روسيا تعزز دفاعاتها وراء القوقاز

تنشر منظومة «إسكندر» الصاروخية في أرمينيا بعد سوريا

روسيا تعزز دفاعاتها وراء القوقاز
TT

روسيا تعزز دفاعاتها وراء القوقاز

روسيا تعزز دفاعاتها وراء القوقاز

وصف الرئيس الأرميني سيرج ساركيسيان نصب روسيا على أراضي بلاده منظومة الصواريخ المتطورة «إسكندر»، بأنه «أمر اضطراري يرمي إلى الحفاظ على الاستقرار في المنطقة»، مضيفا أن «الهدف من نشر إسكندر هو تحقيق التوازن العسكري في المنطقة». إلا أن أهداف روسيا من ذلك تتجاوز مجرد احتواء النزاع الأرميني - الأذري حول قره باخ.
الرئيس ساركيسيان ربط هذا التحرك الروسي كخطوة موازية لإمكانيات منافسته أذربيجان، مضيفا أن «أذربيجان كانت قد اقتنت خلال السنوات الماضية أحدث أنواع الأسلحة»، بينما «لا تتوفر لدى أرمينيا إمكانات مالية (لشراء الأسلحة مثل أذربيجان)». وأوضح أن أرمينيا لهذا السبب تبحث دوما على سبل للعثور على «مضاد للسم»، واصفا نشر منظومة إسكندر على أراضي بلاده في هذا السياق بأنها «مضاد للسم».
ومن الواضح أن الرئيس الأرميني ينظر إلى تعزيز روسيا لوجدها العسكري على الأراضي الأرمينية انطلاقا من حاجته لامتلاك القوة العسكرية على خلفية النزاع الدائر منذ مطلع التسعينات مع الجارة أذربيجان حول إقليم «قره باخ»، وهو يعول في هذا الشأن على التعاون العسكري مع روسيا بصورة خاصة، وينظر إلى دورها في المنطقة على أنه عامل استقرار. إذ أشار في تصريحاته إلى «الاتفاق بين موسكو ويرفان حول الحفاظ على موازين القوى في المنطقة»، ودوما يقصد ميزان القوى بين أرمينيا وأذربيجان. الرئيس الأرميني يضع تلبية روسيا للطلب الأرميني بنشر منظومة إسكندر المتطورة في سياق إدراك روسيا لأهمية هذا الأمر.
ومع إشادته بالتعاون العسكري مع موسكو فإن الرئيس الأرميني ما زال يرى أن تسوية النزاع حول إقليم قره باخ ممكنة عبر الحلول الوسط فقط، معيدا إلى الأذهان ما قال إنها مبادئ رئيسية للتسوية تم وضعها في إطار مجموعة مينسك الخاصة بالنزاع في قره باخ، موضحا أن «المبادئ هي: عدم اللجوء إلى العنف أو التهديد باللجوء للعنف، وحدة أراضي الدول، والمساواة بين الشعوب في حقها بتقرير مصيرها»، مشددا على استعداد بلاده للعودة إلى المفاوضات مع أذربيجان على أساس تلك المبادئ.
الحاجة بقوة عسكرية تضمن الأمن ولاستقرار في المنطقة عبر تشكيل عامل ردع يحول دون تجدد النزاع بين أرمينيا وأذربيجان ويدفعهما للتمسك بالخيار السياسي للخروج من الأزمة، نقطة رئيسية تتقاطع فيها مصلحة موسكو ويرفان بالانتشار العسكري الروسي على الأراضي الأرمينية.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن القاعدة العسكرية الروسية في أرمينيا، وتحديدا في مدينة غيومري على بعد 126 كلم عن العاصمة الأرمينية يرفان، هي آخر قاعدة تحتفظ بها روسيا في المنطقة المعروفة باسم الدائرة العسكرية لمنطقة ما وراء القوقاز، وكانت تضم قواعد في جورجيا وأرمينيا وأذربيجان في الحقبة السوفياتية. وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي اضطرت روسيا لسحب قواتها من تلك الجمهوريات في سنوات مختلفة، بينما تمكنت من الاحتفاظ بقاعدتها في أرمينيا حيث تعرف حاليا باسم «قاعدة الوحدة المؤللة 102» وتقوم بالمناوبة القتالية في إطار منظومة الدفاع الجوي المشتركة لرابطة الدول المستقلة، وتخضع لقيادة مجموعة القوات الروسية في منطقة ما وراء القوقاز التابعة للمديرية العسكرية الجنوبية. ويبلغ عدد الأفراد في تلك القاعدة 4 آلاف ما بين جندي وضابط، وتتقسم إلى قوات دفاع جوي مزودة بما في ذلك بمنظومة «إس – 300»، وقاعدة جوية تستخدم مطار إيريبوني وتضم مقاتلات «ميغ - 29) ومروحيات «مي - 24 ب» و«مي - 8 م ت»، هذا فضلا عن منظومة إسكندر التي تم نشرها مؤخرا.
