لبنان: بروز تكتلات سياسية جديدة يؤخر تشكيل الحكومة

إشكال داخل الصف المسيحي حول توزيع الحقائب بين «المردة» و«القوات»

لبنان: بروز تكتلات سياسية جديدة يؤخر تشكيل الحكومة
TT

لبنان: بروز تكتلات سياسية جديدة يؤخر تشكيل الحكومة

لبنان: بروز تكتلات سياسية جديدة يؤخر تشكيل الحكومة

لا يقتصر المخاض الذي تعيشه الساحة اللبنانية على ملف الحكومة التي كان من المفترض أن ترى النور في الساعات القليلة الماضية، لولا بروز عقد جديدة داخل الصف المسيحي أخرت إعلان الولادة، بل يتعداه ليشمل الاصطفافات السياسية الحديثة التي بدأت تتبلور معالمها خلال النقاشات والمفاوضات المستمرة للتوصل لتفاهم وطني شامل على التشكيلة الحكومية المنتظرة.
وإذا كان فريقا 8 و14 آذار قد أصبحا جزءًا من مرحلة ما قبل انتخاب العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية، فالمؤكد أن تكتلات سياسية جديدة أصبحت فعليًا موجودة، وهي وبشكل أساسي نتجت عن الاصطفاف الذي حصل عشية وخلال جلسة انتخاب الرئيس، ففرزت النواب والقوى السياسية ما بين معارضة لعون ومؤيدة له. وتتشكل المعارضة وبشكل رئيسي من فريق رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، وحزب «الكتائب اللبنانية» الذي يرأسه النائب سامي الجميل، إضافة إلى عدد من النواب المستقلين. وإذا ما فصلنا «الكتائب» الذي يبدو أنّه يفاوض عن نفسه في المشاورات الحكومية، يتولى الرئيس بري عملية التفاوض عن باقي الأفرقاء، إضافة إلى حزب الله.
وفي هذا السياق، تقول مصادر مطلعة على المفاوضات الحاصلة لتشكيل الحكومة إن هناك تكتلاً كبيرًا من 44 نائبًا تبلور خلال جلسة انتخاب الرئيس، وهو تكتل «الأوراق البيضاء والأوراق المعترضة»، يتوجب أن تكون له كلمة وازنة في المشاورات، والأخذ برأيه وإعطائه حقائب وازنة. وتشير المصادر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن ما يؤخر إعلان ولادة الحكومة «عقد قد تكون صغيرة، لكن حلها يبقى أساسيا لتعبيد الطريق أمام التشكيلة الجديدة»، مرجحة أن تأخذ الأمور «مزيدًا من الوقت، ليتحول إعلان هذه التشكيلة قبل عيد الاستقلال المصادف يوم الثلاثاء المقبل، إلى تحدٍ حقيقي».
واعتبرت المصادر أن «اعتماد تشكيلة حكومة الرئيس تمام سلام كأساس للتشكيلة الجديدة قد يُساعد كثيرًا في تسريع عملية التشكيل المستمرة، فيتم استبدال الرئيس سلام بالرئيس المكلف سعد الحريري، ويسمي الرئيس عون 3 وزراء كانوا من حصة الرئيس السابق ميشال سليمان، ويُعطى حزب «القوات» الحقائب التي كانت مع الوزراء المسيحيين المستقلين، ويستبدل الوزير أشرف ريفي بعد خلافه مع الحريري».
بالمقابل، يؤكد قيادي في «التيار الوطني الحر» (التيار العوني)، فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن كل الجهود تُبذل لإعلان ولادة الحكومة قبل عيد الاستقلال، لافتا إلى أن العقدة الأساسية هي «محاولة إعطاء تيار (المردة) حقيبة وازنة، للضغط على الحصة التي يجب أن يحصل عليها حزب (القوات)»، لافتًا إلى أن «هناك من يسعى وبكل ما أوتي من قوة لتحجيم حصة القوات». ويضيف القيادي العوني لـ«الشرق الأوسط» أن «النائب سليمان فرنجية يصر على الحصول على حقيبة من 3 وزارات، هي إما الأشغال العامة أو الطاقة أو الاتصالات، وكلها وزارات وازنة، مما يصعّب عملية توزيع الحقائب».
وبالتزامن مع استمرار مشاورات التشكيل، أمكن استيعاب السجال الذي اندلع، يوم الخميس، بين رئيس الجمهورية والبطريرك الماروني بشارة الراعي من جهة، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ونائب رئيس «المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى» الشيخ عبد الأمير قبلان من جهة أخرى، على خلفية تصريحات سبق الإدلاء بها من بكركي (مقر البطريركية المارونية)، وفسرت كرسائل مباشرة إلى عين التينة (مقر إقامة بري). وقال البطريرك الراعي، من مطار رفيق الحريري الدولي، قبل مغادرته إلى الفاتيكان، إن الأجواء والعلاقة «ممتازة جدًا» مع الرئيس بري، وهي «أحسن وأحسن» مع الشيخ قبلان، مؤكدًا على وجود «اتصال دائم بيننا وبين رئيس المجلس عبر وسيط، وإذا كان من الضروري أن نتصل بدولته، فنحن على استعداد».
وفي محاولة لوضع حد للفتور الذي أصاب علاقة «التيار الوطني الحر» وحزب «الكتائب»، على خلفية قرار الأخير عدم التصويت لعون لرئاسة البلاد، زار يوم أمس رئيس الحزب، سامي الجميل، رئيس «التيار» ووزير الخارجية جبران باسيل، وأكد الجميل على أمله في العهد والرئيس الجديد، وثقته بقدرته على «إنجاز كثير من الأمور في هذه المرحلة، وإحداث فرق في معالجة كثير من الملفات، إذا كان الجميع موحدين حوله»، لافتا إلى أن «الكتائب ستكون إلى جانب رئيس الجمهورية».
وأشار الجميل، بعد اللقاء، إلى انّه تم الاتفاق على العمل الموحد بين التيار والكتائب من أجل وضع تصور مشترك لقانون الانتخابات، ومشروع اللامركزية الإدارية، ومكافحة الفساد، وسواها من الملفات.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.