استأنفت قوات النظام السوري غاراتها على الأحياء المحاصرة في مدينة حلب السورية، بموازاة تنشيط روسيا لحملتها العسكرية التي تستهدف ريفي حمص وإدلب، ما يظهر تقسيمًا للأدوار بين الحليفين في أعنف حملة قصف جوي وصاروخي تقودها موسكو والنظام في الشمال، منذ أكثر من شهرين.
ونفت روسيا توسيع نطاق الضربات إلى مدينة حلب، بحسب ما قال الكرملين، أمس، مؤكدا أن وقف الضربات الجوية الروسية لأهداف في مدينة حلب لا يزال ساريا في الوقت الراهن وذلك بعد يوم من قول الجيش الروسي إنه لم يقصف المدينة السورية منذ 28 يوما. لكن مصادر المعارضة، أكدت أن ضربات روسية استهدفت الريف الغربي لمدينة حلب من غير أن تعلن عن ذلك، بحسب ما قال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، مشيرًا إلى أن طائرات النظام السوري «قصفت الأحياء الشرقية لمدينة حلب، كما بعض مناطق الريف الغربي، في حين قصفت طائرات روسية مناطق في الريف الغربي»، الذي يعد طريق إمداد ونقطة تجمع لقوات المعارضة بريف حلب.
وتحدث ناشطون في الأحياء الشرقية عن قصف جوي استهدف المنطقة طوال الليل واشتد صباح أمس. وقال مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية» في المدينة، إن الطائرات الحربية لم تنفك عن التحليق في الأجواء، مع قصف جوي ومدفعي مستمرين. وارتفعت حصيلة قتلى القصف على الأحياء الشرقية الأربعاء إلى «19 مدنيا بينهم خمسة أطفال»، بحسب المرصد السوري.
وفيما لم يجزم ناشطون بأن قصفًا روسيًا استهدف أحياء حلب الشرقية، أظهر سياق القصف أن هناك تقسيمًا للأدوار بين الطرفين، بحسب ما قال رامي عبد الرحمن، بحيث «يتولى النظام قصف مدينة حلب، بينما تتولى روسيا قصف محافظة إدلب» التي تشكل عمقًا استراتيجيًا لمناطق انتشار القوات الروسية على الساحل السوري، وبدأت روسيا منذ تدخلها العسكري المباشر في سوريا، بتركيز عملياتها في ريف اللاذقية المشرف على مدينة إدلب.
لكن خبراء روس، ينفون فرضية «توزيع الأدوار»، ويصرون على أنه «تنسيق» مع النظام السوري. وقال فيتشسلاف ماتوزوف، الخبير السياسي الروسي، إن ما يجري «ليس توزيع أدوار، بل تطبيقًا للأهداف وتنسيقًا بين الطرفين»، مشددًا على أن «سلاح الجوي الروسي لا يمكن أن يضرب أي مكان من دون تنسيق». وقال ماتوزوف لـ«الشرق الأوسط» إنه «في هذه الظروف لا مخرج للنظام إلا متابعة الضربات لتدمير العناصر الإرهابية»، بحسب وصفه، مشيرًا إلى أن «الضربات الجوية» بين روسيا والنظام، «متفق عليها، ولا شك أن روسيا تأخذ الموافقة والمشاركة مع القيادة العسكرية السورية».
ولم يتوقف ماتوزوف، وهو دبلوماسي روسي سابق، عند قضية العمق الاستراتيجي لمواقع انتشار روسيا على الساحل الروسي، قائلاً: «هذه العمليات الحربية تقرر في أركان الحرب الروسي انطلاقا من الأهداف التكتيكية لمحاربة الإرهاب، والمراكز في إدلب وحمص، تتعرض لضرب مدروس، وتستهدف مواقع القوة القيادية لتنظيمي النصرة وداعش ويدمرون المستودعات والذخائر» رغم أن نفوذ «داعش» موجود في ريف حمص الشرقي وليس في إدلب. وأضاف: «ضرب التنظيمات في هذه المناطق سيعزز حماية القوات السورية (النظامية) في حلب»، نافيًا في الوقت نفسه «استهداف طرق الإمداد بريف حلب الغربي»، لكنه أعرب عن توقعاته أن روسيا ستقصفها «إذا وجدت ضرورة لذلك بوصفها امتدادا لمناطق إدلب».
ومنذ استئناف الطائرات الروسية غاراتها على سوريا، وثق المرصد السوري مقتل 32 شخصًا على الأقل بينهم 6 أطفال ومواطنة في حلب وريفها. وفي الريف الغرب لحلب، قتل أصيب أكثر من 40 شخصًا جراء ضربات جوية نفذتها الطائرات الحربية مستهدفة مناطق في بلدة باتبو الواقعة بريف حلب الغربي، حيث أسفر القصف عن دمار كبير في مبنى بالبلدة.
في محافظة إدلب، أفاد المرصد السوري بأن القصف الجوي طال مناطق عدة بينها مدينتا جسر الشغور وخان شيخون. كما أسفر القصف مساء الثلاثاء عن مقتل «ستة أشخاص على الأقل، بينهم طفلة» في قرية كفرجالس في ريف إدلب الشمالي، بحسب ما قال مدير مركز الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) في محافظة إدلب يحيى عرجة، مضيفًا: «تم العمل على رفع الأنقاض وإخراج الشهداء والمدنيين في منتصف الليل، وحاليا نعمل على رفع الركام الذي قطع الطرق».
ويسيطر جيش الفتح، وهو عبارة عن تحالف فصائل إسلامية على رأسها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) على كامل محافظة إدلب منذ صيف عام 2015.
كذلك استهدفت الغارات الجوية الروسية مناطق وجود تنظيم داعش في ريف حمص الشرقي.
روسيا والنظام يتقاسمان قصف الشمال.. وعشرات القتلى في غارات على حلب وريفها
إدلب عمق استراتيجي للقواعد الروسية في الساحل.. ونقطة الإمداد لحلب وحماه
روسيا والنظام يتقاسمان قصف الشمال.. وعشرات القتلى في غارات على حلب وريفها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة