يواجه اليمن تحديًا جديدًا يتمثل في تغذية الطائفية التي قد تنتهي بـ«اليمن السعيد» إلى بؤس الحرب الأهلية، نتيجة محاولة التمرد الحوثي استحداث منهج جديد يقوم على مبدأ إقصاء الآخر، وهو أمر لم تعرفه اليمن من قبل.
وبحسب معلومات مؤكدة، باشر التمرد الحوثي استحداث حسينيات وحوزات دينية إقصائية، ومحاولة وضع صبغة دينية على الانقلاب والزعم أنه حصل بتكليف شرعي ينسجم مع تعاليم السماء وفق المذهب الذي يكرّس منطق ولاية الفقيه، لتغدو الدولة دينية - طائفية بامتياز، وهو ما يعني أن الطائفية باتت قنبلة قيد التجهيز للانفجار في اليمن، وذلك على النحو الذي يعاني منه العراق حاليًا.
ذكر مستشار محافظ الجوف اليمنية، أحمد البحيح في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن ظهور الحوزات بدأ في اليمن بشكل علني ما بين عامي 2004 و2006. وذلك أيام حروب صعدة في مديرية «المطمة». وبيّن أن بعض الحوزات كانت في مباني طينية كغرف للتدريس، وكانت هناك حسينيات لإقامة طقوس دينية في مناسبات متعددة أبرزها مناسبة عاشوراء وإقامة مجالس العزاء الحسيني التي ترفع فيها الرايات السود الدالة على الحزن، والبكاء، وضرب الصدور (اللطم)، وتوزيع الرايات والغذاء والكساء على الموالين.
وأوضح البحيح أن الحوزات كانت تحظى بدعم مالي كبير وتنفق عليها مبالغ طائلة أدت إلى التنازع بين مؤسسيها الذين ينتمي غالبيتهم لآل درمان ومبخوت كرشان، وتابع: «كان عدد الحوزات أربع، منها واحدة عند آل درمان والثانية عند آل عبد الله مرعي والثالثة بحصن آل كرشان والرابعة كانت في القصبة». ولفت إلى أن عدد الطلاب في حوزات اليمن وصل إلى نحو مائتي طالب، ويتم فيها تدريس مجموعة من الكتب أبرزها أصول الكافي، كما تشهد الحوزات إقامة اللقاءات الفكرية على مستويات مختلفة ويدّرس فيها علماء دين يمنيون ممن سبق لهم الدراسة في سوريا والعراق وإيران، فضلاً عن أن الحوزات تشهد تنظيم زيارات للشخصيات الحوثية في صنعاء حيث يتزعمهم مبخوت كرشان وصالح درمان، في حين يعتبر ظافر درمان قياديا كبيرا لهم.
تأثير «عاصفة الحزم»
وأردف البحيح شارحًا أن القائمين على تلك الحوزات «كانوا يحصلون على دعم مالي من إيران وسوريا، ويقسم بعض من هذه المبالغ للحوثيين بطريقة سرية، إلا أن (عاصفة الحزم) أدت إلى اختفاء الأنشطة التي كانت تقوم بها الميليشيات، من خلال الحوزات والحسينيات التي يقيم فيها الشيعة طقوسهم المعتادة». واستطرد أن «من الحسينيات التي فقدت نشاطها بفعل ضربات التحالف العربي لتحرير اليمن الحسينية التي تقام في سوق الاثنين عند محمد محسن بن نسعه أو ابنه صالح والتي يرفع عليها رايات مكتوب عليها يا حسين وغيرها».
أول حسينية في 2008
كذلك أشار مستشار محافظ الجوف إلى أن أول حسينية تم إنشاؤها بعد حرب 2008 استدعى فيها الحوثيون بعضا من مشايخ القبائل وأرسلوهم إلى إيران، وعادوا منها لتأسيس كثير من الحسينيات. وأردف أن «مبخوت كرشان، الذي درس في قُم، يعتبر أقدم مرجعية اثنى عشرية في اليمن منذ منتصف التسعينات، كما كانت توجد قيادات من الغيل والزاهر هاجرت إلى إيران وما زالت تقيم هناك بصفتها مرجعيات». وتابع سرده: «فيما يتعلق بالغيل، تم إرسال عدد من الحوثيين إلى إيران مع زوجاتهم، وكان يتزعمهم يحيى عزّان الشريف، وهو شخص يعتقد أنه ساحر لديه كتاب شمس المعارف، وكان التمرد الحوثي بنى له بيتًا في الغيل، وهو البيت الذي زُعم أنه أفضل من الكعبة، وأن زيارته أفضل من الحج والعمرة». ثم قال إن «أناسًا انخدعوا فعلاً، خصوصًا أن غالبية أهالي الجوف والغيل من أتباع الطائفة الزيدية، وهي طائفة شيعية تم التأثير على كثير من أتباعها باستمالة مشاعرهم باسم (مظلومية آل البيت)».. وذكر أنه عندما مات زعيمهم في الغيل يحيى عزّان جعلوا قبره مزارا لأنهم وجدوا في الغيل حاضنة شعبية قوية.
التمهيد لتمزيق اليمن
البحيح، أفاد أيضًا خلال اللقاء مع «الشرق الأوسط» بأن النظام الإيراني «يجر أتباعه في اليمن إلى وحل الطائفية تمهيدًا لتمزيق اليمن الذي يمثل مهد العروبة». وذهب إلى «أن النظام الإيراني، الذي أوعز لأتباعه في اليمن لبناء الحسينيات والحوزات الشيعية، لا يفكر في تقديم خدمات دينية بقدر ما يخطط لكارثة سيصنعها التناحر الداخلي لأنه على يقين تام أن التمرد والانقلاب على السلطة، وإن نجح في بداية الأمر، لن يستمر إلى الأبد فـ(عاصفة الحزم) ستقصي المتمردين عن السلطة، ما يجعله يخطط لما بعد التحرير من خراب وتدمير لليمن».
الحوزة.. والحسينية
وعن الفرق بين الحسينية والحوزة، أوضح المتخصص في العلوم الشرعية، الدكتور عبد الله الفراج، أن «الحسينية مركز للعبادة والوعظ كما تقام فيها المناسبات الدينية والاجتماعية، أما الحوزة فهي مؤسسة تعليمية شرعية، ويدرس فيها طالب العلم الفقه على ثلاث مراحل أساسية».
وأضاف الفراج أن «المرحلة الأولى، تشمل المقدمات، ويتم فيها التدريس على أربعة مستويات، المرحلة الأولى تركز على كتب النحو والصرف والبلاغة والمعاني والبيان والمنطق إضافة إلى الفقه. أما المرحلة الثانية، وهي دراسة السطوح، ويدرس فيها الفقه بتوسع شديد والفلسفة. ثم تأتي المرحلة الثالثة الأخيرة، وهي مخصصة للبحث ويتخرج فيها طالب العلم فقيهًا يجيز فقهيته واحد من الفقهاء الكبار في الحوزات الموجودة في العراق وإيران، مثل النجف أو كربلاء أو قُم».
وأشار الفراج إلى عدم وجود نظام للاختبار ومنح الشهادة العلمية، وعدم وجود وقت محدد لكل مرحلة، أو «مستوى» كما تسمى «بل يترك للطالب حرية اختيار الكتاب، والمعلم الذي يتلقى على يديه تعليمه، والوقت المستغرق للانتهاء منه. وقد تطول مدة الدراسة عشر سنين، أو عشرين سنة، وبعضهم تكون غايته التكسب والمعاش، فهو يريد للمدة أن تطول حيث يحصل الدارس على مبالغ نقدية طوال دراسته». وذكر أنه «ما كان مسموحًا في اليمن بإقامة حوزات، أو حتى حسينيات، قبل وجود الجماعة الحوثية الاثني عشرية. ولكن بعد تواجدهم، قاموا بإنشاء الحوزات والحسينيات»، لافتا إلى «أنهم ليسوا من الزيدية، كما يدّعون، بل من الاثني عشرية الذين لديهم خلاف كبير مع أهل السنة بعكس أتباع الطائفة الزيدية، وأن إنشاءهم الحوزات والحسينيات جاء بغرض إدخال مؤثرات سياسية في الشأن العلمي، بهدف التحريض وإحداث اضطرابات مجتمعية تبعد عن الهدف العلمي المعمول به في الحوزات العلمية التي تبعد كل البعد عن النظام السياسي».
تصدير طائفية إيران
أما نجيب غلاب، مستشار رئيس الوزراء اليمني، فقال لـ«الشرق الأوسط» خلال لقاء معه إن «إيران اعتمدت سياسة ثابتة وممنهجة لإضعاف الدول العربية عبر تصدير الطائفية بأشكالها المثيرة للنزاعات والصراعات الدموية، وإحداث انقسامات حادة عبر المذهبية لتفكيك الهوية الوطنية وتدمير الحواضر العربية». وأضاف غلاب: «إن الصراع الطائفي لم يكن موجودًا في اليمن بعدما تشكل وعي اليمني على أساس التواصل والاتصال.. كل صراعاتنا لم تأخذ بعدًا طائفيًا بل كانت صراعات على السلطة والثروة، وتتلبس أحيانا بالقناع الديني، لكنها لم تكن أبدا طائفية. لكن مع بروز الحوثية بوصفها حركة طائفية خمينية بدأت ملامح فرز قائمة على أساس مذهبي، واعتمدت الخلية الأمنية الإيرانية على بناء العصبية المذهبية الصلبة أساسا في تنمية قوة الحوثية». وأوضح أن إيران «لم تكتف بذلك، بل عملت أيضًا عبر أجهزتها المخابراتية وحوزاتها وجمعيات (زكاة الخُمس) على تبني مخطط متكامل لتشجيع أكبر قدر ممكن من الناس ليشكلوا حلقات دعوية لنشر الخمينية المذهبية والثورية، وكان للمنح الدراسية والأموال دور بارز في ذلك».
تكريس الخمينية
وركّز غلاب خلال اللقاء على أن «تنمية الخمينية تعتمد على نزعتين مذهبية وسياسية آيديولوجية في اليمن. وما قاد إلى حالة من الشتات والانقسام في الهوية الوطنية، رغم أن التأثير في بداية الأمر كان ضعيفًا، ولا يزال في حالة الضعف، إلا أن الانقلاب الحوثي يوسع من نطاقها ويجعلها أساسًا مركزيًا في إدارة الصراع.
وبحسب مستشار رئيس الحكومة اليمنية، فإن إيران «تهدف إلى بناء عصبية مذهبية خمينية وحاضن اجتماعي لها لتكون خنجرًا مسمومًا في جسد الدولة والمجتمع، بحيث تصبح الحوثية وشبكات إيران المذهبية الأخرى أشبه بقنبلة دائمة معيقة لبناء الدولة ومعيقة لأي انسجام وسلام اجتماعي».
تقليل أثر الطائفية
وتطرّق غلاب إلى وجود «محاولة رسمية للتقليل من تأثير الطائفية أمام الرأي العام، لكن الحركة الحوثية تعمل ومرشديها الخمينيين على تغيير ذهنية قطاعات شعبية مستغلة انقلابها والصراع لتهيئة اليمن للصراع الطائفي، بينما تواجه الحركة الوطنية اليمنية هذا التحدي والخطر بالرهان على الدولة ومواجهة الانقلاب وإنهاء دور الميليشيا». وتحدّث عن «وجود تيار وطني ينمو يوميًا، ولديه قناعة تامة بضرورة تجريم الكهنوتية الحوثية بنص دستوري، وهو ما يراه ضرورة وطنية، وبخاصة أن الأمر يتعلق بالأمن الوطني ومستقبل اليمن». ثم وصف الحوثية بأنها «آيديولوجيا كهنوتية طارئة»، لافتًا إلى أن القوى الوطنية تمكنت من مواجهة حلقات وحسينيات الاثني عشرية في أكثر من محافظة فاختفت في الفترة الأخيرة من الساحة، وهناك من يؤكد أن من كان يديرها جماعات من المرتزقة والأفاكين، في حين أن عَصب المخابرات الإيرانية ورجالها الباطنيين انتقلوا تحت الأرض».
قنبلة موقوتة
أما المفكّر اليمني علي البخيتي، الذي عمل في وقت سابق متحدثا رسميا باسم التمرّد الحوثي قبل أن ينشق ويغادر صفوف الانقلاب، فقال لـ«الشرق الأوسط» إن الطائفية «قنبلة موقوتة تهدد بنية أي دولة، ولذلك فإن استدعاءها في الصراع السياسي من قبل أي طرف، سواء كان سلطة أو معارضة، تهديد حقيقي للدولة وللمجتمع وتماسك نسيجه».
