الغارات الروسية تستهدف مناطق عدة في محافظة إدلب السورية

إردوغان: مقاتلو المعارضة الذين ندعمهم يقتربون من السيطرة على مدينة الباب

الغارات الروسية تستهدف مناطق عدة في محافظة إدلب السورية
TT

الغارات الروسية تستهدف مناطق عدة في محافظة إدلب السورية

الغارات الروسية تستهدف مناطق عدة في محافظة إدلب السورية

استهدفت غارات روسية وسورية كثيفة طوال ليل يوم أمس (الثلاثاء) وحتى صباح اليوم (الاربعاء)، محافظة ادلب والاحياء الشرقية المحاصرة في مدينة حلب غداة إعلان روسيا عن حملة عسكرية جديدة في البلاد، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية "استهدفت الطائرات الحربية الروسية طوال الليل وحتى الصباح مناطق عدة في محافظة ادلب (شمال غرب)، وقصف الطيران الحربي السوري في الوقت ذاته الاحياء الشرقية في مدينة حلب (شمال)".
واستأنفت قوات النظام السوري أمس، بعد توقف لنحو شهر، قصفها الجوي للاحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب، في حين أعلنت روسيا عن حملة واسعة النطاق في محافظتي ادلب وحمص (وسط)، تزامنًا مع تنفيذ أولى الغارات من حاملة الطائرات "ادميرال كوزنتسوف".
ووصلت حاملة الطائرات الاسبوع الماضي إلى قبالة السواحل السورية تعزيزًا للانتشار العسكري الروسي في سوريا.
وافاد المرصد السوري بأنّ القصف الجوي على محافظة ادلب طال مناطق عدة بينها مدينتا جسر الشغور وخان شيخون، كما اسفر مساء أمس، عن مقتل "ستة اشخاص على الاقل، بينهم طفلة" في قرية كفرجالس في ريف ادلب الشمالي.
ويسيطر جيش الفتح، وهو عبارة عن تحالف فصائل اسلامية على رأسها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) على كامل محافظة ادلب منذ صيف العام 2015.
وفي مدينة حلب، استهدفت قوات النظام السوري صباح اليوم، حي الشعار بالبراميل المتفجرة والقصف المدفعي، وفق المرصد الذي أفاد أيضًا عن "قصف جوي طال بعد منتصف ليل الثلاثاء - الأربعاء أحياء المشهد والزبدية وسيف الدولة والراشدين".
واسفر استئناف القصف الجوي على الأحياء الشرقية أمس، عن مقتل "ثمانية اشخاص بينهم طفل وإصابة العشرات بجروح"، حسب المرصد.
ويأتي تجدد القصف الجوي على حلب بعد أيام عدة على استعادة قوات النظام كافة المناطق التي خسرتها عند اطراف حلب الغربية، بعد أسبوعين على هجوم شنته الفصائل المعارضة والمسلحة بهدف فك حصار مستمر منذ أربعة اشهر على الاحياء الشرقية، حيث يعيش أكثر من 250 الف شخص في ظروف مأساوية.
وتنذر هذه الغارات بجولة جديدة من التصعيد العسكري في حلب التي تشكل جبهة النزاع الابرز في سوريا، وذلك بعد فشل محاولات عدة لارساء هدنة بين طرفي النزاع.
في السياق، قال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان اليوم، إنّ مقاتلي المعارضة المدعومين من أنقرة على مسافة كيلومترين فقط من مدينة الباب في شمال سوريا، وإنّ من المتوقع أن ينتزعوا السيطرة عليها من تنظيم "داعش" سريعًا على الرغم من المقاومة. فيما أفاد مقاتلو المعارضة أمس، بأنّهم سيطروا على قباسين التي تقع على بعد عدة كيلومترات شمال شرقي الباب تمهيدًا لحملة على آخر معقل حضري للتنظيم المتطرف في ريف حلب الشمالي.
وتمثل مدينة الباب أهمية استراتيجية كبيرة لتركيا لأنّ الفصائل التي يهيمن عليها الاكراد تسعى كذلك للسيطرة عليها. وأنقرة عازمة على منع القوات الكردية من وصل قطع الاراضي التي تسيطر عليها على امتداد الحدود التركية خوفًا من أن يعزز ذلك الميول الانفصالية للاكراد في الداخل.
