رفض إسرائيلي نهائي لمبادرة فرنسا للتسوية مع الفلسطينيين

باريس تتمسك بمؤتمرها الدولي للسلام وتل أبيب تفضل المفاوضات برعاية أميركية

رفض إسرائيلي نهائي لمبادرة فرنسا للتسوية مع الفلسطينيين
TT

رفض إسرائيلي نهائي لمبادرة فرنسا للتسوية مع الفلسطينيين

رفض إسرائيلي نهائي لمبادرة فرنسا للتسوية مع الفلسطينيين

أبلغت إسرائيل الحكومة الفرنسية بشكل رسمي وقاطع رفضها المبادرة الفرنسية، أو المشاركة في مؤتمر باريس الدولي لتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وقالت إنها تفضل مسار المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيين، برعاية الإدارة الأميركية. بل طلبت من فرنسا إبطال مبادرتها.
وقد أبلغ هذا الموقف خلال اللقاء الذي جرى، أمس، في مقر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بين القائم بأعمال رئيس هيئة الأمن القومي، العميد احتياط يعقوب ناجيل، والمبعوث الدبلوماسي لرئيس الوزراء والمستشار السياسي والشخصي لبنيامين نتنياهو، المحامي يتسحاق مولخو، وبين المبعوث الفرنسي لعملية السلام في الشرق الأوسط، بيير فيمون.
وحسب بيان صادر عن مكتب نتنياهو، فإن فيمون، حاول مجددًا شرح أهمية دفع المبادرة الفرنسية والمؤتمر الدولي، الذي سيعقد في باريس في نهاية الشهر المقبل. لكن ناجيل ومولخو «أوضحا أمامه بشكل صريح وقاطع لا لبس فيه، الموقف الإسرائيلي القائل بأن الدفع الحقيقي لعملية السلام والتوصل إلى اتفاق سلام سيتحققان فقط من خلال التفاوض المباشر بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وأي مبادرة أخرى تبعد المنطقة أكثر عن تحقيق تلك العملية السلمية». وأكدا للمبعوث الفرنسي أن إسرائيل لن تشارك في أي مؤتمر دولي سيعقد خلافًا لموقفها. وأضافا أن «القيام بدفع عقد مثل هذا المؤتمر سيلحق ضررا كبيرا بإمكانية دفع عملية السلام قدمًا؛ لأن هذا سيمكّن أبو مازن (محمود عباس) والسلطة الفلسطينية باتخاذ قرار حول الدخول في مفاوضات مباشرة من دون شروط مسبقة، فيما إسرائيل متأكدة بأن فرنسا تتوقع منها أنها لا تدفع مؤتمرا أو عملية سياسية بشكل يتناقض مع الموقف الإسرائيلي الرسمي».
وكان الموفد الفرنسي لعملية السلام الإسرائيلية - الفلسطينية، فيمون، قد استبق هذا اللقاء بالقول إن بلاده تصر على دفع مبادرتها لعقد مؤتمر دولي للسلام حتى نهاية السنة الحالية. وقال فيمون إن مشاركة إسرائيل في المؤتمر ستعرض التزامها بحل الدولتين، مضيفًا أنه سيسافر إلى الولايات المتحدة فور انتهاء الانتخابات الرئاسية من أجل تنسيق الخطوات المطلوبة مع الإدارة الحالية قبل انتهاء ولايتها.
وقال فيمون، خلال مشاركته في مؤتمر لمركز ماكرو للاقتصاد والسياسة ومعهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب، إن «هدف المبادرة هو توفير فرصة لتجديد الالتزام بحل الدولتين. الواقع هو أن حل الدولتين يختفي تدريجيا، وسيختفي بهدوء دون أن يستبدله أي حل آخر». وأشار الموفد الفرنسي إلى أن استمرار الوضع الراهن يعني إلغاء حل الدولتين، مضيفًا: «نحن نريد الإبقاء على حل الدولتين حيا ونابضا، ولذلك فإننا نواصل العمل ضد استمرار الوضع الراهن».
يشار إلى أن زيارة فيمون هذه هي الأولى منذ انعقاد لقاء وزراء الخارجية في يونيو (حزيران) الماضي، في باريس، كجزء من المبادرة الفرنسية. ورغب فيمون بالوصول إلى إسرائيل عدة مرات مؤخرًا، لكنه تم رفض طلبه مرارًا من قبل ديوان رئيس الحكومة ووزارة الخارجية بادعاء ضغط الوقت. ومنذ انعقاد اجتماع وزراء الخارجية في باريس، عقد فيمون سلسلة من لقاءات التنسيق مع الأميركيين والروس وممثلي الدول العربية، كما قاد عدة لقاءات لمجموعات العمل التي عملت على صياغة صفقة محفزات اقتصادية لإسرائيل والفلسطينيين كجزء من انعقاد المؤتمر الدولي، وقد توجه فيمون مساء أمس إلى رام الله ليلتقي الرئيس الفلسطيني ودائرة المفاوضات في منظمة التحرير.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».