وأردف البخيتي أنه «بالإمكان إيجاد تسويات للصراع السياسي، لأنه قائم على المصالح، ومتى ما تم تلبية الحد الأدنى من متطلبات ومصالح أطراف الصراع أمكن الخروج منه، لكن الصراعات الطائفية يصعب الخروج منها، لصعوبة تسوية الخلاف العقائدي. لذا من الخطورة إلباس أي صراع سياسي صبغة طائفية لأنه سيعقّد التوصل إلى تسوية».
مطالب غير مشروعة
وفي السياق ذاته، رأى قاسم المحبشي، وهو كاتب يمني، أن «التمرد الحوثي الذي لم ينجح في تقديم نفسه للمجتمع اليمني بوصفه صاحب مطلب مشروع في العدالة الاجتماعية، والإنماء المتوازن، والشراكة في السلطة والثروة، كما ادعى طويلاً، يجد نفسه مضطرًا حاليًا لرعاية الطائفية، بعدما كانت الصورة الوحيدة التي قدّمها الحوثيون عن أنفسهم هي أنهم طلاب سلطة يبحثون حاليًا عن غطاء ديني زائف».
وأشار المحبشي إلى أن «الاندفاع الحوثي غير المحسوب نحو الاستيلاء على السلطة، أضاع عليهم فرصة نادرة للتمتع بثمرات الشراكة الوطنية في إدارة البلاد». وقال إن «الشروع في بناء الحوزات والحسينيات استمرار للأخطاء الحوثية القاتلة التي قد يدفع الشعب اليمني ثمنها أكثر مما يتوقع أكثر المتشائمين تشاؤمًا، وذلك في حال نشوب حرب أهلية بين المتطرفين من أتباع تنظيم القاعدة وأتباع الولي الفقيه».
إنهاء وحدة اليمن
وركّز المحبشي على أن الحوثيين «يندفعون بشكل مخيف نحو ارتكاب كمية هائلة من الأخطاء التي تهدد بإنهاء وحدة اليمن والعصف باستقراره»، واصفًا اعتماد المناهج الإيرانية في الحوزات الجاري استيرادها إلى اليمن «ثالثة الأثافي» التي ستفجّر في نهاية الأمر التناحر الطائفي بعد أن يسقط حكم التمرد الحوثي تحت وطأة ضربات الجيش الوطني اليمني المدعوم من قبل قوات التحالف التي تقودها المملكة العربية السعودية منذ مارس (آذار) 2015.
دعوة لقبول الآخر
وعن هذه النقطة قال علي البخيتي: «أنا لست من دعاة حوار الأديان ولا المذاهب للتقريب بينها، بل أنا مع أن يقبل كل مذهب ودين الآخر كما هو، سواءً قرب من أفكاره أم بعد. ذلك أن الأديان والعقائد المذهبية ثابتة عند أصحابها ولا مجال للحوار من أجل التقريب بينها». وأضاف أن الأديان والمذاهب «ليست أحزابًا ومكونات سياسية لتتحاور من أجل التقريب بين وجهات نظرها المختلفة، فالأديان قائمة على معتقدات لا تقبل الحوار أو التنازل عن بعضها، لكن يمكن إجراء حوار من أجل تخفيف الاحتقان بين أتباعها، أو لبعث رسائل سلام ووئام داخل المجتمع». وشدد على أن المشكلة ليست في التكفير بحد ذاته «فكل طرف حر في الاعتقاد بكفر الآخر لأنه لا يؤمن بمعتقد ما أو يرى غير معتقده، لكن المشكلة في حد الرد عندما يفتي به البعض ويسعون إلى تطبيقه بأنفسهم، وبالتالي، أنا مع حرية الاعتقاد لكن بشرط ألا يبنى عليها فتوى بإهدار دم أحد».