وأضاف اردوغان في مؤتمر صحافي في أنقرة قبل سفره في زيارة رسمية إلى باكستان "الجيش السوري الحر وصل بدعم من قواتنا الخاصة إلى مسافة كيلومترين والحصار مستمر كما هو مخطط له". وتابع "هناك مقاومة الآن؛ لكنّني لا اعتقد أنّها ستستمر لفترة أطول". واستطرد قائلًا، إنّه على ثقة من أنّ وحدات حماية الشعب الكردية ستنسحب إلى شرق نهر الفرات من مدينة منبج اليوم، أو يوم غد الخميس، تنفيذا لما تطالب به تركيا منذ فترة طويلة.
أمّا في الرّقة، فقد شدّد تنظيم "داعش" القيود على تنقلات سكان المدينة، ووضعهم "تحت الاقامة الجبرية"، وفرض تعتيمًا كاملًا على اخبار المعركة الجارية على بعد كيلومترات عنهم لعزلهم تمامًا، وذلك منذ بدء قوات سوريا الديمقراطية هجومًا باتجاه أبرز معاقله في سوريا.
ومنذ سيطرة التنظيم المتطرف على الرقة في 2014، بات التواصل مع السكان مهمة صعبة في منطقة محظورة على الصحافيين. وتمكنت وكالة الصحافة الفرنسية من التواصل مع مواطنين فضلوا استخدام أسماء مستعارة عبر حملة "الرقة تُذبح بصمت" التي تنشط سرًا في المدينة منذ ابريل (نيسان) 2014، وتوثق انتهاكات وممارسات التنظيم.
ويقول موسى (31 سنة) "بحكم الرقابة الشديدة التي يفرضها تنظيم داعش على الانترنت فضلا عن منعه لأجهزة الاستقبال الفضائي، فانّ متابعة أخبار معركة الرقة" الجارية على بعد عشرات الكيلومترات "أمر صعب جدا". ويضيف "نعتمد على ما ينقله لنا اشخاص تمكنوا من مشاهدة الاخبار عبر الانترنت وإن بشكل صعب جدًا وخطر جدًا".
وتقتصر خدمة الانترنت في الرقة على مقاه معدودة بعدما قطع التنظيم خدمة الانترنت عن المنازل والمحال منذ فترة طويلة. كما ينفذ دوريا مداهمات على تلك المقاهي لبث الرعب بين السكان.
وعلى الرغم من أنّ التنظيم حصّن على مراحل، معقله بالانفاق وزنره بالالغام لاعاقة أي تقدم محتمل نحو المدينة، إلّا انّه وحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، استقدم أخيرًا مقاتلين جدد مكلفين زرع الغام اضافية حول المدينة.
وكانت الرقة أولى المدن الكبرى التي سيطر عليها "داعش" في سوريا، وتعدّ الوجهة الاساسية للمقاتلين الاجانب الذين ينضمون إلى صفوف التنظيم المتطرف.
ويعيش فيها حوالى 300 الف شخص، فيما ترجح تقديرات غربية وجود أكثر من 10 آلاف من المقاتلين المتطرفين الاجانب مع افراد عائلاتهم، في المدينة التي تشتبه أجهزة الاستخبارات الغربية بأنّها المكان الذي يخطط فيه التنظيم لتنفيذ هجمات خارجية.
ويغذي التنظيم المتطرف منذ سيطرته على الرقة الشعور بالرعب بين الناس من خلال الاعدامات الوحشية والعقوبات التي يطبقها على كل من يخالف احكامه او يعارضه.
وقتل في مدينة الرقة عشرات المدنيين جراء غارات التحالف الدولي منذ بدء عملياته ضد المتطرفين في سوريا في صيف العام 2014.
ويمنع التنظيم المدنيين من الخروج من الرقة من دون الحصول على اذن مسبق.
ويقول الناشط في حملة "الرقة تذبح بصمت" ابو محمد "منذ اشهر عدة، بات الحصول على إذن مستحيلا". وتحدث "عن كثيرين يحاولون الفرار؛ ولكن إذا كُشف أمرهم يُعتقلون وتصادر أموالهم. أمّا المهرب الذي يساعدهم فمصيره الاعدام".
ومنذ اطلاق قوات سوريا الديمقراطية معركة الرقة، "حاولت عائلتان من 14 فردًا، بينهم أطفال، الفرار من المدينة خوفًا من الغارات التي قد ترافق الحملة وتشدد داعش الامني"، وفق ابو محمد. الذي تابع، أنّ عناصر التنظيم "أمسكوا بهم"، بعدما كانوا وصلوا إلى قرية حزيمة (17 كيلومترا شمال المدينة).
وسجن المتطرفون الرجال، وأعادوا النساء والاطفال إلى منازلهم في الرقة بعدما صادروا أموال العائلتين ومستنداتهما الشخصية.
ويتوقع محللون أن تكون معركة الرقة طويلة وصعبة مع شراسة المتطرفين في الدفاع عن معقلهم.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.