أعادت وفاة رئيس «هيئة دعم أهالي المعتقلين في السجون السورية» (سوليد) غازي عاد، يوم أمس، نكء جراح مئات الأمهات اللبنانيات اللواتي كن يعولن على نضاله المستمر منذ نحو 27 عاما لمعرفة مصير أبنائهن المعتقلين منذ الحرب الأهلية في السجون السورية، في ظل إصرار النظام هناك على نفي وجود أي منهم داخل معتقلاته.
ورحل عاد عن عمر ناهز التسعة وخمسين عامًا، بعد غيبوبة دامت أيامًا، علما بأنه كان قد أصيب في عام 1983 بشلل رباعي أقعده على كرسي نقال طوال 33 عاما. إلا أن إعاقته لم تمنعه من حمل لواء «المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية» إلى المحافل الدولية. ففي عام 1989 أطلق عاد حملة عبر وسائل الإعلام بناء على تقرير خاص أصدرته منظمة «العفو الدولية» عن التعذيب في السجون السورية ذكرت فيه اعتقال لبنانيين ونقلهم إلى السجون السورية، وطلب إلى من لهم معتقلين في سوريا، أن يبعثوا برسائل تتضمّن المعلومات اللازمة. ووقفت إلى جانب غازي «لجنة أهالي المعتقلين» التي تشكلت في 9 أكتوبر (تشرين الأول) 1997.
وفي 11 أبريل (نيسان) 2005 نصب عاد خيمة اعتصام أمام مقر «ألاسكوا» أملاً في لفت أنظار المجتمع الدولي إلى قضية المعتقلين. وتشير منظمات حقوقية إلى أن الآلاف من الرجال والنساء والأطفال خطفوا على حواجز للجيش السوري أو لميليشيات لبنانية موالية لدمشق إبان الحرب الأهلية التي عصفت بلبنان بين عامي 1975 و1990، وانسحبت القوات السورية من لبنان عام 2005 تحت الضغوط الدولية والشعبية عقب اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.
وفي مايو (أيار) 2015 وبعد سقوط مدينة تدمر السورية بيد «داعش» وانسحاب قوات النظام منها، ترددت معلومات عن إمكان أن يكون التنظيم أطلق المعتقلين الموجودين في سجن المدينة، ومنهم عدد كبير من اللبنانيين، إلا أنه ومع مرور الأيام تبين أن أحدا منهم لم يتم تحريره. وقال المعتقل السابق في سجن تدمر علي أبو دهن في حينها، إن «السجن يضم فعلا أعدادًا من المعتقلين اللبنانيين وذلك موثق لدى السلطات اللبنانية والسورية، لكن لا يمكن التأكد من صحة خبر إطلاقهم». وأضاف أن «المعتقلين اللبنانيين الموثقين في سوريا هم 625، يتوزعون على السجون السورية، وتحديدا سجن تدمر الذي يعتبر من أفخم السجون تعذيبا في العالم».
ونعى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يوم أمس غازي عاد قائلا: «يغيب اليوم غازي عاد بالجسد، لكنه يبقى حاضرا بدفاعه عن حقوق كل إنسان، ونضاله لأجل كل مفقود ومغيّب». وأضاف: «سيظل غازي نموذجًا وقدوة وحافزًا لاستمرار الرسالة».
أما رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع فكتب: «استرح يا غازي في خلود الرب، أما نحن فما دمنا أحياء لن نستكين في متابعة ملف المعتقلين في السجون السورية».
ملف المعتقلين اللبنانيين في سجون الأسد في مهب الريح بعد وفاة غازي عاد
ناضل على كرسي متحرك 27 عامًا للإفراج عن 628 معتقلاً موثقًا لدى النظام السوري
ملف المعتقلين اللبنانيين في سجون الأسد في مهب الريح بعد وفاة غازي عاد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة