الكوارث الطبيعية تدفع نحو 26 مليون شخص إلى الفقر كل عام

البنك الدولي ينشر تقريره ليتزامن مع المؤتمر... ويقول إنها تتسبب بخسائر تقارب 520 مليار دولار في السنة

محتجون في أوهايو يرفعون شعارات لحماية الحيوانات (أ.ف.ب)
محتجون في أوهايو يرفعون شعارات لحماية الحيوانات (أ.ف.ب)
TT

الكوارث الطبيعية تدفع نحو 26 مليون شخص إلى الفقر كل عام

محتجون في أوهايو يرفعون شعارات لحماية الحيوانات (أ.ف.ب)
محتجون في أوهايو يرفعون شعارات لحماية الحيوانات (أ.ف.ب)

قال البنك الدولي في تقرير نشره بمناسبة انعقاد مؤتمر الأطراف بشأن المناخ في مراكش إن الكوارث الطبيعية تدفع نحو 26 مليون شخص إلى الفقر كل عام، وتتسبب بخسائر تزيد على 500 مليار دولار.
وقال ستيفان هاليغات، كبير معدي التقرير، إن «خسارة دولار واحد ليست لها التأثير نفسه بالنسبة لشخص غني وآخر فقير».
وأضاف: «الخسارة نفسها تؤثر في الفقراء والمهمشين أكثر بكثير، لأن مصادر رزقهم تعتمد على أصول قليلة، كما أن استهلاكهم يكاد يصل إلى مستوى الكفاف».
وأضاف التقرير، أن هذه الأرقام سترتفع خلال العقود المقبلة؛ نظرًا لأن التغير المناخي سيضاعف القوة التدميرية للإعصارات والفيضانات وموجات الجفاف. وحتى الآن فإن الحسابات العالمية للأضرار التي تلحقها الطبيعة بالمجتمعات لم تأخذ في الحسبان تفاوت الثروة، بحسب التقرير المؤلف من 190 صفحة بعنوان «بناء صمود الفقراء في مواجهة الكوارث الطبيعية». والمنهجية الجديدة في الحساب لها تأثيرات كبيرة على الطريقة الأفضل لإنفاق المال، وكيفية إنفاقه لجعل المدن والمناطق الريفية أكثر صمودًا في مواجهة مثل هذه الصدمات.
وأضاف معد التقرير: «اليوم فإن قرار أية حكومة لإنشاء بنية تحتية لتجنب فيضان في مدينة ما سيفضل منطقيًا المنطقة الغنية التي تكبدت خسائر في الممتلكات تقدر بعشرين مليون دولار على المنطقة الفقيرة التي لم يتعد إجمالي الخسائر فيها 10 ملايين دولار». إلا أن الحسابات تتغير فور إدخال المعاناة الإنسانية الدائمة التي يتسبب بها فيضان اجتاح منطقة فقيرة في هذه الحسابات. وقال التقرير إن بناء السدود المانعة للفيضانات وأنظمة تصريف المياه في المناطق الأفقر «سيولد مكاسب أقل من حيث قيمة الأصول التي كان يمكن أن تفقد، ولكنه سيولد مكاسب أكثر في رفاه العيش»، بالنسبة لسكان هذه المناطق.
وخلص التقرير إلى أن تقديرات التكلفة الحقيقية للكوارث الطبيعية كانت أقل بكثير من الحقيقة. وقدرت دراسة أجرتها الأمم المتحدة مؤخرًا في 117 من الدول الغنية والنامية، إجمالي الخسائر العالمية من الأصول نتيجة الكوارث الطبيعية بنحو 327 مليار دولار (304 مليار يورو) في العام.
ولكن إذا تم احتساب الاستهلاك المفقود - عندما تصبح الأدوية والدراسة على سبيل المثال والتي كان يصعب الحصول عليها من قبل، ليست في متناول اليد ماليا - فإن إجمالي الخسائر السنوية يصل إلى نحو 520 مليارًا سنويا، بحسب التقرير.
واستنادا إلى دراسة عالمية أجريت على 1,2 مليون شخص في 89 بلدا، أظهر التقرير أن رواتب 26 مليون شخص هي تحت عتبة 1,9 دولار (1,75 يورو) يوميا، وهو مقياس معتمد لمستوى الفقر. وصرح هاليغات لوكالة الصحافة الفرنسية: «هذا الرقم هو الأقل تقديرًا بالتأكيد».
وطبقا للأمم المتحدة فإن إعصار نرجس الذي ضرب بورما في 2008 وأدى إلى مقتل نحو 140 ألف شخص، تسبب في خسائر وصلت إلى أربعة مليارات دولار.
كما أجبر نصف مزارعي البلاد الفقراء على بيع أراضيهم وما لهم من ممتلكات لتسديد الديون عقب الإعصار، ما أدخلهم في صعوبات ومعاناة لا حصر لها، وهو ما جعل تكلفة الإعصار أعلى بكثير.
ولم تكن الظروف الجوية المتطرفة هي السبب في الكوارث الأقوى والأشد منذ بداية القرن ومن بينها إعصار نرجس، وتسونامي المحيط الهندي في 2004، وزلزال في الصين وهايتي. إلا أنه ومع بدء التغيرات المناخية فإن القوة المدمرة للطبيعة ستزداد، بحسب ما يرى العلماء. وقال رئيس مجموعة البنك الدولي جيم يونغ كيم في بيان إن «الصدمات المناخية الشديدة تهدد بتدمير عقود من التقدم في مكافحة الفقر». وأضاف أن «بناء الصمود في مواجهة الكوارث له جدوى اقتصادية إضافة إلى أنه واجب أخلاقي».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.