الجيش الحر على مشارف «الباب» ويطلق المرحلة الثالثة من «درع الفرات»

ترجيحات بحسم المعركة خلال 10 أيام والتوجه إلى منبج

الجيش الحر على مشارف «الباب» ويطلق المرحلة الثالثة من «درع الفرات»
TT

الجيش الحر على مشارف «الباب» ويطلق المرحلة الثالثة من «درع الفرات»

الجيش الحر على مشارف «الباب» ويطلق المرحلة الثالثة من «درع الفرات»

وصل مقاتلو الجيش السوري الحر المدعومون من تركيا والمنضوون في عملية «درع الفرات»، في الساعات القليلة الماضية إلى مشارف مدينة الباب، أحد أبرز معاقل تنظيم «داعش» في شمال سوريا. وقد أتم التنظيم المتطرف استعداداته للمواجهة؛ فطوّق المدينة بخندق كبير وزرعها بالألغام، بحسب أحد القياديين العسكريين في المعارضة السورية الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن المعركة المرتقبة ستكون صعبة، إلا أنه سيتم حسمها خلال 10 أيام في حد أقصى.
وأشار مصطفى سيجري، القيادي في عملية «درع الفرات»، إلى أن مقاتلي المعارضة باتوا على بعد 7 كيلومترات من مدينة الباب، لافتا إلى أن ما أخّر تقدمهم هو «وجود عدد كبير من المدنيين في المنطقة، وقد دعوناهم للمغادرة سريعا». وقال سيجري لـ«الشرق الأوسط»: «نعلم أن المعركة لن تكون سهلة، خصوصا أن التنظيم يتمادى في استخدام المفخخات والانغماسيين، وقد أتم كل التجهيزات للتصدي لهجومنا، فطوّق المدينة بخندق كبير واستقدم نخبة من مقاتليه للدفاع عنها».
وأوضح سيجري أن «الدور التركي يقتصر حاليا على الدعم اللوجيستي وكذلك القصف بالطيران والمدفعية»، مؤكدا أنه «لا وجود لمقاتلين أكراد في عمليات الاقتحام والاشتباك مع عناصر التنظيم المتطرف، التي نتولاها نحن الجيش السوري الحر». وتحدث عن معلومات يتم تناقلها عن إمكانية إقدام «داعش» على «تسليم الباب لقوات النظام أو (قوات حماية الشعب) الكردية في حال أيقن أن المدينة ستكون ساقطة عسكريا لا محالة ليقطع الطريق على سيطرتنا عليها، وهو ما يندرج بإطار التنسيق بين التنظيم والقوات الكردية كما قوات النظام، الذي شهدنا عليه أكثر من مرة وفي أكثر من مكان».
من جهته، رجّح أبو حاتم شام، القيادي في «الجبهة الشامية» أن تنتهي المرحلة الثالثة من «درع الفرات» خلال أسبوع أو 10 أيام حدا أقصى، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّهم كانوا قد أعلنوا في وقت سابق مدينة الباب ومحيطها «منطقة عسكرية لحث المدنيين على النزوح عنها، بخاصة أننا ندرك أن المعركة المرتقبة لن تكون سهلة على الإطلاق».
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية أمس عن مصادر تأكيدها على سيطرة مقاتلي المعارضة أمس على قرى الشيخ علوان ومقالع البوشي والحدث، ليصبحوا على الأطراف الغربية لمدينة الباب. وأكدت المصادر أن مقاتلي الجيش الحر سيطروا أيضًا على قرى بتاجك وجودك وبازجي شمال مدينة الباب، وتشكل هذه القرى سهلاً ممتدًا باتجاه المدينة.
وقالت وكالة «آرا نيوز» إن فصائل المعارضة المسلحة واصلت تقدمها السريع على حساب تنظيم «داعش» في الريف الشمالي الشرقي لمحافظة حلب شمال سوريا، وسيطروا على مزيد من القرى المهمة في محيط مدينة الباب وسط انهيار كبير في صفوف التنظيم بعدة جبهات. وذكر صالح الزين، أحد القادة الميدانيين في صفوف المعارضة بريف حلب الشمالي، أن مقاتلي «درع الفرات» اقتربوا بشكل كبير من أطراف مدينة الباب الشمالية والغربية بعد هجومهم الأخير نحو مواقع تنظيم «داعش»، حيث تمكنوا من السيطرة على قرى الشيخ علوان ومقالع البوشي والحدث. وأشار الزين إلى أن مقاتلي المعارضة أصبحوا بهذا التقدم على مشارف مدينة الباب وذلك بعد تراجع عناصر تنظيم «داعش» وانهيار خطوطهم الدفاعية.
من جهتها، أعلنت رئاسة الأركان التركية أمس مقتل مسلحين اثنين من تنظيم «داعش» في اشتباكات مع قوات الجيش السوري الحر. ونشرت بيانا عن مستجدات عملية «درع الفرات» في يومها الـ79، أوضحت فيه سيطرة قوات الجيش السوري الحر على منطقة الشيخ علوان جنوب بلدة الراعي في الريف الشمالي بمحافظة حلب. وذكر البيان أن مسلحين اثنين من «داعش» قتلوا خلال اشتباكات مع قوات المعارضة، فيما قتل 4 من قوات الجيش الحر، إلى جانب إصابة 7 آخرين بجروح.
وأضاف البيان أن قوات المدفعية التركية قصفت 92 موقعا للتنظيم المتطرف، إلى جانب موقع واحد لعناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية. وأشارت رئاسة الأركان التركية إلى أن فرق الكشف عن المتفجرات، تمكنت من إبطال مفعول 6 قنابل يدوية زرعها عناصر «داعش» في المناطق التي تمت السيطرة عليها قبل مغادرتهم، فضلا عن رفع سيارة مفخخة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.