لليوم الثاني على التوالي يتعرّض «حي الوعر» المحاصر في حمص لحملة عسكرية مكثفة أدّت إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى، في تصعيد وضعته المعارضة في إطار الضغط على المدنيين والفصائل للتراجع عن المطالبة بتنفيذ بند الإفراج عن المعتقلين الذي نص عليه الاتفاق بين ممثلين من النظام والمعارضة، وبالتالي الخروج من الحي ضمن خطة التهجير القسري التي يعتمدها في ريف دمشق وللسيطرة على آخر معقل للمعارضة في حمص.
وطالب «مجلس محافظة حمص» مؤسسات الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها من المؤسسات الدولية والمحلية المهتمة بالشأن المدني أن تضع آلية عاجلة وفورية لحماية المدنيين، مبديا استعداده لتقديم كافة التسهيلات والوسائل المساعدة واللازمة لعمل هذه المؤسسات في سبيل تحقيق هذه الغاية.
وأفاد في بيان له «عن تعرض حي الوعر ومناطق ريف حمص الشمالي خلال اليومين الماضيين لحملة قصف عشوائي طالت مدارس ومراكز طبية وبيوت سكنية ودور عبادة مما أسفر عن مقتل أكثر من عشرين شخصا بينهم ثلاثة أطفال». من جهته، قال مركز حمص الإعلامي: «تستمر قوات الأسد بالتصعيد العسكري على حي الوعر المحاصر لليوم الثاني على التوالي، والقصف مستمر على المنازل السكنية بالصواريخ وقذائف الهاون، تزامنًا مع استهدافها بالرشاشات الثقيلة وعربات الشيلكا».
وقال المتحدث باسم مركز حمص الإعلامي، محمد السباعي، لـ«الشرق الأوسط» إن «القصف الصاروخي والمدفعي لم يتوقف خلال هذين اليومين، بمعدّل قذيفة كل ثلاث دقائق، ومنها تلك التي تعرف بـ(الأسطوانات المتفجرة) التي تحتوي على مادة الـ(تي إن تي)، وكانت قد استهدفت يوم أول من أمس مركز العيادات الطبية الوحيد في الحي، بحيث أصبح خارج الخدمة ومبنى كامل من أربعة طوابق بات قاطنوه تحت الأنقاض لم نتمكن لغاية الآن من انتشال إلا ثلاثة أشخاص فيما نعجز عن إخراج الآخرين الذين لا نعرف عددهم بالتحديد». ولفت السباعي إلى أن هناك نقطتين طبيتين فقط في الحي ينقل إليهما الجرحى عاجزتان عن معالجة الجرحى لعدم توفّر المواد الطبية والجراحية فيهما، وبات بتر الأطراف هو الحل الوحيد الذي يجده الأطباء أمامهم في ظل استحالة العلاج، وهو ما حصل، يوم أمس، مع ثلاثة أطفال بعدما رفضت قوات النظام إخراجهم إلى مناطق سيطرتها كما جرت العادة، وهو ما يبدو أنها خطوة تصعيدية أيضا ضمن خطة التصعيد العسكري على الحي.
وكان النظام كان قد أطبق الحصار على الحي الذي يسكن فيه نحو مائة ألف شخص، قبل نحو شهر عبر إغلاقه المعبرين الأساسيين، وهما، «دوار المهندسين» الذين كان يعتمده الأهالي للخروج إلى المناطق المحرّرة في حمص، وما يعرف بـ«معبر حاجز الفرن الآلي» عن طريق الكلية الحربية والذي كان يتم عبره إدخال المواد الغذائية، قائلا: «بعد إغلاق هذين المعبرين بات الحي يعيش حصارا كبيرا ويفتقد أهله للمواد الغذائية والخبز في ظل غياب أيضا، المواد الطبية والمحروقات».
وكان اتفاق إعادة العمل بالهدنة بين النظام والمعارضة الذي توصل إليه ممثلو الطرفين الأسبوع الماضي لجهة وقف العمليات العسكرية من الطرفين على أن يتم في وقت لاحق تنفيذ المراحل العالقة من الاتفاق والمتعلقة بشكل خاص بأن يطلق النظام سراح المعتقلين مقابل خروج المقاتلين المعارضين من الحي، انهار بعد يومين من دون سابق إنذار، بحسب ما يقول السباعي. ويضيف: «هدف هذه الحملة هو خضوع الأهالي والفصائل للخروج من الحي ضمن خطة التهجير القسري، بعدما كان قد وصل الاتفاق بين الطرفين إلى مرحلة تطبيق بند الإفراج عن المعتقلين في سجون النظام ليتم بعدها إخراج المقاتلين من الحي، وهو ما لا يريد تطبيقه النظام ويعمد في كل مرة إلى التصعيد»، وهو ما أشار إليه «مكتب أخبار سوريا»، لافتا إلى أن التصعيد يأتي كنوع من الضغط على أهالي الحي للتنازل عن بند الإفراج عن المعتقلين وإخراج دفعة من مسلحي الحي، الأمر الذي ترفضه لجنة الحي المفاوضة والأهالي، إذ اشترطوا خروج المعتقلين قبل خروج دفعة من المقاتلين. وكان النظام قد كشف، ضمن الاتفاق معه، عن مصير 1850 معتقلا، بينهم 200 أكد أنهم فارقوا الحياة، فيما لم يطلق سراح إلا نحو 200 آخرين.
النظام يجدّد حملته العسكرية على «الوعر» استكمالاً لخطة تهجير المدنيين
خروج المركز الطبي الأساسي عن العمل.. و«بتر الأطراف» الحل الوحيد
النظام يجدّد حملته العسكرية على «الوعر» استكمالاً لخطة تهجير المدنيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة