» والكيوي والبطيخ الأحمر والأصفر وغيرها.

ومن ناحية الخضراوات، تحضر بغالبيتها من خيار وكوسة وبندورة وأفوكادو وفول أخضر وجزر وبامية وفطر وغيرها.

وينقسم الناس بين مؤيد وممانع لهذه الظاهرة. ويعدّها بعضهم موجة مؤقتة لا بد أن تنتهي سريعاً، فتناول الأطعمة الطازجة يبقى الأفضل. فيما ترى شريحة أخرى أن هذه المكونات المجففة والمقرمشة، يسهل حملها معنا أينما كنا. كما أن عمرها الاستهلاكي طويل الأمد عكس الطازجة، التي نضطر إلى التخلص منها بعد وقت قليل من شرائها لأنها تصاب بالعفن أو الذبول.

ولكن السؤال الذي يطرح حول هذا الموضوع، هو مدى سلامة هذه المنتجات على الصحة العامة. وهل ينصح اختصاصيو التغذية بتناولها؟

تردّ الاختصاصية الغذائية عبير أبو رجيلي لـ«الشرق الأوسط»: «الفواكه والخضراوات المقرمشة تعدّ من المكونات التي ينصح بتناولها. ولكن شرط ألا تكون مقلية. فالمفّرزة أو المجففة منها هي الأفضل، وكذلك المشوية. هذه المكونات تحافظ على المعادن والفيتامينات المفيدة للصحة. والبعض يأكلها كـ(سناك) كي يشعر بالشبع. ولذلك ينصح بتناولها لمن يقومون بحمية غذائية. فسعراتها الحرارية قليلة فيما لو لم تتم إضافة السكر والملح إليها».

يتم عرض هذه المكونات في محلات بيع المكسرات. والإعلانات التي تروّج لها تظهرها طازجة ولذيذة ومحافظة على لونها. بعض المحلات تتضمن إعلاناتها التجارية التوصيل المجاني إلى أي عنوان. وأحياناً يتم خلطها مع مكسّرات نيئة مثل اللوز والكاجو والبندق. وبذلك تكون الوجبة الغذائية التي يتناولها الشخص غنية بمعادن وفيتامينات عدّة.

فواكه وخضار طازجة (الشرق الاوسط)

وتوضح عبير أبو رجيلي: «كوب واحد من الخضراوات المجففة والمقرمشة يحتوي على ألياف تسهم في عدم تلف خلايا الجسم. وبحسب دراسات أجريت في هذا الخصوص فإنها تسهم في الوقاية من أمراض القلب والشرايين».

يحبّذ خبراء التغذية تناول الخضراوات والفواكه الطازجة لأن فوائدها تكون كاملة في محتواها. ولكن تقول عبير أبو رجيلي لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن تناولنا خضراوات وفواكه طازجة ينعكس إيجاباً على صحتنا، ولكن المجففة تملك نفس الخصائص ولو خسرت نسبة قليلة من الفيتامينات».

تقسّم عبير أبو رجيلي هذه المكونات إلى نوعين: الفواكه والخضراوات. وتشير إلى أن الأخيرة هي المفضّل تناولها. «نقول ذلك لأنها تتمتع بنفس القيمة الغذائية الأصلية. بعضهم يقدمها كضيافة وبعضهم الآخر يحملها معه إلى مكتبه. فهي خفيفة الوزن وتكافح الجوع بأقل تكلفة سلبية على صحتنا».

وبالنسبة للفواكه المجففة تقول: «هناك النوع الذي نعرفه منذ زمن ألا وهو الطري والليّن. طعمه لذيذ ولكن يجب التنبّه لعدم الإكثار من تناوله، لأنه يزيد من نسبة السكر في الدم. أما الرقائق المجففة والمقرمشة منه، فننصح بتناولها لمن يعانون من حالات الإمساك. وهذه المكونات كما أصنافها الأخرى تكون مفرّغة من المياه ويتم تجفيفها بواسطة أشعة الشمس أو بالهواء».

بعض هذه المكونات، والمستوردة بكميات كبيرة من الصين يتم تجفيفها في ماكينات كهربائية. فتنتج أضعاف الكميات التي تجفف في الهواء الطلق أو تحت أشعة الشمس. وهو ما يفسّر أسعارها المقبولة والمتاحة للجميع.

في الماضي كان أجدادنا يقومون بتجفيف أنواع خضراوات عدّة كي يخزنونها كمونة لفصل الشتاء. فمن منّا لا يتذكر الخيطان والحبال الطويلة من أوراق الملوخية وحبات البندورة والبامية المعلّقة تحت أشعة الشمس ليتم تجفيفها والاحتفاظ بها؟

وتنصح عبير أبو رجيلي بالاعتدال في تناول هذه الأصناف من فاكهة وخضراوات مجففة. «إنها كأي مكوّن آخر، يمكن أن ينعكس سلباً على صحتنا عامة».