البنك الدولي يقر برنامجًا عاجلاً لليمن بقيمة 400 مليون دولار

الوزير الميتمي: الخطوة تعد انتصارًا للحكومة ولها نفع كبير على اليمنيين

وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني محمد الميتمي
وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني محمد الميتمي
TT

البنك الدولي يقر برنامجًا عاجلاً لليمن بقيمة 400 مليون دولار

وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني محمد الميتمي
وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني محمد الميتمي

علمت «الشرق الأوسط» أن البنك الدولي وافق على إطلاق محفظة مالية للتدخل العاجل والسريع في اليمن بقيمة 400 مليون دولار لتوفير الغذاء والدواء والاحتياجات الضرورية للسكان، الذين بات نحو 80 في المائة منهم يعانون شبح المجاعة في هذا البلد الفقير الواقع جنوب الجزيرة العربية.
وبحسب الدكتور محمد الميتمي وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني، اعتمد البنك الدولي، ولأول مرة في تاريخه، وثيقة جديدة للتدخل في اليمن لم يطبقها البنك منذ إنشائه عام 1945 على حد قول الوزير. وأضاف الوزير لـ«الشرق الأوسط»: «خرجنا بوثيقة تاريخية مع البنك الدولي بعد نقاشات ومفاوضات طويلة بين وزارة التخطيط والتعاون الدولي مع فريق خبراء البنك الدولي تمخض عنها وثيقة اسمها وثيقة التدخل القطري، يمضي البنك الدولي بموجبها في اليمن بمقاربة جديدة لم تكن معهودة في مقاربات البنك الدولي مع أي دولة في العالم».
وتتلخص الوثيقة - وفقًا للميتمي - في تدخل البنك الدولي مباشرة في صلب القضايا التنموية التي تؤمن السلم والرخاء والازدهار في اليمن، مشيرًا إلى أن نجاح هذه المقاربة سوف يعمم على بقية دول العالم التي تعاني الصراعات. وتابع الميتمي بأن «الوثيقة تمخض عنها إطلاق البنك الدولي لـ400 مليون دولار للبرامج العاجلة في اليمن. كما تعلمون البنك أوقف برنامجه في اليمن منذ مارس (آذار) 2015 كما فعل في الكثير من دول العالم الأخرى التي تشهد صراعات مثل سوريا وليبيا وغيرهما، وبعد الكثير من الحوارات وإعلان هذه الوثيقة تم إطلاق هذه المحفظة المالية لبرنامج أطلق عليه عمليات الطوارئ العاجلة، وهذا يعد إنجازا للحكومة اليمنية وتعاونها مع البناء مع البنك الدولي».
ولفت وزير التخطيط والتعاون الدولي إلى أن إطلاق هذه المحفظة المالية سيعود بالفائدة الكبيرة على المواطنين اليمنيين الذين يعانون بشدة جراء الصراع القائم وهم في أمس الحاجة للعون في الوقت الراهن. وقال: «بعض المناطق في اليمن دخلت للمرحلة الخامسة للطوارئ وفقًا للأمم المتحدة، ويعني ذلك المجاعة، تحرك البنك في هذه اللحظة الحرجة إنجاز للحكومة اليمنية وعائد كبير لليمنيين».
وأوضح الدكتور الميتمي أنه التقى أيضًا مع الاتحاد الأوروبي وتوصل معهم إلى إطلاق برنامج عاجل في اليمن بقيمة تقارب 40 مليون دولار، يشمل أربع محافظات يمنية في حاجة ماسة للتدخل، هي أبين، ولحج، والحديدة، وحجة. وفي معرض تفسيره للمقاربة الجديدة التي سيعتمدها البنك الدولي في اليمن، أفاد الوزير بأن هذه المقاربة تدور حول الصراعات وكيفية القضاء على جذورها، وأردف: «إذا ما تحدثنا عن الإقصاء والتهميش الاجتماعي كأحد عناصر الصراع في الكثير من البلدان، سيعمل البنك مع اليمن على التخلص من منظومة الإقصاء التي تدفع إلى هذه الصراعات، وهو ما يعني أن برامج التنمية التي كانت متحيزة بطلب من الحكومات لإقصاء مجتمعات أو جغرافيا أو أطراف، البنك الدولي من خلال برامجه سيعمل على القضاء عليها، وأن تكون التنمية قائمة على العدالة».
وتوقع الميتمي أن يتم إطلاق المحفظة المالية من البنك الدولي خلال أشهر قليلة، لافتًا إلى أنها كانت مخصصة لبرامج متوسطة أو بعيدة المدى، مثل طرق سريعة وغيرها، لكن اليمنيين حاليًا يحتاجون لتدخل سريع لإنقاذ مئات الآلاف من الناس الذين يحيق بهم الموت بسبب المجاعة بحسب تعبير الوزير. وتابع: «سنعمل على محاصرة نقص الغذاء، وتأمين بنية صحية سليمة، ورغم أن المبلغ من مؤسسة واحدة أمر إيجابي جدًا، لكن أمام حجم السكان 27 مليون نسمة فهو لا يكفي، كما أن نصف السكان يعانون الأمن الغذائي الخطر، عليه المبلغ لا يفي بالغرض ولذلك أطلقت نداء للمجتمع الدولي الإقليمي بسرعة الاستجابة الطارئة لاحتياجاتنا في اليمن».



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».