تكريس الإقصاء
وأمام كل هذه المعطيات حذّر الشيخ باسم العطّاس، من مغبة المنهج الحوثي «القائم على تكريس إقصاء الآخر وفق ما يتم تدريسه في الحوزات التي تلقى فقهائها تعليمهم على أيدي أرباب طائفية الفرس». وقال العطاس: «عندما تغيب عن الدولة المدنية قيمها الأساسية ويصبح الولاء للطائفة أو المذهب دون الوطن، فإن ذلك مدعاة لتقسيم الشعب وتفتيت المجتمع حتى يصل الأمر إلى الحروب الأهلية بين أبناء الوطن والدين الواحد، أو حتى بين أبناء الطائفة الواحدة أو حتى بين أبناء البيت الواحد حين ينتمي كل فرد من أفراد الأسرة الواحدة إلى طائفة معينة، وكم رأينا دماء تسيل في حرب انتماءات طائفية يقتتل فيها الشقيق مع الشقيق».
وتحدث العطّاس بالتفصيل عن «خطورة تغذية الفكر المذهبي على حساب الدولة»، مشيرًا إلى أنه «لطالما عاشت كثرة من الطوائف والمذاهب في تعايش سلمي وقبول لبعضها بعضا في العالم الإسلامي، بل كان هذا التعايش السلمي حتى مع أصحاب الديانات المختلفة، ولما كانت إحدى أدوات الصراعات السياسية قائمة على تفريق المجتمعات وبث روح العداء بين مكوّناتها العرقية أو المذهبية أو الطائفية عهدت بعض الأنظمة لتبني طوائف بعينها لتقضي بها أوطارها السياسية».
اختطاف التشيّع
ووفق العطاس: «من هنا تأتي إشكاليات الطائفية والمذهبية، فلا يلبث أن يقترن المذهب أو تقترن الطائفة بنظام سياسي إلا وسترى بعده كيف تنشأ الأحقاد والخلافات التي تؤدي في النهاية إلى تفتيت أي مجتمع نتيجة شعور باقي المكونات من تهميش أو سطوة من الطائفة المدعومة. ولو أخذنا اليمن نموذجًا لوجدنا أنه كان هناك قدر عالٍ من التعايش السلمي بين مكونات المجتمع الذي يعيش فيه الشافعي السنّي إلى جانب أخيه الزيدي الشيعي، بل حتى إلى جانب الأقلية اليهودية، في انسجام وتعايش نموذجي، إلى أن قرّرت إيران تصدير مشروعها التوسعي واختطاف التشيّع وجعلته وسيلة وأداة من أدوات حرب النفوذ التي تخوضها».
رسالة إلى وزارتين
ثم خاطب وزارتي التعليم والأوقاف في اليمن، متسائلا: «لا أظن أن ثمة أرضًا تعج بالأديان والطوائف والمذاهب مثل الهند.. فكيف استطاع أهل تلك البلاد تجاوز كل فوارقهم ونهضوا ببلادهم إلى مصاف أهم الدول اقتصاديا وعلميًا». وأضاف أن «القواسم المشتركة لمكوّنات أي مجتمع من المجتمعات كثيرة ولا حصر لها. ولأن التعليم هو الذي يضع بذرة الوعي في عقول الناشئة كان لزامًا على القائمين عليه تعزيز تلك القيم المشتركة بين أبناء المجتمع الواحد وإبرازها للطلبة كي تكون هي الأساس في حياتهم، وحينئذٍ ستتضاءل كل رموز الدعوات الطائفية والحزبية». وتابع: «أما المساجد والمنابر فأمانة الكلمة فيها أشد من غيرها، فالرحمة التي بعث بها رب العالمين نبيّه، عليه أفضل الصلاة والسلام، المفترض أن تكون هي المادة التي تغذي بها الأفكار والعقول والقلوب لأن الإسلام يتسع للجميع. ولقد ابتليت الأمة الإسلامية في زماننا بأقوام جعلوا من المنبر معوَل هدم للأمة وتفريقا وتشتيتا لها بدعوى التكفير والتبديع والتفسيق».
واختتم العطّاس بالإشارة إلى أن «بعض الدول تقدّمت علميًا ولم تغفل عن فتح آفاق للحوار بين الحضارات والثقافات لتكامل الإنسانية في مسيرتها، في حين أن اقتران السياسة بمشاريع طائفية أو مذهبية أو حركية يجعل عاقبتها وخيمة».