وعد وزير الخارجية الأميركي جون كيري بعملية انتقال هادئة مع الإدارة الجديدة. وقال: «سنساعدهم قدر الإمكان.. من دون أن نغفل أي شاردة وواردة من القضايا الكبيرة التي نواجهها».
رغم الوعود بانتقال هادئ لكن يعتقد الكثير من المعلقين أن السياسة الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب تبقى قفزة كبيرة في المجهول، لأن التصريحات التي أدلى بها خلال حملته اتسمت بالغموض والفظاظة والتناقض. وهناك أسئلة كبيرة تثار حاليا حول ما يمكن تحقيقه أو تفاديه من الوعود التي قطعها ترامب على نفسه، مثل نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، التي لا يعترف العالم بها بأنها عاصمة إسرائيل الموحدة. ومباشرة بعد إعلان فوز ترامب ذكرته إسرائيل بتنفيذ وعده، وهذا سيكون صعبا جدا وتناقضا مع القانون الدولي.
لكن لقاءات الرئيس الجديد بالكثير من قادة العالم والسياسيين ستكون محرجة بعض الشيء، خصوصا أن الكثير منهم أدلى بتصريحات نابية سابقا ضده، والاعتقاد السائد أنها ستسبب نوعا من الإحراج للطرفين.
ومما يزيد الطين بلة أن الرئيس الخامس والأربعين لأول قوة عالمية قد قال في خطابه حول السياسة الخارجية في أبريل (نيسان) الماضي: «أريد أن أكون شخصا لا يمكن التنبؤ بمواقفه».
ويصنف خبراء دونالد ترامب الذي لا يعرف شيئا في السياسة، في خانة التيار الانعزالي، أحد تياري السياسة الخارجية السائدين منذ القرن التاسع عشر. وكان يمكن أن تكون هيلاري كلينتون في المقابل رئيسة تعتمد مزيدا من التدخل على المسرح الدولي.
وكان الباحث طوماس رايت من مركز بروكينغز يتخوف قبل الانتخابات من أن «تتخلى الولايات المتحدة إبان رئاسة ترامب عن دورها القيادي على الصعيد الدولي». وأضاف في مقالة نشرها الاثنين موقع هذا المركز البحثي «إذا ما انهارت هذه السياسة، لا يعرف أحد أين سينتهي ذلك، وقد تتوافر عندئذ الظروف لحرب كبيرة». ويقول دونالد ترامب إنه لم يعد في وسع الولايات المتحدة أن تكون شرطي العالم، وعليها أن تقلص مساعداتها الدولية.
وخلال الحملة التي استمرت 16 شهرا، وعد المرشح الجمهوري باعتماد سياسة مغايرة لسياسة باراك أوباما: المصالحة مع روسيا التي يتزعمها الرئيس فلاديمير بوتين، وإرسال عشرات آلاف الجنود إلى سوريا والعراق للقضاء على تنظيم داعش، وإعلان حرب تجارية على الصين، وإعادة النظر في مبادئ الحلف الأطلسي والاتفاقات الدولية حول المناخ والتبادل الحر والملف النووي الإيراني.
وامتدح دونالد ترامب مرارا صفات فلاديمير بوتين «القيادية»، متهما في الآن عينه باراك أوباما بأنه يفتقر إليها.
وكان بوتين الذي وصف أيضا ترامب بأنه «رجل لامع ويتمتع بمواهب كثيرة» أول من هنأه الأربعاء، معربا عن «أمله» في تحسين العلاقات الروسية - الأميركية التي بلغت أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة.
من جانبه، رأى الرئيس المقبل للولايات المتحدة مرات عدة أيضا أن من «المفيد» إقامة «علاقة جيدة جدا» مع زعيم الكرملين. لكنه لم يقدم تفاصيل عن الطريقة التي سيعتمدها لمصالحة واشنطن وموسكو.
هل تمهد هذه المصالحة الأميركية - الروسية لتعاون في سوريا ضد تنظيم داعش؟ لم يسهب المرشح ترامب في هذا الموضوع، لكنه قال في أكتوبر (تشرين الأول) 2015 إن الضربات الأولى التي قامت بها روسيا لدعم حليفها السوري «إيجابية».
بدل المرشح ترامب استراتيجيته المتعلقة بتنظيم داعش كثيرا. ففي سبتمبر (أيلول) 2015، دعا إلى «الانتظار». لكنه تعهد فجأة في مارس (آذار) الماضي «بالقضاء بالضربة القاضية على تنظيم داعش» من خلال إرسال «20 إلى 30 ألف» جندي أميركي إلى سوريا والعراق. وفي الشهر الماضي، أنب أيضا شريكه في اللائحة مايك بنس الذي طالب بشن غارات على دمشق.
أما فيما يتعلق بالهجوم على معاقل «الجهاديين» في الموصل بالعراق الذي تم التخطيط له طوال أشهر، فقال السبت خلال اجتماع في فلوريدا «لا نأبه بعنصر المفاجأة. ما هذه الحفنة من الفاشلين!».
وغالبا ما وصف دونالد ترامب خلال الحملة الصين بأنها «عدوة» أميركا واتهمها بأنها «تسرق» فرص عمل من بلاده، وبالتلاعب بعملتها، وهدد بحرب تجارية ضد هذه القوة العالمية الثانية. وفي أثناء التجربة النووية التي أجرتها كوريا الشمالية في يناير (كانون الثاني)، طالب الصين بممارسة ضغوط على حليفها الشيوعي، وإلا «فسنضطر إلى جعل المبادلات التجارية مع الصين بالغة الصعوبة».
وكان الرئيس الأميركي المنتخب الذي سيتسلم مقاليد الحكم في البيت الأبيض في 20 يناير 2017، تسبب بالذعر في الربيع الماضي على الجانب الآخر للمحيط الأطلسي بقوله إن الحلف الأطلسي «فقد جدواه»، ولفت إلى أن تدخل واشنطن إلى جانب حلفائها الأوروبيين إذا ما تعرضوا لعدوان روسي، رهن بالمساهمات المالية الأوروبية في ميزانية الحلف. وأطلق النوعية نفسها من التهديدات في شأن التحالفات العسكرية التاريخية للولايات المتحدة مع اليابان وكوريا الجنوبية.
ويرى ترامب أن الاحتباس الحراري ليس سوى «خدعة»، حتى إنه طرح «إلغاء» اتفاق باريس. ودفاعا عن الحمائية، هاجم اتفاق التبادل الحر بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (ألينا، 1994) والشراكة عبر المحيط الهادئ (2015) بين واشنطن و11 بلدا في آسيا - المحيط الهادئ.
السياسة الخارجية بين الشخصي والعام
كيف يتعامل قادة العالم مع ترامب بعد نعتهم له بصفات غير لائقة
السياسة الخارجية بين الشخصي والعام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة