أنقرة تحذر المقاتلين الأكراد من الاقتراب من «الباب»

اعتبرت تهديداتهم بدخول المدينة غير جدية وأكدت مضي «درع الفرات» في مساره

أنقرة تحذر المقاتلين الأكراد من الاقتراب من «الباب»
TT

أنقرة تحذر المقاتلين الأكراد من الاقتراب من «الباب»

أنقرة تحذر المقاتلين الأكراد من الاقتراب من «الباب»

وجهت أنقرة تحذيرا لوحدات حماية الشعب الكردية من الاقتراب من مدينة «الباب» معقل «داعش» في شمال شرقي حلب، التي أوشكت قوات الجيش السوري الحر المدعومة من تركيا على دخولها.
وحذر وزير الدفاع التركي، فكري إيشيك، حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا (المظلة الحزبية للوحدات)، وقال في تصريحات في أنقرة أمس: «لا نريد إطلاقًا أن يقترب تنظيم الاتحاد الديمقراطي من مدينة الباب، وفي حال لم يتخلوا عن حلمهم بخصوص ربط الكانتونات الكردية (الحسكة وعين العرب وعفرين) سيدفعون الثمن غاليًا».
وعن التهديدات التي أطلقها الاتحاد الديمقراطي، الذي تصنفه أنقرة تنظيما إرهابيا، بمهاجمة الباب في حال سيطر الجيش السوري الحر عليها ضمن عملية درع الفرات المدعومة من تركيا، قال إيشيك: «لا يمكننا أخذ هذه التهديدات على محمل الجد».
وأشار إلى أن عملية درع الفرات تسير بنجاح كبير، حيث تدعم القوات الخاصة التركية العملية التي تجري بقيادة الجيش السوري الحر، مؤكدًا أنها تسير وفقًا للخطة المرسومة.
وكان خروج الوحدات التي استبقت مائتي عنصر في منبج، مطلبا ملحا لتركيا التي تحصلت على وعد من واشنطن بإخراج هذه العناصر إلى شرق الفرات لقطع الصلة بين المناطق الكردية في شمال سوريا، وإنهاء أي احتمال لنشوء كيان كردي على حدودها يغري الأكراد لديها بتصعيد مطالبهم بالحكم الذاتي والانفصال بجنوب شرقي تركيا.
وبجانب تحذير أنقرة للوحدات الكردية بعدم الاقتراب من «الباب» لا تريد أيضا أن يكون لهم دور في عملية تحرير الرقة معقل «داعش» الرئيسي، التي يجري حصارها الآن بواسطة قوات سوريا الديمقراطية التي تشكل الوحدات الكردية الجانب الأكبر من قوامها.
وقال الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، في تصريحات للصحافيين، أمس، إن مقاتلي المعارضة المدعومين من أنقرة يقفون على مسافة كيلومترين فقط من مدينة الباب في شمال سوريا، وإن من المتوقع أن ينتزعوا السيطرة عليها من تنظيم داعش، سريعا، على الرغم من المقاومة التي يبديها «داعش». وشدد إردوغان على أن عملية درع الفرات ستتواصل حتى استكمال جميع أهدافها، مطالبا واشنطن بالالتزام بتعهداتها بإبعاد المقاتلين الأكراد عن العمليات الجارية في شمال سوريا.
وتحدثت مصادر في أنقرة لـ«الشرق الأوسط» عن دلائل على تنسيق بين «داعش» والمقاتلين الأكراد لعرقلة عناصر الجيش الحر عن دخول الباب.
وتعد السيطرة على الباب انتصارا كبيرا لتركيا التي بدأت عملية درع الفرات في 24 أغسطس (آب) الماضي لتأمين منطقتها الحدودية من تقدم كل من «داعش» والقوات الكردية.
وتقع الباب على بعد 30 كيلومترا إلى الجنوب من حدود سوريا مع تركيا وعلى المسافة نفسها من حلب، وهو ما يعني أن الاستيلاء عليها قد يساعد مقاتلي المعارضة أيضا في التقدم ضد القوات الموالية للحكومة التي تحاصر رفاقهم داخل المدينة.
كما أن مدينة الباب مركز اقتصادي مهم لـ«داعش» وتقع على تقاطع طرق رئيسي للمنطقة الواقعة إلى الشمال من حلب. وقد فر غالبية سكانها ولم يتبق سوى بضع عشرات من المسلحين المتحصنين هناك.
وتسعى تركيا لاستكمال عملية درع الفرات حتى الوصول إلى عمق 45 كيلومترا في الأراضي السورية جنوب حدودها بعد أن أمنت المحور الطولي اللازم من جرابلس إلى أعزاز (98 كيلومترا تقريبا) حيث ستقام المنطقة الآمنة لاستيعاب اللاجئين السوريين على مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، تم حتى الآن تطهير نحو ألف و500 كيلومتر مربع منها، في حين باتت هذه المنطقة واقعا معترفا به ضمنيا من جانب القوى الدولية والأطراف المختلفة في سوريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.