ملف المعتقلين اللبنانيين في سجون الأسد في مهب الريح بعد وفاة غازي عاد

ناضل على كرسي متحرك 27 عامًا للإفراج عن 628 معتقلاً موثقًا لدى النظام السوري

ملف المعتقلين اللبنانيين في سجون الأسد في مهب الريح بعد وفاة غازي عاد
TT

ملف المعتقلين اللبنانيين في سجون الأسد في مهب الريح بعد وفاة غازي عاد

ملف المعتقلين اللبنانيين في سجون الأسد في مهب الريح بعد وفاة غازي عاد

أعادت وفاة رئيس «هيئة دعم أهالي المعتقلين في السجون السورية» (سوليد) غازي عاد، يوم أمس، نكء جراح مئات الأمهات اللبنانيات اللواتي كن يعولن على نضاله المستمر منذ نحو 27 عاما لمعرفة مصير أبنائهن المعتقلين منذ الحرب الأهلية في السجون السورية، في ظل إصرار النظام هناك على نفي وجود أي منهم داخل معتقلاته.
ورحل عاد عن عمر ناهز التسعة وخمسين عامًا، بعد غيبوبة دامت أيامًا، علما بأنه كان قد أصيب في عام 1983 بشلل رباعي أقعده على كرسي نقال طوال 33 عاما. إلا أن إعاقته لم تمنعه من حمل لواء «المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية» إلى المحافل الدولية. ففي عام 1989 أطلق عاد حملة عبر وسائل الإعلام بناء على تقرير خاص أصدرته منظمة «العفو الدولية» عن التعذيب في السجون السورية ذكرت فيه اعتقال لبنانيين ونقلهم إلى السجون السورية، وطلب إلى من لهم معتقلين في سوريا، أن يبعثوا برسائل تتضمّن المعلومات اللازمة. ووقفت إلى جانب غازي «لجنة أهالي المعتقلين» التي تشكلت في 9 أكتوبر (تشرين الأول) 1997.
وفي 11 أبريل (نيسان) 2005 نصب عاد خيمة اعتصام أمام مقر «ألاسكوا» أملاً في لفت أنظار المجتمع الدولي إلى قضية المعتقلين. وتشير منظمات حقوقية إلى أن الآلاف من الرجال والنساء والأطفال خطفوا على حواجز للجيش السوري أو لميليشيات لبنانية موالية لدمشق إبان الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان بين عامي 1975 و1990، وانسحبت القوات السورية من لبنان عام 2005 تحت الضغوط الدولية والشعبية عقب اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.
وفي مايو (أيار) 2015 وبعد سقوط مدينة تدمر السورية بيد «داعش» وانسحاب قوات النظام منها، ترددت معلومات عن إمكان أن يكون التنظيم أطلق المعتقلين الموجودين في سجن المدينة، ومنهم عدد كبير من اللبنانيين، إلا أنه ومع مرور الأيام تبين أن أحدا منهم لم يتم تحريره. وقال المعتقل السابق في سجن تدمر علي أبو دهن في حينها، إن «السجن يضم فعلا أعدادًا من المعتقلين اللبنانيين وذلك موثق لدى السلطات اللبنانية والسورية، لكن لا يمكن التأكد من صحة خبر إطلاقهم». وأضاف أن «المعتقلين اللبنانيين الموثقين في سوريا هم 625، يتوزعون على السجون السورية، وتحديدا سجن تدمر الذي يعتبر من أفخم السجون تعذيبا في العالم».
ونعى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم أمس غازي عاد قائلا: «يغيب اليوم غازي عاد بالجسد، لكنه يبقى حاضرا بدفاعه عن حقوق كل إنسان، ونضاله لأجل كل مفقود ومغيّب». وأضاف: «سيظل غازي نموذجًا وقدوة وحافزًا لاستمرار الرسالة».
أما رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع فكتب: «استرح يا غازي في خلود الرب، أما نحن فما دمنا أحياء لن نستكين في متابعة ملف المعتقلين في السجون السورية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».