جاويش أوغلو: أنقرة تولي أهمية خاصة لـ«منبج»

«داعش» يستنفر في الرقة ويفخخ الطرقات لتأخير تقدم قوات «سوريا الديمقراطية»

سكان محليون من شمال الرقة السورية يهربون من المعارك الدائرة في قريتي الطويلة وحيدرات أول من أمس (رويترز)
سكان محليون من شمال الرقة السورية يهربون من المعارك الدائرة في قريتي الطويلة وحيدرات أول من أمس (رويترز)
TT

جاويش أوغلو: أنقرة تولي أهمية خاصة لـ«منبج»

سكان محليون من شمال الرقة السورية يهربون من المعارك الدائرة في قريتي الطويلة وحيدرات أول من أمس (رويترز)
سكان محليون من شمال الرقة السورية يهربون من المعارك الدائرة في قريتي الطويلة وحيدرات أول من أمس (رويترز)

أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن بلاده تولي أهمية خاصة لمدينة منبج غرب الفرات، مطالبا واشنطن بتنفيذ وعودها السابقة بسحب ما تبقى من عناصر وحدات حماية الشعب الكردية داخل المدينة. في الوقت الذي تستمر فيه الاشتباكات العنيفة بين «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة بطائرات التحالف الدولي وتنظيم داعش، على أكثر من محور بالريف الشمالي لمدينة الرقة الواقعة شمال سوريا، في إطار المرحلة الأولى من المعركة.
وقال جاويش أوغلو في عرض أمام الجلسة العامة للبرلمان التركي حول التطورات في العراق وسوريا، ليل الثلاثاء - الأربعاء، إن وجهات النظر داخل قوات التحالف الدولي كانت مختلفة والدول التي كانت تقول بأنه يمكن النزول إلى منبج من الشمال خلال شهرين، فوجئوا عندما رأوا عناصر الجيش السوري الحر المدعومة من تركيا وهو تنزل إليها خلال 48 ساعة في إطار عملية درع الفرات.
وتابع: «نقول منذ أعوام بأن العمليات الجوية غير كافية لدحر داعش من سوريا والعراق، ولا بد من شن عملية برية ضده، وبإمكاننا دعم القوات المحلية عبر قواتنا الخاصة».
وأعلنت أنقرة منذ أيام وعقب انطلاق عمليات لتطويق مدينة الرقة معقل «داعش» في شمال سوريا، الأحد الماضي من خلال قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من أميركا، إن أولويتها حاليا هي منبج.
وقال جاويش أوغلو إن بلاده عارضت دخول عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري وذراعه المسلح وحدات حماية الشعب الكردية إلى منبج، لافتا إلى أن المدينة لا يزال بها 200 من هذه العناصر. وطالب الولايات المتحدة بأن تفي بوعودها التي قطعتها لتركيا حول سحب هذه العناصر إلى شرق الفرات، قائلا: «نعلم الآن أن نحو 200 من عناصر الاتحاد الديمقراطي الذي تصنفه أنقرة تنظيما إرهابيا ما زالوا غرب الفرات، ونقول لنظرائنا الأميركيين أنتم وعدتمونا فأوفوا بوعودكم، تفقدون مصداقيتكم بهذا الشكل.. إما أنكم لا تستطيعون تنفيذ أوامركم أو لا ترغبون في خروجهم ولا يوجد هناك خيار آخر».
في هذه الأثناء، تستمر الاشتباكات العنيفة بين «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة بطائرات التحالف الدولي وتنظيم داعش على أكثر من محور بالريف الشمالي لمدينة الرقة الواقعة شمال سوريا، بإطار المرحلة الأولى من المعركة التي تهدف من خلالها القوات المذكورة إلى عزل المدينة تمهيدا لاقتحامها وطرد عناصر التنظيم المتطرف منها. وفيما تحدثت المعلومات عن «استنفار شديد من قبل «داعش» في محاولة لتحصين محيط المدينة وتفخيخ معظم الطرقات في محاولة لتأخير تقدم قوات سوريا الديمقراطية»، قال أحد الناشطين المعنيين بشؤون المدينة، وهو أحد أبنائها، لـ«الشرق الأوسط»، إن عناصر التنظيم ينادون في المساجد كما من خلال مكبرات صوت تحملها سيارات تابعة لجهاز «الحسبة» إلى الجهاد، لافتا إلى أن المدنيين الذين يتجاوز عددهم 400 ألف داخل المدينة محاصرون ولا يستطيعون النزوح كما يفعل سكان ريف الرقة، لأن كل الطرق مغلقة في وجههم، كما أن التنظيم يتخذهم دروعا بشرية مع انطلاق المعركة الشرسة بوجهه.
وتحدث المرصد السوري لحقوق الإنسان عن «اشتباكات في محيط منطقة خنيز في ريف الرقة»، مشيرا إلى «حركة نزوح واسعة تشهدها القرية، نتيجة قصفها من قبل قوات سوريا الديمقراطية وطائرات التحالف». وقال المرصد إن ضربة جوية للتحالف الدولي على قرية الهيشة الواقعة تحت سيطرة عناصر «داعش» في ريف الرقة الشمالي، تسببت بمقتل عشرين مدنيا على الأقل، مشيرا إلى أنه من بين القتلى «طفلتين وتسع نساء»، مشيرا إلى إصابة 32 مدنيا آخرين بجروح.
وقال الناطق باسم التحالف الكولونيل جون دوريان لوكالة «الصحافة الفرنسية» إنه «بعد تقييم أولي لبيانات الضربات مقارنة مع تاريخ ومكان حصيلة القتلى المفترضة، يؤكد التحالف تنفيذه ضربات في المنطقة». لكنه أكد الحاجة إلى «مزيد من المعلومات الدقيقة لتحديد المسؤوليات بشكل قاطع»، موضحا أن «التحالف يأخذ كل المزاعم حول سقوط مدنيين على محمل الجد وسيواصل التحقيق لتحديد الوقائع بناء على المعلومات المتوفرة».
من جهتها، نفت جيهان شيخ أحمد، المتحدثة باسم عملية «غضب الفرات»، حصيلة القتلى في صفوف المدنيين. وقالت: «لا يوجد شيء من هذا القبيل، وأي ادعاءات كهذه أخبار داعشية».
وقال سكان فروا من الهيشة خلال توجههم إلى مدينة عين عيسى، إن التنظيم أحضر أسلحة وقذائف إلى القرية. وقالت سعدى عبود (45 عاما): «أحضر الدواعش القذائف وتمركزوا في قريتنا حتى يضربنا الطيران ويقتلونا»، مضيفة: «لم يسمحوا لنا بالمغادرة، لكننا هربنا وصرنا نركض في العراء، لا سيما الأطفال والنساء».
وأعلنت حملة «غضب الفرات» الأربعاء أنها «حققت تقدما ملحوظا» منذ بدء الهجوم، مشيرة إلى «تحرير الكثير من القرى والمزارع بعد اشتباكات عنيفة مع إرهابيي داعش الذين يحاولون الوقوف أمام هجماتنا باعتمادهم على السيارات المفخخة في محاولة يائسة لصد تقدم قواتنا». وذكر المتحدث الإعلامي باسم الإدارة الذاتية الكردية إبراهيم إبراهيم أنه «تم تحرير 25 قرية ومزرعة على الأقل منذ بدء الهجوم على الرقة»، موضحا أن «أقرب نقطة توجد فيها قوات سوريا الديمقراطية حاليا تقع على بعد 35 كيلومترا عن مدينة الرقة».
ونقلت وكالة «آرا نيوز» عن الناشط الإعلامي عبد الكريم اليوسف أن «قرية الهيشة شهدت حركة نزوح جماعي لمعظم العائلات بعد وقوع مجزرة، راح ضحيتها قرابة 25 شخصًا وإصابة عدد آخر، كما شهدت بلدة عين عيسى وجنوب بلدة سلوك حركة نزوح جماعي بسبب كثافة القصف الجوي الذي تشنه طائرات التحالف الدولي، فيما قتل أحد القادة العسكريين في التنظيم وهو مغربي الجنسية ويلقب بأبو حفصة المغربي، إثر استهداف سيارته مع مرافقه على إحدى الطرق شمال شرقي الرقة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».