مخاوف روسية من تأثير أوروبا على ترامب في الشأن السوري

وصفت ضغط بريطانيا على الرئيس المنتخب حول سوريا بـ«ذيل يحاول هز الكلب»

مخاوف روسية من تأثير أوروبا على ترامب في الشأن السوري
TT

مخاوف روسية من تأثير أوروبا على ترامب في الشأن السوري

مخاوف روسية من تأثير أوروبا على ترامب في الشأن السوري

أكدت موسكو أن محاولة الخارجية البريطانية التأثير على قرار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بخصوص التعاون مع روسيا في الشأن السوري، تبدو مثل «أعمى يحاول توجيه مبصر» أو «ذيل يفكر بهز الكلب».
وجاء استخدام مسؤولين روس لتلك العبارات تعليقًا على خبر نشرته صحيفة «ذي تيلغراف» تقول فيه إن الخارجية البريطانية ستحاول إقناع دونالد ترامب وفريقه بمواصلة نهج الإدارة الحالية في الشأن السوري، وبصورة خاصة فيما يتعلق بضرورة رحيل رأس النظام السوري بشار الأسد.
ورأى أليكسي بوشكوف، عضو المجلس الفيدرالي الروسي، فيما نشرته الصحيفة البريطانية مؤشرًا على أن «الضغط من جانب الأوروبيين على الرئيس المنتخب دونالد ترامب في الشأن الروسي، قد بدأ». وفي تغريدة على صفحته في «تويتر»، اعتبر بوشكوف أن «لندن تريد الضغط على ترامب لتقنعه بعدم التعاون مع بوتين»، واصفا هذا العمل بأنه مثل «عميان يحاولون التحكم بمبصرين». كما علق دميتري روغوزين، نائب رئيس الحكومة الروسية، على ما جاء في صحيفة «ذي تلغراف» في هذا الخصوص، ووصف نية وزارة الخارجية البريطانية التأثير على قرار ترامب بأنه محاولة «ذيل ليهز الكلب»، وكتب في صفحته على «فيسبوك» إن «الذيل البريطاني يفكر مجددًا بأمر ما غير سليم؛ يريد هز الكلب».
كان ترامب قد قال، في تصريحات لصحيفة «وول ستريت جورنال»، إنه يجدر بالولايات المتحدة التوقف عن تقديم الدعم العسكري للمعارضة السورية التي وصفها بأنها جماعات «مجهولة» بالنسبة له تقاتل بشار الأسد بدعم أميركي، لافتا إلى أن «واشنطن ستصبح بهذا الشكل في مواجهة مباشرة مع روسيا التي لن تتخلى عن الأسد». ويرى ترامب أن الولايات المتحدة تقاتل النظام السوري «بينما هو يقاتل (داعش)»، في الوقت الذي «يجب أن تكون الأولوية لقتال التنظيم»، بحسب تعبيره.
تصريحات ترامب تلك كانت أيضًا محط اهتمام روسي واسع، ورأى بوشكوف أن «الضغط على ترامب بسبب خططه وقف تمويل المعارضة سيكون هائلاً، من داخل الولايات المتحدة وخارجها»، وأضاف: «إنني أرى كيف تجتمع شخصيات من النخب السياسية الأميركية، ليبحثوا وكؤوس الشراب في أيديهم كيف يحولون دون السماح لترامب بتنفيذ ما قرره».
ويرى مراقبون أن تصريحات ترامب، خلال الفترة الانتقالية، إن كانت تلك المتصلة بالأزمة السورية أو غيرها من تصريحات حول نيته إطلاق تعاون مع روسيا، هي تصريحات جديرة بالاهتمام في المرحلة الحالية، لكن قد لا يكون من الصواب، أو من المبكر على أقل تقدير، التعامل معها على أنها خطوط أساسية في نهج سياسة ترامب عندما يصبح سيدًا للبيت الأبيض، لافتين إلى أن تعديل نهج السياسة الأميركية في مسائل استراتيجية، مثل العلاقة مع روسيا أو التعاون معها في سوريا، قد يؤدي إلى تصاعد حدة الخلافات داخل مؤسسات السلطة الأميركية، لا سيما بين ترامب والبنتاغون، مما سيزيد من تعقيد الوضع الداخلي بالنسبة لترامب الذي ما زالت الاحتجاجات تعم المدن الأميركية رفضًا لتنصيبه رئيسًا جديدًا. وبحال أصر على المضي فيما أعلن عنه، فسيواجه معارضة قوية من مؤسسات السلطة الأميركية، لا سيما البنتاغون والاستخبارات. وسبق أن أعلن آشتون كارتر، وزير الدفاع الأميركي، عن رفضه دعوات ترامب حول التعاون مع روسيا في سوريا، وقال: «أنا لا أدعم هذا الأمر، ولا أنصح الرئيس بتوحيد الجهود أو التعاون مع روسيا قبل أن يبدأ الروس في التصرف بشكل صحيح».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».