في السياق ذاته تحتفظ روسيا حتى الآن بقواعد عسكرية جوية وبحرية على البحر الأسود في جمهورية أبخازيا التي انفصلت عن جورجيا. وكانت تلك القوات وقوامها 4 آلاف فرد تقوم بقرار من رابطة الدول المستقلة بمهام حفظ السلام في منطقة النزاع بين جورجيا وأبخازيا مطلع التسعينيات. وبعد إعلان أبخازيا انفصالها عن جورجيا قررت روسيا بالاتفاق مع القيادة الأبخازية نشر قوة عسكرية روسية بصورة دائمة هناك تشمل قوات جوية وبحرية وقوات دفاع جوي مزودة هي الأخرى بمختلف أنواع الدفاعات الجوية، بما في ذلك منظومة «إس – 300» الشهيرة.
وجاء نشر روسيا قوات جوية وبحرية ومنظومات دفاع جوية صاروخية حديثة في سوريا ليشكل نقلة نوعية في إطار تعزيز موسكو لنفوذها جنوبا، حيث نقلت ما يمثل بالنسبة لها «الجبهة الجنوبية» بعيدا عن الحدود الروسية، دون أن يكون عمل المنظومات القتالية المختلفة التي تم نشرها في سوريا منفصل عن عمل متكامل لمجموعات القوات في مناطق ما وراء القوقاز. فعلى الأراضي السورية توجد اليوم منظومات «اسكندر - إم» و«إس - 400» و«إس - 300» الصاروخية للدفاع الجوي، فضلا عن منظومة صواريخ «باستيون» الساحلية القادرة على ضرب أهداف بحرية عائمة وأهداف برية. وحسب تقديرات خبراء عسكريين غربيين فإن وجود هذه المنظومات الصاروخية معا في منطقة واحدة يجعل منها قوة قادرة على تحقيق العقيدة العسكرية الروسية المعروفة باسم «منطقة حظر الدخول».
وبعد نشر «إسكندر» في أرمينيا إلى جانب «إس - 300»، تكون روسيا قد أقامت منطقة «حظر» أخرى، بوسع منظومات الدفاع الجوي والمنظومات الصاروخية الأخرى العاملة فيها التصدي لأي ضربات جوية أو صاروخية، واستهداف مواقع الدفاع الجوي والمطارات والمنشآت الحربية للخصم على بعد 500 كلم. ومن غير الواضح ما إذا كانت روسيا قد نشرت «اسكندر» في أبخازيا كذلك لكن أغلب الظن أنها قد نشرت هناك منظومة «باستيون»، وبهذا تكون لديها ثلاث مناطق «حظر» على امتداد أكثر من 1500 كلم على حدودها الجنوبية، هذا دون الأخذ بالحسبان المساحات الإضافية التي يمكن للأسلحة المحمولة على مجموعات السفن الروسية في البحرين الأسود والمتوسط تغطيتها.
ويشكل الدور الروسي في النزاعات في المناطق المذكورة أرضية استفادت منها موسكو في نشر قواتها. ففي الحالة السورية تم التوقيع على اتفاقية غير محدودة الأجل تسمح لموسكو بالاحتفاظ بقاعدتها الجوية في مطار حميميم والبحرية في ميناء طرطوس مقابل الدعم الروسي لنظام الأسد، وفي أرمينيا تم توقيع اتفاقية تسمح للقوات الروسية بالبقاء هناك حتى عام 2044، حيث ترى القيادة الأرمينية أن وجود تلك القوات هناك يشكل عامل ردع وتوازن في المواجهة مع أذربيجان، رغم أن روسيا تؤكد في الحالة الأرمينية عدم دعمها أي من طرفي النزاع حول قره باخ. وفي أبخازيا فإن روسيا كانت دوما تقدم الدعم في المواجهة مع جورجيا، وقامت عام 2008 بالتصدي للقوات الجورجية حين شنت هجوما عسكريا واسعا على أبخازيا لاستعادة السيطرة عليها، ويحمل انتشار قواتها هناك حاليا طابع «انتشار بصورة دائمة».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.