ليبيا: الجيش الوطني يستعد للمعركة الأخيرة ضد المتطرفين في بنغازي

مواجهات عنيفة بالأسلحة الثقيلة بين ميليشيات طرابلس لليوم الثاني على التوالي

جنود من الجيش الوطني الليبي في حي القوارشة غرب بنغازي (أ.ف.ب)
جنود من الجيش الوطني الليبي في حي القوارشة غرب بنغازي (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: الجيش الوطني يستعد للمعركة الأخيرة ضد المتطرفين في بنغازي

جنود من الجيش الوطني الليبي في حي القوارشة غرب بنغازي (أ.ف.ب)
جنود من الجيش الوطني الليبي في حي القوارشة غرب بنغازي (أ.ف.ب)

عادت الاشتباكات العنيفة كلغة للحوار بين الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس، بينما التزمت حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة الصمت، في وقت واصلت فيه قوات الجيش الوطني، التي يقودها المشير خليفة حفتر، عملياتها العسكرية غرب مدينة بنغازي الواقعة بشرق البلاد. وقالت مصادر أمنية في طرابلس لـ«الشق الأوسط» إن مسلحين أغلقوا شوارع في منطقة زاوية الدهماني، ومنعوا مرور السيارات والمارة، بعد اشتباكات شهدتها المدينة، مساء أول من أمس، بسبب خلافات غير معروفة السبب بين الفرقة السادسة وقوات الردع الخاصة. وأفاد سكان وناشطون محليون بأن حالة من التوتر ما زالت تسود المنطقة لليوم الثاني على التوالي، حيث ما زالت الشوارع مغلقة بالحاويات، ما ينذر باحتمال اندلاع اشتباكات جديدة بين الميليشيات التي تسيطر على طرابلس من نحو عامين، وتعتبر موالية لحكومة الوفاق التي يترأسها فائز السراج.
وفى مدينة بنغازي بالمنطقة الشرقية، أعلنت القوات الخاصة (الصاعقة والمظلات)، التابعة للجيش الوطني الليبي، أن انفجارًا داخل معتقل سري لبقايا المتطرفين أدى إلى «استشهاد» اثنين من عناصرها وإصابة آخرين، مشيرة إلى أنها أحبطت عملية انتحارية يائسة بمحور بوصنيب، دون أي أضرار تذكر.
وقالت القوات الخاصة عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إنها تقدمت أمس بمنطقة بوصنيب بعد ضغط كبير على الإرهابيين وأجبرتهم على الانسحاب من أحد مراصدهم وترك أسلحتهم؛ موضحة أنها غنمت كمية من الذخائر والأسلحة، كانت تستخدم لقَصف أحياء منطقة بنينا ومطارها الدولي، وأحياء سكنية بمدينة بنغازي.
وفى وقت سابق قالت هذه القوات إنها عثرت على مقبرة جماعية تحتوي على 11 قبرا بإحدى المزارع بالمنطقة نفسها.
وطبقا لما أعلنه العقيد ميلود الزوي، الناطق باسم القوات الخاصة، فإن قوات الجيش تستعد للمعركة الأخيرة ضد الجماعات الإرهابية في آخر معاقلها بمنطقتي سوق الحوت والصابري، تمهيدًا للإعلان عن التحرير الكامل لمدينة بنغازي.
وتخوض قوات الجيش الليبي في بنغازي منذ عامين معارك طاحنة ضد التنظيمات المتطرفة، استطاعت من خلالها السيطرة على معظم مناطق المدينة، التي كانت تحت سيطرة تلك التنظيمات.
من جهة أخرى، حثت الحكومة الانتقالية، التي يترأسها عبد الله الثني والموالية لمجلس النواب الليبي، أعيان ومشايخ قبائل الجنوب الليبي على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سبها، وذلك بعد اشتباكات وقعت هناك، وأسفرت عن مصرع سبعة أشخاص على الأقل، وجرح نحو 15 آخرين.
واعتبرت حكومة الثني أن «الخاسر الوحيد في هذا النزيف هي ليبيا بفقدانها خيرة شبابها في معارك جانبية، والمستفيد الأكبر منها هم أعداء الوطن والمتربصين به، والذين ما فتئوا يوقظون الفتنة»، وأبدت استعدادها للتعاون مع المجالس المحلية ومؤسسات المجتمع المدني، ولجان المصالحة في سبها للحفاظ على الأمن والنسيج الاجتماعي. وأطلق حفتر منتصف شهر مايو (أيار) من 2014 «عملية الكرامة» بهدف اجتثاث الإرهاب من البلاد، التي تعاني من فوضى أمنية وانقسام سياسي منذ الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي في عام 2011، ما سمح لجماعات متطرفة، من بينها تنظيم داعش، بأن يكون لها موطئ قدم في هذا البلد الغني بالنفط.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.